. السر السيد يكتب : إضاءة خافتة حول المسرحي مصطفى أحمد الخليفة (1ـ2)

2 ابريل 2022م

في اليوم العالمي للمسرح 27 مارس، حيث تُضاء المسارح في كل أنحاء العالم، حيث يحتفل المسرحيون ويتأمّلون تجاربهم ويُجدِّدون ولاءهم لأن يكون المسرح حيّاً ومستمراً وحقيقياً، رأيت أن أحاول في هذا اليوم تقديم أحد أبرز نَاشطي حركة المَسرح السُّوداني خاصةً في حقبة الثمانينات وحتى الآن، ناشطاً في مجالات التأليف والتمثيل والإخراج.

مصطفى أحمد الخليفة صنع لنفسه موقعاً متميزاً في مسيرة المسرح السوداني، فهو من قلة من المؤلفين لاقت مسرحياتهم نجاحاً جماهيرياً كبيراً، ومن قِلّة من المُؤلِّفين تواصلت مسيرتهم دون انقطاع يذكر، فمصطفى الذي ألّف عدداً من المسرحيات التي يُمكن أن تسمى جماهيرية، والتي عرضت في أكبر مسارح الخرطوم، ومسارح مُدن السُّودان المُختلفة، قد انفرد بعدد من الخصائص والتي يُمكن إجمالها في:

  1. ما يمكن أن نسميه بالمسرح السياسي، فمسرحياته خاصّة الطويلة منها جميعها اتخذت من السلطة وعلاقتها بالوطن والمواطن موضوعاً لها.
  2. اتكاؤه على نصوص لكتاب آخرين وإعدادها وسودنتها، مع ملاحظة أن له مسرحيات أخرى قام هو بتأليفها.
  3. ارتباطه خاصة في مسرحياته الطويلة بمخرج واحد هو محمد نعيم سعد، وفريق ممثلين محددين قوامهم فرقة الأصدقاء.
  4. عند مقارنته بأبناء جيله نجد أنّ أعماله هي الأكثر جماهيرياً، فمسرحية المهرج، ومسرحية حبظلم بظاظا ومسرحية حفلة على الخازوق ومسرحية بيان رقم واحد، ومسرحية دش ملك تعد من المسرحيات السودانية التي استمرّت فترات طويلة في عروضها، كما أنها لاقت قبولاً جماهيرياً كبيراً.

من موقعي الخاص ومن خلال ما شاهدت له من مسرحيات، ومن خلال ما دار بيننا من حوارات استطيع أن أقول إن مصطفى كان دائماً يسعى لأن يكون لمسرحه دور في إعادة طرح الأسئلة الوجودية والاجتماعية، باستخدام أبسط الطرق لذلك كان مسرحه مرتبطاً بصناعة الضحك وقادراً على الفضح، وعندما أقول مسرحه فأني أعني هذا لأن البعض أحياناً يشكك في أصالة التأليف الذي يقوم على إعادة كتابة نص أصلاً كان مكتوباً أو التدخل فيه، وبالطبع هذا التشكيك لا قيمة له في مجالات العلوم التي تبحث عن ماهية الكتابة ومشروعية النصوص، فأخطر الأعمال في المسرح العالمي نجد انها إما مقتبسة أو نصٌ أعيدت كتابته، لذلك عندما أقول مسرحه فإنني أعني هذا.

يقول مصطفى أحمد الخليفة عن كيف يرى المسرح:

(المسرح – الدراما فنٌ نبيلٌ ابتدعه الإنسان لخلق عالم مُوازٍ يفكك فيه عالمه الحياتي، ويطرح من خلاله تلك الأسئلة الصعبة، لذلك ارتبط هذا الفن في نشأته بالدين والأساطير والأسئلة الوجودية الكبيرة كسؤال الموت والحياة، ولذلك لم يكن غريباً أن ترد أسماء فلاسفة عظام في التاريخ الإنساني ارتبطوا بهذا الفن بصورة ما، أمثال أرسطو ولم يكن غريباً أيضاً أن يستمر هذا الأثر للدراما على مَرّ العصور، وتصبح فناً إنسانياً يتشاركه كل الناس ويدخلونه في همومهم من أجل التغيير وتمكين ثقافة الخير والحق والجمال).

هنا يعبر مصطفى عن هم خاص وهو كيف يعبر الكاتب عن ثقافته وينتقل بها من المحلية إلى العالمية، وفي هذا يقول: (إن الكاتب الذي لا يعرف ثقافة مجتمعه واللحظة التاريخية التي يعيشها مُجتمعه لا يُمكن أن يبدع دراما أو مسرحا يخاطب الإنسان العالمي ويلامس فيه الأسئلة الكبرى وينتج مسرحاً لديه مقومات الخلود)، ويضرب مثلاً بالظرف الذي أثّر على الكتابة المسرحية في السودان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى