تعديل اتفاق جوبا.. مخاوف مشروعة
الخرطوم: صلاح مختار 29مارس2022م
رحّبت الجبهة الثورية بأي تعديل على الوثيقة الدستورية شريطة ألا تمس اتفاق سلام جوبا. وذكر البيان الختامي لمؤتمر الجبهة الذي انعقد بالدمازين أمس الأول أن الأزمة الحالية بسبب غياب المشروع الوطني، وان المخرج يكمن في التوافق حول ثوابت تتوافق عليها القوى السياسية.
التوافق السياسي
ويرى القائد بالتحالف السوداني والناطق الرسمي أحمد عيسى تغيير، ان بيان الجبهة الثورية واضح في استيعابهم لأهمية التوافق السياسي وضرورة الشراكة بين المكونين المدني والعسكري، وبالتالي أغلقت الجبهة الثورية الباب أمام اللاءات الثلاثة التي يطلقها البعض الآن، وقال لـ(الصيحة) إن بيان الجبهة يعني القبول بإجراءات الخامس والعشرين من اكتوبر من العام الماضي وإمكانية تعديل الوثيقة الدستورية بشرط عدم المساس باتفاقية جوبا للسلام، واكد ان اتفاقية السلام لديها شركاء اقليميون ودوليون معنيون بقضايا الشعب واستحقاقات النازحين واللاجئين، بجانب الترتيبات الأمنية التي بدأت الآن بتجميع قوات الحركات في المعسكرات، وبالتالي اي مساس بالاتفاقية يعني انهيارها الاتفاقية وانهيار السودان. وقال لذلك فإن المحافظة على الاتفاقية بمثابة المحافظة على السودان وأرضه وشعبه وأمنه وسلامته. وأبان أن التشديد في المحافظة على عدم المساس بالاتفاقية لان فيها ضمانات للنازحين واللاجئين.
ليست مغلقة
أكد تغيير أن اتفاقية سلام جوبا لا تمنع من انضمام اي حركة من الحركات المسلحة, لأنها ليست مغلقة. وقال ان الجبهة الثورية رحّبت بانضمام كل الحركات، لكن حركة عبد الواحد نور وحركة عبد العزيز الحلو غير مقتنعتين بالاتفاقية ولدى كل واحدة منهما رؤى وتصور لعملية السلام في السودان, وغير مقتنعتين بالوضع الحاصل في السودان. وهذا شأنهما, ولكن الجبهة الثورية انتقلت الى مربع جديد يتيح لها العمل على إيجاد توافق كامل للمشكلة السودانية واستصحاب المتغيِّرات الإقليمية والدولية.
تعديل
يتصوّر المحلل السياسي د. أبو بكر آدم ان الحديث عن تعديل الوثيقة الدستورية قد لا يختلف بشأنه الناس، خاصة أنها عُدِّلت من قبل مرة واثنتين, ولكن ان يستصحب ذلك تعديل في اتفاق السلام، فإن الأمر يحتاج الى وقفة وإعادة نظر, وقال لـ(الصيحة) كثير من الحركات المسلحة لن ترضى بذلك حتى وإن جاءت بالحركات التي لم توقع، فإن فتح الاتفاق او تعديله يعني العودة بها الى مربع الاقتتال وهو الأمر الذي لا ترغب فيه غالبية الحركات التي وقعت على الاتفاق عدا غير الموقعين مثل الحركة الشعبية جناح عبد الواحد نور وحركة جيش تحرير السودان جناح عبد العزيز الحلو، وترى الحركات أنه لا مانع من التوقيع معها في ظل اتفاق جوبا وهو أمرٌ ترفضه حركتا عبد الواحد والحلو ،ورأى ان اتفاق السلام يمكن الإضافة عليه وليس تعديله او إلغاءه، لجهة ظهور بعض العيوب في الاتفاق بسبب المسارات، حيث طالب البعض بإلغاء مسار الشرق, ومع تصاعد الأحداث في الإقليم قامت الحكومة بتجميده، وقال هي نفس المشكلة في بقية الولايات بسبب اتفاق السلام الذي اعتمد المسارات وسيلة لحل المشكلة.
تعثر المشهد
ويرى مراقبون أن تأييد أطراف باتفاقية جوبا إجراءات قائد الجيش خصم الكثير من رصيدها السياسي. ولذلك تتعاظم المخاوف من انهيار اتفاق السلام نفسه الموقع بين الحكومة والجبهة الثورية. وذكروا أن أطراف اتفاق السلام يُواجهون انقسامات داخلية حادة لم يطفُ غالبها على السطح بعد، خاصة بعد اجراءات البرهان وهو ما أشار إليه صراحة ياسر عرمان نائب رئيس الحركة الشعبية في حديثه للجزيرة حين قال إن الحفاظ على اتفاق السلام “يستوجب العودة إلى الحكم المدني الديمقراطي”. ولكن من وجهة نظر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور راشد محمد علي الشيخ، فإنّ التحدي الأكبر أمام اتفاق السلام هو تمويل عملية تنفيذ برامجه واستحقاقاته، لأنّ معظم المهددات مادية تستلزم توفير 18 مليار دولار وفقا لما جاء في نص الاتفاق لإطلاق مشروعات التنمية وغيرها، مما يساعد على تثبيت دعائم السلام في المناطق المتأثرة بالحرب ويؤكد الشيخ للجزيرة نت أن التنفيذ صاحبته إخفاقات يتحمّلها الوسيط – دولة جنوب السودان – بمخاطبة الضامنين للاتفاقية من شركاء المجتمع الدولي لتوفير الأموال المطلوبة. ومع ذلك يتحدّث الشيخ عن إخفاقات كلية يتحمّلها كل شركاء التغيير في السودان، الذين – كما يقول – أخفقوا في إدارة الدولة ولم يستطيعوا قط النظر إلى ما وراء النظام السابق.