على خلفية مُهاتفة وزيرة الخارجية الأمريكية الوصول إلى توافق سياسي.. الرهان القريب البعيد

 

الخرطوم : صلاح مختار         10مايو 2022م 

أكّدت المسؤولة الأمريكية وزيرة الخارجية للشؤون الأفريقية مولي في، التي هاتفت رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، التزام بلادها بدعم عملية الانتقال في السودان وإعادة الدعم حال تحقيق التوافق واستكمال عملية الانتقال.

ولكن قضية التوافق السياسي الداخلي في السودان يصفها البعض بأنها من سابع المُستحيلات، وبالتالي يرى البعض أن رهان أمريكا مُعاودة المُساعدات بالتوافق الذي يتم كأنما تضع شرطاً تعجيزياً أمام السُّودانيين كي لا تُساعدهم على تجاوز الأزمة السِّياسيَّة، ولكن في المُقابل نظر إلى حديث مولي من زاوية التحفيز السياسي وليس تطبيقاً لنظرية العصا والجزرة حتى تدفع السودانيين لانتهاز الفرصة والتوافق.

 

فوق الخلافات

سبق أن دعا رئيس مجلس السيادة البرهان، الأحزاب السياسية ولجان المقاومة، إلى “التسامي فوق الخلافات والوحدة والاتفاق من أجل مصالح السودان وشعبه”. وقال في خطاب بمناسبة عيد الفطر: “الخُطى تعثرت وتباعدت المواقف، وأصبحنا في حالة من التجاذُب والتنافُر وعدم قبول الآخر، وأكد البرهان التزام الحكومة الكامل بعملية الحوار السياسي للتوصل إلى توافق بشأن إدارة الفترة الانتقالية المتبقية (تنتهي مطلع 2024). كما شدّد على ضرورة توافق السودانيين على صيغة لإدارة الفترة الانتقالية المتبقية من خلال حوار شامل يهدف التوصل إلى رؤية مُشتركة لإنجاح الفترة الانتقالية – حسب البيان ذاته.

 

خارج الأطر

في منحىً آخر، أكد البرهان، الاستعداد لتسليم السلطة في حال حدث التوافق السياسي في بلاده، مشدداً على الاستعداد للحوار مع القوى السياسية والشبابية والثورية من أجل الوصول إلى التوافق.

وقال البرهان في حوار مع التلفزيون، إنه متى ما حدث توافق وطني أو أُجريت الانتخابات سأكون والمؤسسة العسكرية خارج الأُطر السياسية، موضحاً أنّه لا يُريد أن يحكم السودان إطلاقاً ولا يريد للمؤسسة العسكرية أن تحكم السودان، لافتاً إلى أنه إذا توافق الشعب السوداني على شيء لن ترفضه القوات المسلحة، وإذا حدث تفويضٌ لأي جهة عن طريق الانتخابات، القوات المسلحة ستكون هي أول المنصاعين لهذا التفويض. وكانت الولايات المتحدة الامريكية أكدت أنها لن تستأنف مُساعداتها للسودان إلّا بعودة الحكومة المدنية، وقالت إنها تدرس محاسبة المسؤولين عن تعطيل العملية السياسية في السودان، بحسب بيان للسفارة الأمريكية، نشر خلال زيارة مبعوثين أمريكيين بارزين للخرطوم في وقت سابق.

 

رابع المُستحيلات

شعر المحلل السياسي والدبلوماسي السابق السفير الطريفي كرمنو بأن قضية التوافق السياسي بين القِوى السياسيّة السودانيّة من سابع المستحيلات ربما قرأ ذلك من الواقع الماثل أمامه وما يجري في الأرض. وقال لـ(الصيحة) لن يحصل توافقٌ خَاصّةً خلال الفترة الانتقالية ولفترة طويلة بسبب عدم توافق السودانيين خَاصّةً نظرة البعض تجاه اللجنة الثلاثية، البعض يرى انها إقصائية، غير أنه رأي ليس بالإمكان إرضاء الجميع، وبالتالي لن يحدث توافقٌ على الإطلاق، ولكن بالإمكان الوصول إلى نقطة تجمُّع الأغلبية في تجاه تشكيل الحكومة والأقلية في المُعارضة، واعتبر كرمنو عملية التوافق ناحية دينية وأن الأنبياء لم يتوافقوا على شطر الإنسان، ولذلك اللجنة الثلاثية لن تتّفق عليها، ونرى العدد الأكبر يُمكن أن يشكل الحكومة، أما الأقلية يمكن أن تكون في المعارضة ويستمر ذلك حتى الانتخابات.

 

حد أدنى

ودعا كرمنو إلى تقليص الأحزاب السياسية الى حد ادنى، وأعاب عليها العدد الكبير منها في الساحة، وطالب باشتراط (5) آلاف لتكوين الحزب، وقال إنّ  الذين يرفعون اللاءات الثلاثة لا يمكن الوصول إلى توافق معهم،  وأضاف أنّ أي إقصاء لأي قوى سياسية سيبعد التوافق، وأشار إلى حديث البرهان الذي قال إنه لن يتنازل عن الحكم إلا عن طريق التوافق السياسي، لأن غياب أي طرف لا يسمح بالوصول إلى وفاق، ولكن في النهاية أمريكا تقف مع الشطر الأقوى وتعمل لصالح مصالحها، ولذلك بالباطن تؤيد الحكومة العسكرية، وأضاف حتى سفك الدماء الذي يسيل خلال التظاهرات يجب أن يقف بالتوافق، ورأي أنّ واحدة من المشاكل السياسية العدد الكبير للقوى السياسية، ولذلك من المُستحيل الوصول معهم إلى وفاقٍ، ولذلك يصبح الوفاق من رابع المستحيلات.

 

خطابٌ مُتكرِّرٌ

ويرى المحلل السياسي، القيادي بالمؤتمر الشعبي عبد العال مكين أنه من الصعب خلال الفترة الحالية وصول القوى السياسية إلى توافق سياسي، ولفت إلى أن هناك خطاباً مُتكرِّراً من البرهان يشترط توافق القوى السياسية كي يسلم السُّلطة للمدنيين ويدعمون الحوار، وبالتالي ما قالته أمريكا الآن ربما يكون من باب التحفيز للقوى السياسية للخروج من الأزمة السياسية أو فرض الوصاية أو الضغط عبر الآلية الثلاثية للوصول إلى وفاقٍ، وقال لـ(الصيحة) على القوى السياسية أن تنتبه إلى مآلات الفترة الحالية من تشتت وتشظٍ وسيولة سياسية وأمنية إذا لم تتداركها سوف تدخل في صراعاتٍ قبليّةٍ ومُواجهات عسكرية بين الأطراف المُختلفة، ولذلك كي نصل إلى نقطة التوافق السياسي لا بد من تقديم التنازلات، وأبان أنّ المُبادرات التي سلمت إلى رئيس البعثة الأممية بالسودان فولكر لا تستطيع تقديم الحلول، لأن الأحزاب ليست على قلب رجل واحد، ولذلك بدون الحوار لا يمكن الوصول إلى توافق، وبالتالي لا بد من جمع المبادرات ومن ثَمّ الخُرُوج برؤية واحدة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى