مباحثات عسكرية سودانية مصرية.. تطابق الرؤى ووجهات النظر 

 

تقرير: صلاح مختار       18مارس2022م 

التأمت بالقاهرة مباحثات عسكرية جمع رئيس هيئة الأركان للقوات المسلحة السودانية الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين الحسن، والوفد المرافق له، بالفريق أسامة عسكر، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، ضمن فعاليات الاجتماع الثامن للجنة العسكرية السودانية المصرية والتي عُقدت بالقاهرة، حيث أُجريت لسيادته مراسم استقبال رسمية واستعراض حرس الشرف بمقر الأمانة العامة لوزارة الدفاع المصرية وعزف السلام الوطني للدولتين الشقيقتين. وبحث اللقاء عدداً من القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وآفاق التعاون بين البلدين الشقيقين. وعقب اللقاء، انعقدت الجلسة الختامية للاجتماع الثامن للجنة العسكرية المشتركة السودانية المصرية برئاسة رئيسي الأركان السوداني والمصري، حيث ركّزت المباحثات على  دعم علاقات التعاون العسكري ونقل وتبادل الخبرات بين القوات المسلحة لكلا البلدين.

من جانبه، أكد الفريق، أسامة عسكر، تطابق الرؤى ووجهات النظر  لكلا الجانبين، مُعرباً عن تطلعه أن تشهد المرحلة المقبلة مزيداً من التعاون في كافة المجالات، موضحاً أن ما تم الاتفاق عليه خلال المباحثات يلبي طموحات البلدين في الأمن والاستقرار. وأكد الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين ، رئيس هيئة الأركان، ضرورة العمل المشترك لضمان امن واستقرار المنطقة، مشيراً الى توافق الرؤى حول صياغة استراتيجية مشتركة لتحقيق مصالح البلدين.

تساؤلات وتفسيرات

في عام 2021 أثار توقيع السودان ومصر اتفاق تعاون عسكري، يغطي مجالات التدريب وتأمين الحدود، على هامش زيارة رئيس أركان الجيش المصري الفريق محمد فريد للخرطوم للمشاركة في الاجتماع السابع للجنة العسكرية السودانية المصرية المشتركة، اثار تساؤلات وتفسيرات عدة من ناحية أبعاد هذا الاتفاق، خصوصاً أنه يأتي في ظل أجواء متوترة من ناحية البلدين مع إثيوبيا، بسبب الإخفاق في التوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة، تزامن في ذلك الوقت مع حشود عسكرية على الحدود السودانية الإثيوبية على إثر خلافات على ترسيم الحدود.

ترسيخ الروابط

وبحسب تصريحات رئيس أركان الجيش المصري محمد فريد، فإن القاهرة تسعى لترسيخ الروابط والعلاقات مع الخرطوم في كل المجالات، خُصُوصاً العسكرية والأمنية، والتضامُن كنهج استراتيجي تفرضه البيئة الإقليمية والدولية، لافتاً إلى أنّ البلدين يُواجهان تحديات مشتركة، وأن هناك تهديدات مُتعدِّدة تواجه الأمن القومي في الدولتين. وفيما نوّه فريد إلى استعداد بلاده لتلبية كل طلبات الجانب السُّوداني في المجالات العسكرية كافة من تدريب وتسليح وتأمين الحدود المشتركة، أكد أن مستوى التعاون العسكري مع السودان غير مسبوق. مضيفاً أن “تعدد وخطورة التهديدات المُحيطة بالأمن القومي والمصالح المشتركة تستدعي التكامل بين الأشقاء”، في حين أوضح رئيس أركان الجيش السوداني الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين، أن الهدف من هذا الاتفاق هو تحقيق الأمن القومي للدولتين، لبناء قوات مسلحة مليئة بالتجارب والعلم، معضداً مساعي مصر الحميدة، ووقوفها إلى جانب السودان في المواقف الصعبة.

حماية الأمن

وحول أبعاد الاجتماعات العسكرية بين السودان ومصر، يرى المُختص في الشؤون العسكرية د. أبو بكر آدم لـ(الصيحة) أن الاتفاقيات العسكرية التي توقّع بين الدول واضحة, واحدة من أهدافها حماية الأمن القومي لكلا الطرفين، لأن من الصعوبة بمكان مثل السودان أن يقف وحده في حماية أمنه القومي او بناء قدرات عسكرية تمكنه من تغطية كامل أراضيه الشاسعة، بالتالي فإن وجود اتفاقيات ثنائية توفر قدرا كبيرا من الحماية لأراضيه ، خاصةً إذا علمنا أن السودان يجاوره ما يزيد على ثماني دول حدودها مفتوحة عدا السعودية، بجانب حدود ساحلية ذات أهمية كبيرة للأمن القومي للسودان فحسب، وإنما للكثير من الدول بالإضافة للأمن الإقليمي والدولي.

 سد النهضة

ويقول آدم، إن مصر والسودان يُواجهان تهديدات كبيرة جداً ترتبط بالأمن المائي، ومن أهمها سد النهضة، بجانب إصرار إثيوبيا على ملء وتشغيل السد دون اتفاق يحمي طرفي الاتفاق، ولان القاهرة لا تجاوز إثيوبيا فإن تطوير علاقته بالخرطوم سيكون مدخلاً استراتيجياً في هذا الصراع حول السد مستقبلاً. وأضاف ولأن السودان يمثل مهددا لاثيوبيا على الحدود الشرقية، فإن حماية حماية أمنه القومي يتطلب التعاون والاتفاق او التحالف مع القاهرة من اجل الحفاظ تلك البقعة من الأراضي السودانية التي اغتصبتها المليشيات الإثيوبية. بالتالي السودان يحتاج الى مناصرين إقليميين لردع اي أطماع إثيوبية في المنطقة, لذلك جاءت هذه الاتفاقية العسكرية مع الجانب المصري للمناصرة في استثمار النواقص والبناء العسكري لتحقيق الأمن القومي، والتدريب والتأهيل، وتبادل الخبرات والمعرفة، فهي كذلك تُعضِّد مخرجات اتفاقية السلام التي وُقِّعت في أكتوبر 2020، بجانب ذلك السُّودان يُريد أن يُحافظ على البنية الهيكلية القديمة للقوات المُسلّحة السودانية في إطار تنفيذ الترتيبات الأمنية التي على ضوئها سيجري ضم قوات جديدة للجيش تابعة للحركات المسلحة، بعيداً عن البُعد الجهوي الذي تخشاه مصر.

نقلة نوعية

وشهدت العلاقات العسكرية المصرية السودانية، نقلة نوعية في نوفمبر الماضي، حيث شهد أول مُناورة جوية مشتركة أطلق عليها “نسور النيل 1″، وقد جرى تنفيذها بإحدى القواعد الجوية السودانية، بمشاركة وحدات من القوات الجوية وعناصر من القوات الخاصة لكلا البلدين. وتضمّنت المراحل الأولى من المُناورة إجراءات التلقين وأسلوب تنظيم التعاون لتوحيد المفاهيم وصقل المهارات لإدارة  العمليّات الجويّة المُشتركة بكفاءة عالية، عَلاوةً على تنفيذ العديد من الطلعات المُشتركة لمُهاجمة الأهداف المُعادية وحماية الأهداف  الحيوية بمشاركة مجموعة من المقاتلات المتعددة المهام. وهدفت المُناورة إلى تحقيق أقصى استفادة مُمكنة للعناصر المشاركة في التخطيط والتنفيذ لإدارة العمليات الجوية وقياس مدى جاهزية واستعداد القوات لتنفيذ عمليات مشتركة على الأهداف من خلال اتباع أنسب الأساليب التكتيكية لتحقيق المهام تحت مُختلف الظروف، بما ينعكس على جاهزية القوات الجوية لكلا البلدين ويُساهم في تحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة.

التعاون الدفاعي

وفي سياق التعاون الدفاعي، وقّعت الهيئة القومية للإنتاج الحربي، مذكرة تفاهم مع هيئة الصناعات الحربية السودانية لتعزيز التعاون في جميع مجالات الإنتاج الحربي في 20 نوفمبر من العام 2021، على هامش زيارة قام بها وفد رفيع المُستوى برئاسة العميد الركن المعتصم عبد الله الحاج نائب المدير العام لمنظومة الصناعات الدفاعية, لعدد من شركات الإنتاج الحربي للاطلاع على الإمكانيات التصنيعية والتكنولوجية بها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى