شاكر رابح يكتب :السودان في مهب رياح الصراع الدستوري

18مارس2022م

قطع الخبير القانوني نبيل أديب لصحيفة «الجريدة» “أن أي خطوة لعمل وثيقة دستورية جديدة تعني قبول الانقلاب العسكري، مشدداً على ضرورة العودة للوثيقة الدستورية لمحو آثاره”، وجزم بأن “الوثيقة الدستورية لم تمنح المكون العسكري أي حق للتغول، بل إن القوى المدنية التي كانت حاكمة حتى قبل الانقلاب العسكري هي من منحت الفرصة”، وأردف قائلاً “نحن شلينا الأجهزة العدلية ولم نكن جهازا تشريعياً والعيب في السلطات التي كانت تحكم البلاد وتساءل ما الذي فعلناه من أجل تكوين المؤسسات العدلية والقانونية؟” وأجاب قائلاً: “كل ذلك أدى لعدم قيام المحكمة الدستورية ومجلس القضاء العالي، وعن الأصوات التي تنادي بالتعديل”، واشترط أديب أن تكون التعديلات وفقاً لأحكام الوثيقة نفسها، وزاد: “التعديل يجب أن يكون وفقاً لتوافق القوى السياسية فيما بينها”.

 

بعد مرور ثلاث سنوات من عمر ثورة ديسمبر المجيدة يتبادر في أذهاننا السؤال الملح عن حال السودان هل هو بخير؟ أعتقد وبكل بساطة الجواب «ليس بخير» في ظل وجود  ازمات دستورية وسياسية واقتصادية وامنية واجتماعية مستفحلة، نعم لست بخير في ظل تمسك جزء من القوى السياسية بالوثيقة الدستورية “المعطوبة” وسعي قوى إعلان الحرية والتغيير المجلس المركزي للوصايا والهيمنة على المشهد بشكل كلي، نعم لست بخير في ظل استمرار “الحرب” الدستورية والقانونية التي من شأنها أن تعطل دولاب الدولة، وهو ما خلف جدلاً قانونياً حاداً، قد أثبتت الثلاثة أعوام الماضية أن مشروع التغيير الذي تبنّته قوى إعلان الحرية والتغيير ضعيف الى درجة لا تؤهله ان يكون أساساً متيناً للحكم وبديلاً مناسباً لنظام الإنقاذ، على العكس تماماً فقد أثبتت التجربة أن البرنامج الذي طرحته “قحت” زاد من مأساة الشعب السوداني لكونه يميل للشعارات بعيداً عن البرامج التنفيذية الواقعية لتتحوّل الأوضاع الى فوضى عارمة بما صنعت أيدي الحكومة بشقيها المدني والعسكري، استطيع القول إن السودان في مهب رياح الصراعات الدستورية والسياسية، فالحكومة معطوبة ومعطلة، والأزمة الاقتصادية في أوجها وانفلات أمني غير مسبوق، الأزمة الدستورية تسببت في حدوث تغييرات في المشهد السياسي وتحول في مراكز القوى، والى اضعاف المؤسسات العدلية، اضافةً الى أنها تسببت في إرباك مسار التحول الديمقراطي بكامله.

 

لن تنجح محاولات إنعاش الأوضاع في السودان في ظل محاولة قوى إعلان الحرية والتغيير جر البلاد الى الفوضى، فلا شك أن لا بديل للحوار إلا الحوار على طاولة “مستديرة” تجمع كل القوى السياسية بما في ذلك المؤتمر الوطني والأحزاب وحركات الكفاح المسلح التي شاركت معه الحكم، وأن يتفق الجميع على صياغة وثيقة دستورية جديدة محكمة تحدد النظام الأنسب للحكم رئاسياً كامل الدسم او نظاماً برلمانياً، وسد الفراغ الدستورى وإكمال المؤسسات العدلية ومعالجة الأزمات، لم يعد الوضع قادراً على التحمُّل وليس لدى حكومة “الأمر الواقع” القدرة لمواجهة الصعاب والتحديات وايجاد مخرج آمن للخروج من النفق المظلم.

 

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى