سياسات الصادر والاستيراد.. العقبات وروشتات الحل

 

الخرطوم: جمعة عبد الله         16مارس 2022م 

 

شكّلت سياسات الصادر والاستيراد اهم الهواجس التي أرّقت المصدرين والمستوردين مؤخراً، نظراً لانعكاسها المباشر على الحركة التجارية والاسعار والاستهلاك، مما حدا بالمشتغلين بقطاع الصادر والوارد للمطالبة بإعادة النظر في بعض السياسات التي وصفوها بالمعيقة.

وكان اتحاد الغرف التجارية قد عقد اجتماعاً مؤخراً، ناقش قضايا مهمة وضع خارطة طريق لنهج في إدارة حوار للمُعالجات الاقتصادية مع اعضاء الغرفة التجارية.

وأشار الأمين العام للاتحاد، الصادق جلال الدين، الى ان اهم القضايا التي نُوقشت خلال الاجتماع كانت قضية التأمين على ضرورة وأهمية مُحاربة ومُعالجة ظاهرة الوراقة وتأجير السجلات والمُضاربين ومحاربة اقتصاد الظل والتهريب وضرورة العمل على تشجيع الاقتصاد الرسمي بدلاً من محاربته وهزيمته بفرض المزيد من الرسوم والجبايات غير المعقولة ووضع العوائق الفنية وتعقيد الإجراءات والتي تحد من مزاولة النشاط الرسمي. وأشاد جلال باهتمام رئيس اللجنة الاقتصادية الفريق أول محمدان دقلو “حميدتي” بإيجاد المعالجات اللازمة لمشاكل وعوائق الميناء عقب اطلاعه عليها من قبل قيادة الاتحاد، حيث كان القرار بالترتيب لزيارة بورتسودان للوقوف ميدانياً على تلك المشاكل والوصول إلى حلول جذرية لها، لافتاً الى تأكيد قيادة الغرفة التجارية خلال الاجتماع للمُساهمة في حل تلك المشاكل عبر رؤية علمية وعملية، مشيراً الى اطلاع نائب رئيس مجلس السيادة على ما تم في ملف بنك السودان فيما يختص بمنشورات الصادر والوارد.

تحليل

ويتناول المحلل الاقتصادي، وعضو الغرفة القومية للمستوردين الأسبق، قاسم الصديق بالتحليل، منشور سياسات الاستيراد الأخير، مشيراً الى ان طلب الغرف التجارية من المركزي بالسماح لها بتمويل الاستيراد من الموارد الذاتية يمنع المركزي من الرقابة على الاستيراد ويرفع الطلب على الدولار في السوق الموازي بشكل جنوني، وان كان يعيد للاستيراد سلاسته والحد من الفساد في توزيع كوتة المتوفر للبنك المركزي من العُملات الأجنبية على المستوردين، لافتا الى ان المطلوب التعظيم من حجم الصادرات وإحكام السيطرة على عائدات الصادر خاصة صادر الذهب.

فجوة الصادر

وأكّد الصديق أنّ الفجوة بين الصادر والوارد لا تقل عن 10 مليارات دولار سنويا تمثل عجزا دائما في ميزان المدفوعات لا يمكن تغطيته إلا من السوق الموازي وبكلفه تضخمية عالية.

كذلك طلب الغرف التجارية إقرار سياسة الاستيراد بدون تحويل قيمة دون ان تحدد سلعاً بعينها لأهميتها، مطلقة العنان بذلك لاستيراد جميع أنواع السلع، غض النظر عن التركيز على احتياجات السوق من بعض السلع ذات الخاصية العاجلة والمهمة. موضحاً ان اتحاد الغرف التجارية يقول إنه يجد تفهماً من البنك المركزي لمطالبه، وارجع الامر لهشاشة السياسات النقدية لديه مع كثرة تغييرها، مَا أوجدت ذلك الوضع غير المستقر في تلك السياسات، كما أنه تبدو الحوجة الماسة للحكومة ممثلة في مرونة البنك المركزي لكسب تأييد أي شرائح ممكنة لها ومنها المصدرين والمستوردين في دعم سياستها التي ستؤدي بالأسعار في السوق الى وضعية يصعب على شرائح المجتمع السوداني التعامل معها وسينتج عن ذلك في الأجل القصير ركود اقتصادي عارم يلقي بظلاله السالبة على الصادرات والواردات وعلى الإنتاج بصورة عامة رغماً عن أن سهولة وسرعة استيراد مدخلات الإنتاج عادة ما يؤدي افتراضياً لزيادة واسعة في الناتج القومي، إلا أنّ أسعار السلع المتضخمة بارتفاع قيمة العملات الأجنبية سيحد من تبادل السلع والخدمات ويُصاب الاقْتِصَاد بِمزيدٍ من التّراجُع.

اتفاق إيجابي

وأكد الصديق ان اتفاق اتحاد الغرف في المدى القريب في مصلحة الاستيراد لانه يؤدي الى سهولة تداول مستندات الشحن ويمكن المستوردين من جلب مختلف أنواع البضائع دون أي مضايقات مشددة ومعطلة من وزارة التجارة، بيد انه حذر من سماح البنك المركزي بسداد فواتير الشحن بكافة وسائل الدفع المتاحة، قائلاً إن ذلك سيشجع عمليات الاستيراد دون أن يكون لإيداع مبلغ الاستيراد مقدماً في حساب الاستيراد المعني أي أثر في الحد من موجة الإقبال المتزايدة على الشحن، كما أن الشروط الميسرة من البنك المركزي لتداول مستندات الشحن ستنشط عمليات الاستيراد وستشكل ضغطاً إضافياً على مصادر التمويل بالعملات الأجنبية وتنشط عمليات الشراء بكمبيالات آجلة لعدة اشهر، وطالما هُناك فجوة أصلاً بين عوائد الصادر والطلب عليها لا يقل عن الـ10 مليارات دولار، فمن المؤكد ان هذا الطلب سيرتفع اكثر وسيضطر المستورد الى دفع مبالغ بالعملة المحلية اكثر ليتمكّن من تمويل المُستندات بيده.

رُؤية المُعالجة

وبسبب هذه الثغرة، توقع الصديق أن ترتفع أسعار البيع بالعملة المحلية مع ثبات مداخيل المُستهلكين والنتيجة الغالبة أن تتكدّس مخازن التجار بالبضائع مُعرّضةً لموجة ركود أكثر شدة مما نشهده الآن في الأسواق من ركود، ضارباً المثل بسوق الإطارات، فرغم تعذُّر الشحن بسبب مشاكل المناولة في الميناء وارتفاع تكاليف الشحن لبورتسودان وتأخر وصول البضائع لمستودعات التجار لأشهر من تاريخ الطلبيات، الا ان السوق لم يشهد نُدرة تذكر في كافة مقاسات الإطارات، وقد ساعد امتلاء المستودعات بالإطارات في تقليل حدة الندرة، لافتاً الى انه الآن تُعرض بسوق الإطارات وحدات منتجة من العام 2019م وهي تجد طريقها للسوق بسبب انخفاض سعرها، عليه سيضطر المستوردون لخفض طلبيات الاستيراد تحت ظروف انكماش عمليات البيع وانخفاض الهامش الربحي والصعود المُستمر في أسعار العملات الأجنبية، ويجب أن لا نطمئن كثيراً على النزول الحاد في سعر الدولار الذي تأثّر بالحديث عن وديعة مليارية تصل الى 5 مليارات دولار وإعلان البنك المركزي عن مزاد بـ250 مليون دولار، فلا بد من ان عدة مليارات قد وصلت المركزي، لكن هنا ينشأ سؤال إذا كان للمركزي تلك المليارات فما الذي حدا به لإعلان توحيد سعر الصرف وهو في ذلك المستوى العالي.؟!!!!!

وتساءل الصديق عن كيفية تغطية الفجوة بين الصادر والوارد رغماً عن الوديعة الإماراتية سيظل السوق الموازي نشطاً حتى يتم تعظيم صادرات البلاد وضبط حصائل الصادر وتورديها للبنك المركزي.

سيكون تعاون اتحاد الغرف مهماً في مسألة تقييد الاستيراد في الظرف الحالي الذي تمر به البلاد.. سنكون دائماً في حوجه لدراسات أكثر عُمقًا تأخذ دائمًا الحالة الشرائية المُتواضعة في الأسواق بفعل التضخم الحاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى