رئيس حزب العدالة القومي أمين بناني لـ(الصيحة) 2-2

العصيان المدني دعوة تم تجاوزها وانتهت

قوى الحرية  فرّطت في أهداف الثورة الحقيقية

وضع المتاريس في الطرقات أسلوب رجعي وغير شرعي

هذه هي (….) نضالاتي ولا أريد التبضُّع بها في سوق المناصب الثورية

لستُ مع الانتخابات المُبكّرة لأنها قد تُجهض الثورة كلها

سنتجاوز هذه المرحلة وسيتم تشكيل حكومة مدنية مُتَّفق عليها

قوى التغيير حاولت عبر العصيان تحقيق ما فاتها من مكاسب

(نصرة الشريعة) تيار ديني بحت استفزه التيار العلماني

اعتبر أمين بناني، رئيس حزب العدالة القومي الدعوة لعصيان مدني مرحلة تجاوزها الزمن وانتهت بعد أن فرّطت قوى الحرية والتغيير في أهداف الثورة. مبيناً أنها تفتقر للحكمة التي تجعلها تحقق أهداف الثورة بحنكة.  مشيراً إلى أنها حاولت تحقيق ما فاتها من مكاسب ثورية بأساليب غير ثورية.

  وقال  أمين حلال الجزء الثاني من حواره مع “الصيحة”  إنه وعلى الرغم من أن فض الاعتصام أحدث غضباً وسط المواطنين، إلا أن  المسئولية تقع على عاتق قوى الحرية والتغيير، مشيراً إلى أنها أدارت الاعتصام بصورة غير مسئولة.

 عدد من المحاور وضعتها “الصيحة” أمام رئيس حزب العدالة القومي أمين بناني، فإلى مضابط الجزء الثاني من الحوار..

حوار: آمال الفحل

تصوير: محمد نور محكر

*كيف تقرأ دعوة قوى الحرية والتغيير لعصيان مدني؟

– الدعوة للعصيان مرحلة انتهت، بعد أن فرّطت قوى الحرية والتغيير في أهداف الثورة. وفي تقديري أن قوى الحرية والتغيير تفتقر للحكمة  التي تجعلها تحقق أهداف الثورة بحنكة، وفي تقديري أنها بهذا الأسلوب حاولت أن تحقق ما فاتها من مكاسب ثورية بأساليب غير ثورية،  وعلى الرغم من أن فض الاعتصام ترتب عليه غضب شديد، لكن تظل المسئولية الأخلاقية تقع على عاتق قوى التغيير التي أدارت هذا الاعتصام بصورة غير مسئولة.

*وماذا تقول عن تعطيل حركة المرور بسبب وضع المتاريس في الطرقات؟

– في تقديري أن هذا أسلوب رجعي وتقليدي، إذا تمت مقارنته بأسلوب الثورة الرقمية الذكية التي استخدمها الشباب، وفي تقديري ليس في وضع المتاريس بُعد أخلاقي ولا إنساني  ولا شرعي، خاصة أنه خلّف غضباً وسخطاً وسط المواطنين.

  أما من ناحية تربوية، فهو تصرف غير تربوي، لأنه استخدم فيه الشباب صغار السن، وفيه توظيف خاطئ للأطفال، فهذه الأساليب خصمت  كثيراً من  أهداف الثورة، وأبدى المواطنون سخطهم تجاه هذه المتاريس  التي ألحقت الضرر على المسافر والمريض، لذلك أناشد المجلس العسكري تشكيل حكومة مدنية، وهذا لا يتعارض مع أي مبادرات جاءت من الخارج، كما أدعو المجلس العسكري أن يستمر في التفاوض مع القوى السياسية الأخرى،  خاصة أن قوى الحرية والتغيير فشلت في تفاوضها مع المجلس العسكري.

*وما هو رأيك عن الانتخابات المبكرة؟

– أنا لستً مع انتخابات مبكرة، فالانتخابات المبكرة قد تُجهض الثورة كلها، ويمكن لقوى التغيير أن تقبل هذا التحدي وتستفيد من الزخم الثوري  في إجراء انتخابات تقصي فيها الذين تريد إقصاءهم، لكن في تقديري من الأحسن أن تُجرى الانتخابات في ظروف طبيعية ومعافاة، تُمكّن المواطن  السوداني أن يؤسس لديمقراطية حقيقية للأعوام المقبلة.

*وماذا عن انقسامات قوى التغيير فيما بينها؟

– هذا يضعف القوى التي تُسمّي نفسها قوى التغيير، فهي غير قادرة لتوحيد نفسها حول وثيقة وموقف،  فكيف تسلم السلطة، قضية السلطة والحكم قضية كبيرة خاصة في بلد مثل السودان، مسؤولية الحكم ليست سهلة، الشعب السوداني الآن لا يثق في هذه القوى، وأنا أرى أنه من المفترض أن تعود وترجع كل الأحزاب إلى ثكناتها، لكنها يجب أن تنفتح على بعضها بعيداً عن الضغائن في حوار ينبثق عنه ميثاق وطني واستراتيجية كبيرة للوطن تضع في نصب أعينها تحقيق أهداف الثورة في الحرية والعدالة  والسلام، وأنا اقول هذا الحديث، وأنا رئيس حزب العدالة القومي.

*رئيس حزب المؤتمر السوداني صرح بأن المجلس العسكري يقف حجر عثرة أمام المفاوضات؟

-هذه اتهامات لقائية، المؤتمر السوداني لديه علاقات خاصة بالمجلس العسكري منذ الأيام الأولى، كما لديه علاقات (ودريبات خاصة) للخارج، المؤتمر السوداني هو ليس حزباَ وإنما مجموعة ناشطين سياسيين، وكان لهم دور كبير جداً في تحريك الشارع، هذا لا ننكره، فدورهم مثل دور حرب العصابات ليس جيشاً نظامياً، كما أنه ليس قوى منظمة، يمكن أن تقود بلداً، بل هو مجموعة ناشطين ومجموعة ضغط مهمة، لابد أن تنفتح على التيارات الوطنية العريضة، فهم يمتازون بأنهم يحبون ثقافتهم  ودينهم، ويمكن أن يقودهم ذلك في مستقبل السودان، وهم قريبون جداً من التيار الإسلامي الوطني.

*موقفكم كحزب عن ما يجري في الساحة السياسية ومآلات الأحداث؟

– أنا أرى أنه سوف يتم تجاوز هذه المرحلة، وسوف تتشكل حكومة مدنية يرضى عنها الشارع بنسبة كبيرة، كما أنني أرى أن المجلس العسكري قد تحول إلى سلطة حقيقية، وهذه السلطة تعمل بإخلاص لمصلحة البلد  ولا يريد من خلال تصريحاته ومواقفه أن يُصادر الثورة لصالح الجيش، صحيح أن الجيش السوداني له مهام كبيرة جداً يريد أن يؤديها، ولا يريد الانشغال بالسياسة، من المهم جداً للجيش السوداني أن يكون هنالك سلام مبكر، كما أن السلام مهم جدا ً بالنسبة للمدنيين،  لأنه في غياب توقيع  اتفاق سلام مع الإخوة حاملي السلاح وإشراكهم  في الحكم في الفترة الانتقالية، لن يتم النجاح التام بالنسبة لأهداف الثورة.

*اختَفيْتُم من الساحة السياسية أين حزب العدالة القومي الآن؟

– نحن لن نختفي، والآن موجودون في الساحة والإعلام، ولكن لا أتعجل الردود على الآخرين ولا أسعى لمناوأة قوى التغيير على النحو الذي تقوم به بعض التيارات الإسلامية في الساحة، وما تقوم به قوى التغيير لا يزعجني كثيرًا لأنني أعرف أن هذا هو خطاب المرحلة الثورية، ولدينا بعض الاتصالات ببعض القيادات في قوى التغيير، مثلما لدينا تواصل مع قيادات في المجلس العسكري، لكن كل هذة الأشياء بعيداً عن الإعلام.

 *أين موقفكم من تيار نصرة الشريعة؟

– لسنا جزءاً منه،  فهو تيار ديني بحت استفزه التيار العلماني الآخر، فالإسلام دين والعلمانية دين،  لكن نحن في حزب العدالة القومي، نسعى لبناء المشروع الإسلامي بفكر مختلف، وخطاب مختلف، ولن يكون الإسلاميون الذين حكموا ثلاثين عاماً الفائتة، جزءاً من هذا المشروع الجديد.

*في رأيك إلى أين تقود القوى السياسية الحالية السودان الآن؟

أرى أن هناك روح تطرّف من بعض قوى التغيير، وأنا حتى هذه اللحظة لا أنسب هذه التصرفات لأحزابها الكبيرة، لكن إذا كان هنالك شيوعيون وبعثيون الذين سقط مشروعهم في العالم كله يريدون أن ينتجوا أنفسهم في السودان ليحكموا ويتجهوا لمواجهة التيار الإسلامي بالعنف وتصفيته على النحو الذي نراه في بعض البلدان القريبة والبعيدة، عندئذٍ سيدخل السودان إلى  مرحلة  رهيبة ربما نفقد البلد، نحن في المرحلة الفائتة رضينا بحوار وطني حتى لا تنزلق البلد إلى ما انزلقت إليه الأوضاع في ليبيا وسوريا،  لذلك على الجميع أن يتصافوا كما عليهم أن يتجاوزوا الماضي.

*تقصد من ذلك عدم محاسبة المفسدين؟

هذا لا يعني أن نلغي مبدأ المحاسبة والإفلات من العقاب، ولا يعني ألا نُحارب الفساد، لأن  قناعتنا هي محاربة الفساد، ولنا باع طويل في هذا المجال.

*ماذا تقصد؟

– لقد قمتُ بمحاربة الفساد منذ العام 1992 بصورة واضحة من داخل البرلمان في مشاريع الخصخصة وفساد البنوك والطرق، وتم إبعادنا عن السلطة، كما أننا وقفنا مع احتجاجات الشباب في 2013 وتم اعتقالي، وأنا كنتُ رئيساً لتحالف القوى الإسلامية والوطنية،  فهذه جميعاً نضالات أنا لا أريد أن أتبضّع بها  في سوق المناصب الثورية الذي نراه الآن، ولا نريد أن نتذلل بها لقوى التغيير،  لكن هذه مواقفنا التي لم يمحوها التاريخ،  ولن يتجاوزها الزمن، وهي من أجل شعبنا ودولتنا.

*الحال الآن يقول إن كل القوى السياسية خارج المشهد السياسي، المشهد الآن تقوده فقط قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري؟

– المشهد السياسي  الثوري الآن فيه حالة من الجمود من جهة، والسيولة من جهة أخرى ، الجانب الجامد في المشهد السياسي هو الانكماش الشعبي وتراجع الحالة الثورية التي كانت في نفوس المواطنين، وهذا أمر خطير. أما جانب السيولة فيتمثل في هذه الجموع الكبيرة في قوى التغيير وهي كل يوم تتجه نحو التصدّع والتلاشي  والنزوع فقط إلى أن تتحول إلى قوى ضاغطة على نظام تظن أنه قد رسخ،  فهي فقط تريد أن تضرب وأن تدعو لعصيان مدني مثلما كانت عليه في الأعوام السابقة، قوى التغيير الآن لا تقود البلد، الآن البلد يقودها المجلس العسكري،  وهو مجلس استأنس بالآراء التي جاءته من الساحة الوطنية الأخرى من الأحزاب السياسية، ومن قوى المجتمع المدني، ومن مفكرين ووطنيين، ومما يقرأه في وسائط الرأي العام.

*لكن قوى الحرية والتغيير الآن مسيطرة على الأوضاع  من كلّفها بذلك؟

– هي لا تُسيطر على الأوضاع، فهي لا تستطيع أن  تُسيطر على نفسها، ويجب أن لا تُشغل الشعب من خلال هذا.

*في تصريح للكاتب الصحفي عثمان ميرغني، أن تكون الانتخابات خلال ثلاثة أشهر فقط، وأن قوى التغيير ستكسب الانتخابات؟

– تحدثتُ كثيراً أن الكثير من الثورات العظيمة طرحت دساتيرها في العام الأول، مثلاُ الثورة الإيرانية وقبلها الثورة الفرنسية والفلبين،  أنا قلتُ هذا الحديث في حوار مع قوى التغيير،  قلت لهم إذا كنتم جادين بدلاً من  أنكم تشكلون برلماناً وتحكموا أربعة أعوام من الأفضل أن تطرحوا دستوركم للشعب واستفيدوا من الزخم الثوري، لكنهم رفضوا هذا الاقتراح الذي قدمته لهم في أكثر من حوار،  وأنا شخصياً لا أرى فائدة في انتخابات مبكرة لأنها ربما تأتي بالنظام القديم، وربما تأتي بقوة تقليدية ورجوع القوى التقليدية لحكم السودان لا يمثل أحد أهداف الثورة السياسية، يبدو أن قوى الحرية والتغيير تعلم أنها ليست هي المفجر الحقيقي للثورة،  وتعلم أن برامجها وسياستها وأهدافها المعلنة لا تعجب الشعب.

*إذا حدثت انتخابات،  هل تشاركون فيها كحزب أم كإسلاميين مُوحَّدين؟

 – حتى ذلك الوقت سنفكر في الصيغة التي سندخل بها الانتخابات القادمة، وربما لا ندخلها كإسلاميين، التحالُفات متاحة في الساحة السياسية بشكل كبير،  لكن أتمنّى أن تكون الانتخابات في الفترة القادمة تدخلها كتل سياسية كبيرة، ويمكن أن تكون قوى الحرية والتغيير هي كتلة من  ضمن الكتل القادمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى