عبد الله مسار يكتب :نبوغ سوداني

22فبراير2022م

حكى دكتور عراقي معروف أنه بعد أن هاجم الشيعة مناطق الفلوجة، اضطر الناس الى السفر الى الأردن، ورفضت الأردن فتح حدودها، ارسلت حكومة السودان وقتها ثلاث طائرات وأخذت هؤلاء العراقيين الى الولاية الشمالية وأكرموهم ومنحوهم نقوداً ومنازل ووظائف، وقال الطبيب العراقي، تركت عائلتي وسافرت إلى أمريكا وأنا مطمئن عليهم في السودان، وبعد عامين عدت لأهلي في شمال السودان.

في يوم كان هذا الدكتور في عربته، إذا شاب في السادسة عشر من عمره ويقول هل أنظف لك الزجاج الأمامي؟ وكان شاباً لبقاً ومهذباً، فقال له نعم، فنظف الزجاج بشكل رائع، ولما انتهى أعطاه الدكتور العراقي عشرين دولاراً، فتعجب الشاب وسأله هل انت عائد من أمريكا؟.

قال الدكتور نعم، قال الشاب السوداني هل تمكنني  من أن اسألك عن جامعاتها بدل أجرة التنظيف، وكان مؤدباً جداً، فسألته كم عمرك قال ست عشرة سنة، قال الدكتور العراقي إذن أنت في الثانية المتوسطة، قال بل أتممت المرحلة الثانوية، قال الدكتور العراقي وكيف ذلك، فقال لأنهم قدموني عدة سنوات من أجل تفوقي وعلاماتي الممتازة  في جميع المواد، قال الدكتور فلماذا تعمل هنا، قال إن والدي قد توفي وأنا في الثانية من عمري وأمي تعمل طباخة في إحدى البيوت، وأنا وأختي نعمل في الخارج، وقد سمعت أن الجامعات الأمريكية عندها منح دراسة للمتفوقين المتقدمين في تحصيلهم الدراسي فلذلك اعمل، قال الدكتور هل هناك من يساعدك؟

قال أنا لا أملك إلا نفسي، قال الدكتور العراقي هيا نأكل، قال بشرط أن أنظف لك الزجاج الخلفي للسيارة، فوافق الدكتور العراقي.

وفي المطعم طلب طعاماً سفرياً لأمه وأخته بدل أن يأكل هو وكان يتحدث الإنجليزية بطريقة ممتازة، وان الشاب ماهر فيما يهم من الأعمال.

واتفق الدكتور العراقي مع الشاب السوداني على إحضار الوثائق التي تخصه، على أن يحاول الدكتور العراقي له في أمريكا، وخلال ستة أشهر حصل الدكتور العراقي على قبول في الجامعة في أمريكا، فاتصل الشاب السوداني بالدكتور العراقي، وقال إننا في البيت كلنا نبكي من الفرح والله.

ثم بعد سنتين، نشروا اسم هذا الشاب السوداني في مجلة نيويورك تايمز كأصغر خبير بالتكنولوجيا الحديثة.

وقال الدكتور العراقي، سعدنا بذلك أنا وأهلي كثيراً وقامت زوجة الدكتور بأخذ الفيزا لأمه وأخته دون علم الدكتور، ولما رأى الشاب أمه وأخته في أمريكا لم يستطع الكلام ولا البكاء وكاد يغمي عليه من الفرح.

ومرة كان الدكتور العراقي وأهله في داخل منزلهم، إذ رآه في خارج المنزل يغسل سيارة الدكتور العراقي، فقال الدكتور العراقي ماذا تفعل، فقال دعني يا دكتور حتى لا أنسى نفسي ماذا كنت من قبل وماذا أصبحت، أنت مني.

هذا الشاب السوداني الخلوق هو الآن أحد أفضل الأساتذة في جامعة هارفارد الأمريكية، هذا هو البروفيسور خالد عمر خالد الدنقلاوي أشهر أستاذ في جامعة هارفارد، يلتف حوله طلاب وطالبات العرب والأفارقة وهو يساعدهم دون كلل ولا ملل، إنه النبوغ السوداني.

أيُّها السودانيون أنتم من أعظم خلق الله، ولكن لا تدركون، انتبهوا اننا موعودون بمستقبل مشرق، إن الشمس تشرق ثم تغيب ولكنها تشرق مرة أخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى