خروج الجيش من المشهد.. الحلقة المفرغة

 

الخرطوم: وفاق التجاني   19فبراير2022م 

حالة من التباين في الآراء وترقب, يسود المشهد السياسي بعد تصريحات قائد الجيش الفريق اول عبد الفتاح البرهان، بشأن إمكانية خروج المؤسسة العسكرية من المشهد السياسي، تلك الخطوة التي تطالب بها القوى الثورية والمدنية. ولكن البرهان رهن ذلك بالتوصل لاتفاق سياسي ينتهي بإجراء انتخابات حرة ينهي الأزمة السياسية. عقب تلك التصريحات تباينت وجهات النظر بين مرحب ومنتقد وغير مستوعب, رحب بتلك التصريحات عدد من المهتمين بالخطوة, مؤكدين أن المؤسسة العسكرية يمكن أن تكون راعية التحول الديمقراطي وداعمه له. وكان البرهان اكد ان الجيش سيخرج من جميع الأطر السياسية إذا تم التوصل إلى توافق وطني من خلال الانتخابات، وقال في مقابلة مطولة مع التلفزيون, ان الجيش لا يريد أن يحكم، مبيناً أن السودان منذ الاستقلال “يدور في حلقة مفرغة من الحكم بين المدنيين والجيش”، وأشار إلى أن الوثيقة الدستورية تشوبها ثغرات كبيرة لأنها وقعت بين حزبين, المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، وعزل باقي مكونات الشعب السوداني عن المشاركة ، مما أدى إلى ما حدث في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، وشدد البرهان على أن الفترة الانتقالية ما زالت تسعى لإجراء حوارات لجميع المكونات السياسية وتحقيق التوافق بين الجميع.

المشهد السياسي

وكرّر البرهان حديثه مرة اخرى في موقع آخر, أنه لا يريد هو ولا المؤسسة العسكرية حكم السودان، وأنه مستعد هو والمؤسسة العسكرية للخروج من المشهد السياسي متى ما توفر وفاقٌ وطنيٌّ. وأضاف أن القوات المسلحة ستكون أول المنصاعين لخيار الانتخابات القادمة، وأنها مستعدة للحوار من أجل إدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية. وأوضح أن المقصود بالتوافق الوطني هو أن تتوافق القوى المؤمنة بالتغيير، لتضع دستوراً للبلاد وتشرع في الانتخابات. إذن تكرار البرهان أنه ولا المؤسسة العسكرية يريدان حكم السودان, هو تأكيد على جدية المؤسسة العسكرية على تسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة, وبالتالي خروج الجيش من المشهد السياسي. ويكتفي بدوره الذي حدّده الدستور, وهو مشهد يراه كثير من المراقبين مهماً. ويرى أن تصريحات البرهان ايجابية تدفع القوى السياسية لتخطو خطوات جيدة نحو التوافق او الاتفاق ان ارادت فعلاً خروج الجيش من المشهد والخروج من الدائرة المفرغة.

محمي ومدعوم

يرى المحلل السياسي عبد الباسط الحاج أن العلاقة بين المكونين المدني والعسكري تكاد تكون معقدة، وأشار الى تاريخ الدولة السودانية الذي ارتبط بوجود المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية، كذلك الامر في كل دول أفريقيا بسبب الاستعمار، وقال الحاج لـ(الصيحة) أغلب الحكومات في السودان كانت عسكرية، جاءت بمطالبة وتخطيط من القوى المدنية, وهي أي القوى السياسية دعمت الانقلابات العسكرية على مَرّ تاريخ السودان، داعياً أن تصبح المؤسسة العسكرية جزءا من الانتقال الديمقراطي, وأساسياً فيها، وتابع بالقول: “الانتقال لا بد له أن يكون محميا ومدعوما من الجيش السوداني لحمايتها من اي انقلابات تخطط لها القوى النظامية أو المدنية. كذلك أن يكون الجيش جزءاً أساسياً في حماية الديمقراطية من الاختراق, والهيمنة الدولية ومن تدخل المخابرات من الدول الأخرى”. ودعا الجيش بضرورة الإسراع في دمج وتسريح وتصنيف قُوّات حركات الكفاح المسلح. وسرعة البت في إنفاذ ملف الترتيبات الأمنية, لجهة أنه مهم جداً في هيكلة وصياغة المؤسسة, مشيرا أن هذا الملف سيشكل الفيصل في وجود الجيش في المشهد السياسي, اما داعما للانتقال أو العكس.

حرة ونزيهة

ورهن المحلل د. عبده مختار تخلي المؤسسة العسكرية عن السلطة بالتوصل لتوافق وطني بين القوى السياسية, والدخول في انتخابات حرة ونزيهة, وشدد لـ(الصيحة) على ضرورة اهتمام الأحزاب السياسية بالقضية بشكل جدي, وعدم الركون والالتفات للمُشاكسات والمناورات السياسية التي لا تجدي، ونوه الى أن خروج الجيش عن المشهد مرتبطٌ بالانتخابات, وليس قبل ذلك ولا غير ذلك, وجزم مختار استمرار المؤسسة العسكرية في السلطة في ما تبقى من الفترة الانتقالية حتى قيام الانتخابات. وقال على القوى السياسية أن تتوافق حتى تستقر الفترة الانتقالية بالتالي تنظيم الانتخابات، لذلك لا بد أن تقوم الأحزاب السياسية بتهيئة المناخ لخوض انتخابات حرة ونزيهة.

شدٌ وجذبٌ

ونظر القيادي بالمؤتمر الشعبي عوض فلسطيني الى قضية خروج الجيش من المشهد السياسي من زاوية أن القضية تحسمها الإرادة السياسية. وقال فلسطيني لـ(الصيحة) ان الإرادة السياسية هي الفيصل في التوصل لحكم مدني ديمقراطي، ودعا القوى السياسية والعسكرية التوصل لتوافق وطني وتقديم التنازلات من الطرفين للخروج من حالة الشد والجذب، واكد أن الأحزاب والمدنيين ليسوا ضد العساكر أو اي شخص بعينه في المؤسسة العسكرية ولا الجيش، وطالب بضرورة تفعيل سياسيات الإعفاء وطمأنة القوى العسكرية, وضمان عدم المُلاحقات، بالمقابل جبر ضرر أسر الشهداء، وقال لا بد من التوصل الى معالجة وطنية للقضية، واقترح فلسطيني تكوين مجلس عسكري من خمسة أفراد ومجلس وزراء مدني كامل الدسم بالتناوب, كما أشار لضرورة وجود توافق يفصل بين المؤسسة العسكرية وقضايا الحكم والسياسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى