صلاح  الدين عووضة يكتب : داء ودواء!!

12فبراير2022م 

وينشد أبو نواس:

دع عنك لومي فإن اللوم إغراء

وداوني بالتي كانت هي الــداء

ولعله – وهو يعني هنا الخمر – أنه لا يدرك مدى اكتشافه نظرية مهمة..

ولا أدركها الناس من بعده..

ولكنها أساس نظرية علمية – طبية – طُبقت على نطاق واسع؛ فنجحت..

أو قال الواقع: وهو المطلوب إثباته..

سيما في مجال اللقاحات؛ مثل التي يتم التحصين بها من كورونا الآن..

ومفردة لقاح بفتح اللام..

وليس كما ينطقها مذيعو الفضائيات العربية هذه الأيام بضمها؛ أو كسرها..

وكأني بسيبويه يضمه قبره كلما نُطقت بالضم..

أو يكسر أضلعه كلما كُسرت؛ فقدره أن يتعذب حياً – وميتاً – مع اللاحنين..

هكذا أتخيله؛ وتخيل أنت مدى عذابي البارحة..

فقد فوجئت بمصحح جريدتنا هذه يبدل حرف الزاي في كلمة نزر بالذال..

ويُفرغ – من ثم – عبارة نزر يسير من معناها..

رغم أنه – زميلنا محمد عبد اللطيف – لغويٌّ ضليع؛ ولكن لكل جوادٍ كبوة..

المهم أن الداء قد يكون هو نفسه الدواء..

وفيروسات كورونا المنتشرة في زماننا هذا لقاحاتها من أصل بروتيناتها..

أي من أصل الداء ذاته..

وكذلك أمصال العلاج التي تسابق شركات أدوية الزمن الآن لإنتاجها..

وفي علم النفس – كذلك – قد يكون العلاج في الداء..

بمعنى أن تكون مصادر الأزمات النفسية هي ذاتها مصادر العلاج النفسي..

وتتلخص في مقولة: واجه مخاوفك..

فإن كنت تخشى أشباح الليل – مثلاً – فابحث عنها ليلاً وأنت تغالب رعبك..

ولن تجدها طبعاً؛ لأنه ما من أشباح ليلٍ أصلاً..

وعندها تكون قد أكملت العلاج؛ واكتملت صحتك النفسية إزاءالداء هذا..

فهو داءٌ وهمي؛ ومثله العديد من أمراض الرهاب..

وسياسياً عشنا – محلياً – ويل داءٍ لا يقل عن خطورة كورونا؛ عالمياً..

واسم الداء هذا من ثلاثة أحرف: ق ح ت..

والأحرف الثلاثة هذه تسببت في أزمة تتكون من خمسة أحرف؛ انقلاب..

انقلاب على مفاهيم فترة الانتقال عقب الثورات..

وأعني عندنا هنا في السودان؛ فمهمة الفترة هذه التمهيد لانتخابات حرة..

ولكن ق ح ت هيأت نفسها لحكم طويل… طويل..

فمكوناتها تعلم ألا سبيل لها عبر صناديق الاقتراع نظراً لقلة قواعدها الشعبية..

فلتكنكش – إذن – مثل كنكشة الإنقاذ..

ثم انقلاب على شعارات الثورة؛ على الحرية… على العدالة… على الثورية..

ونعني بمفردة الثورية هنا التحلي بروح الثورة..

فلم يكن من خيار إذن لمغالبة داء كورونا السياسي هذا إلا بدواء من عينته..

إلا بانقلاب على الانقلاب..

فكانت خطوة الخامس والعشرين من أكتوبر من تلقاء المكون العسكري..

ولكنه كان دواء شبيهاً بلقاح كورونا..

فلقاح كورونا هو شيء من فيروس كورونا؛ وكذلك ما وصفته قحت بالانقلاب..

فما هو بانقلاب؛ ولكنه شيءٌ من انقلاب..

هو ترياق لمواجهة الفيروس القحتوي بشيء من خصائص الفيروس هذا..

وذلك حتى نعبر إلى محطة الانتخابات..

وننتصر على داء كان بصدد أن يتلف الجهاز التنفسي لثورتنا؛ كما كورونا..

ننتصر عليه بدواء من جنس أصله..

أو من جنس عمله؛ وكأن ثورتنا تقول: داوني بالتي كانت هي الداء..

وما من داءٍ ليس له علاج..

أو دواء!!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى