اتهام البدوي لـ(قحت).. على مَن تقع المسؤولية؟!

 

الخرطوم: الطيب محمد خير   9فبراير2022م

عاود وزير المالية والتخطيط الاقتصادي في الحكومة الانتقالية الأولى للثورة، د. إبراهيم البدوي، مجدداً لإشعال جذوة نار خلافه مع اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير، وشن الرجل عليها هجوماً شرساً بإيقاع اشبه بالصراع السياسي مُتبرئاً من مسؤولية ذلك الفشل والتدهور المتسارع الخطى في الأوضاع الاقتصادية، وأكد البدوي بكل صراحة وشفافية في الندوة (الاسفيرية) لرابطة الماليين السودانيين بقطر: عدم توافقه مع برنامج اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير منذ البداية, بسبب أن برنامج اللجنة كان مبنياً على رؤية فاشلة, وعزا ذلك لانتماء أعضائها لمدرسة اقتصادية أثبتت فشلها في كل العالم, وبرأ  رؤيته للإصلاح الاقتصادي التي قال انها كانت ترتكز على مفهوم الديمقراطية الاجتماعية، والتوافق ما بين دولة الرعاية وآليات السوق الحر ، لتحقيق الاستقرار للاقتصاد الكلي أولاً ، ثم تحقيق الاستدامة والأهداف الاجتماعية الكبرى.

جذوة نار

وكان البدوي طوال الفترة التي ادار فيها حقيبة وزارة المالية، ظل دائم الشكوى من تدخل الحاضنة السياسية للحكومة في عمله, وهو يصف أفكارهم بانها بالية, وعفا عليها الزمن , وظلت جذوة نار الخلاف بينهما  مشتعلة، حتى وصلا في عداوتهما لطريق مسدود اتسع فيه الفتق على الراتق ، وانتهى بإقصاء البدوي من وزارة المالية. بعد ان اتهمته اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير بالعمالة لصالح البنك الدولي, وكرّر بأن أفكارهم قديمة وبالية عفا عنها الزمن ولا تصلح للتطبيق في السودان.

رسائل خاصة

عاد البدوي مرة أخرى، يُثير الجدل , وإعادة توجيه سهام تهمه تجاه قوى الحرية والتغيير ماذا يرمي منها وما هي الرسالة التي يريد البدوي توجيهها إلى الرأي العام السوداني؟

قال عضو اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير عادل خلف الله، إن البدوي يريد تعليق فشلهم في الحكومة, لشماعة عدم التوافق بين قوى الحرية والتغيير, ورأي في حديث لـ(الصحية) ان الواقع يؤكد عكس ذلك انه فشل في المدرسة التي اتبعوها والتي تقوم على المزيد من تنصل الدولة من مسؤوليتها الاجتماعية والاقتصادية، وقال: الغريب في الأمر ان البدوي رغم خبرته لا يعلم بوجود اقتصاد يعبر عن مصالح بخلفية أيديولوجية, وأضاف: ما قاله في حديثه هي رؤية اقتصادية مستندة على توجه فكري, واللافت في حديثه أنه منح نفسه الحق بأن تكون له رؤية اقتصادية, واستنكرها على الآخرين في نفس الوقت، مبينا ان برنامج قوى الحرية والتغيير هو برنامج توافقي قائم على رؤية وطنية عمادها فكرة الاقتصاد المختلط وتكون الدولة مسيطرة عليه جنبا الى جنب مع قطاع اقتصادي.

رؤية أيديولوجية

ويتساءل خلف الله كيف لشخص بكل هذه المؤهلات الاكاديمية يعطي الحق لنفسه أن تكون له رؤية أيديولوجية اقتصادية تعبر عن مصالح, ويصادر هذا الحق ويمنع عنه الآخرين؟ وقال حسب رؤيتنا في اللجنة الاقتصادية أن الفترة الانتقالية لا تتيح للفرد أن يطرح توجهاته الأيديولوجية لمجرد انه وزير، واضاف الحكومة الانتقالية تنفذ برنامجا توافقيا وهذا متفق عليه في اللجنة الاقتصادية للحرية والتغيير، وزاد: مطالبنا ان تُسيطر الدولة على بعض القطاعات والدول الرأسمالية التي جاء منها البدوي ايضاً مسيطرة على قطاعات حيوية, فلماذا يريد البدوي ان يحرم السودان من قيام القطاع العام جنباً الى جنب مع القطاع الخاص؟

فشل برنامج

ولفت خلف الله الى ان فشل حكومة حمدوك كان سببه قيامها على البرنامج الاقتصادي الضيق, الذي تم بتوافق بين البدوي وحمدوك, وطبق خارج مجلس الوزراء. ويبقى الفشل فشل برنامج البدوي, والمدرسة التي يعبر عنها لأنها غير متسقة مع مشكلات السودان الاقتصادية, ولا مع وظيفة الحكومة الانتقالية. وأكد أن مدرسة البدوي لا تعبر عن تطلعات الشعب السوداني, لذلك فشل. واضاف حتى فشل حمدوك في اعادة الامور لنصابها سببه استمرار ذات السياسات، وحتى جبريل، الآن جمعيهم يتبعون مدرسة ذات توجه اقتصادي فكري لا تقدم حلولا للمشكلات الاقتصادية السودانية، وعزا خلف الله في حديثه فشل البدوي ومن بعده هبة وحتى حمدوك، والآن د. جبريل سببه انهم يحاولون إلباس جسد الاقتصاد السوداني جلابية ضيقة جداً وهم يريدون تحميل قوى الحرية والتغيير مسؤولية الفشل بدلاً من أنفسهم مع قوى الفساد والنشاط الطفيلي!!!

النموذج الأفضل

ولكن الخبير الاقتصادي د. محمد الناير قال لـ(الصيحة) عدم توافقه مع برنامج اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير. لكن السياسات التي طبّقت بكاملها هي ذات سياسات البدوي التي رسمها إبان وجوده في وزارة المالية، الآن السؤال ما هي النتيجة؟ نعم لم تطبق سياسات لجنة قحت الاقتصادية، لكن السياسات التي اتبعت في عهد البدوي وهبة وجبريل الآن، هي ذات سياسات صندوق النقد الدولي التي اثّرت بصورة كبيرة جداً على الاقتصاد السوداني، وبالتالي البدوي لم ينفذ ولا حرفاً من توصيات وسياسات لجنة قحت الاقتصادية، فكيف يحملها فشل السياسات الاقتصادية التي أدت لهذه الكارثة الماثلة الآن؟ وتابع إن كانت هناك عداوة وتشاكس بينه وبين الحاضنة السياسية أدى لتعطيل دولاب العمل كان يمكن ان يكون هذا مقبولاً, لكن لا تتحمّل الحاضنة السياسية فشل ما نفّذه البدوي من سياسات طوال فترته وبشّر بها, في وقت كان النموذج الأفضل هو النظام الهجين أو الخليط بين الاشتراكية والرأسمالية.

 تبايُن المدارس

ويقول د. الناير، إنّ التباين بين المدارس الاقتصادية ليس مشكلة وإنما المشكلة في ان البدوي ولجنة قحت الاقتصادية, ظلوا طوال العامين الماضيين في خلافات ونزاع كل منهما له رؤية مغايرة, وهذا لم يكن في مصلحة البلد. وقال الآن إبراهيم البدوي تحدث عن ذات المشكلة, لكن الجرعة التي أخذها المواطن السوداني من تطبيق روشتة صندوق النقد الدولي تسمى إصلاحاً, وأي دولة طبقت هذه الروشتة الإصلاحية لصندوق النقد استلمت منه مبالغ كبيرة لتشكل حماية للشرائح الضعيفة والفقيرة, لكن هذا لم يحدث في السودان، إذ تحمل المواطن ضغط فاتورة عالية دون ان تكون هناك مبالغ للحماية، عكس ما حدث في مصر, التي استلمت مبالغ ضخمة شكّلت بها حماية للشرائح الضعيفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى