سراج الدين مصطفى يكتب : نقر الأصابع ..

7فبراير2022م

أغنيات لا تشيخ!!

(أغنية في عز الليل):

أغنية (في عز الليل) واحد من أشهر الأغنيات السودانية .. استمع لها المستمع السوداني بلحنين مختلفين .. لحن بصوت الفنان الكبير عبد الكريم الكابلي والآخر بصوت الفنان النور الجيلاني .. وهذه الأغنية بكلتا اللحنين لها معجبوها.. حيث يفضلها البعض بلحنها الهادئ الذي أبدعه الكابلي وبلحنها الصاخب ذي الإيقاعات المتعددة بصوت النور الجيلاني .. ويقول الشاعر التجاني حاج موسى، شاعر الأغنية وظلت القصيدة سنوات تنتظر من يشدو بها.. إلى أن كانت أمسية ثقافية أخرى في العام 1980 بكلية معلمات أم درمان حيث كنت مشاركاً مع الأستاذ الفنان عبد الكريم الكابلي الذي قدم نماذج من الأغنيات الشعبية وقرأت بعض أشعاري، وعند نهاية الأمسية طلب مني كابلي قصيدة “في عز الليل” وكان قد عزم السفر للمملكة العربية السعودية ليقضي فيها عامين.. وبعد عام علمت أنّه لحّن الأغنية ومعها أغنية “ماذا يكون حبيبتي” للراحل الشاعر حسن عباس صبحي.. وبعدها بأيّامٍ أقمت احتفالاً للصديقين الشاعرين حسن السر وبشرى سليمان بعد عودتهما من الجماهيرية وكان الصديق الفنان النور الجيلاني أحد الحضور، فقرأنا أشعاراً وغنينا فطلب النور الجيلاني أن أكتب له قصيدة “في عز الليل”.. فأخبرته أن الكابلي لحنها، فأخبرني أنه أعجب بالقصيدة ويريد الاحتفاظ بها.

وفي العام 1983 سجلها الكابلي للإذاعة هي ورائعة حسن عباس صبحي “ماذا يكون حبيبتي”.. وفاجأنا النور الجيلاني عبر برنامج شهير اسمه (مطرب وجماهير) كان يعده الإعلامي المرحوم عبد العاطي سيد أحمد.. وكان مقدم تلك الحلقة الإعلامي المهندس صلاح طه الذي سأل النور الجيلاني إن كان سيقدم أغنية جديدة.. فقال النور الجيلاني بالحرف الواحد (نعم لديّ أغنية جديدة بعنوان “في عز الليل” وأنا استأذن صديقي الشاعر اسماعيل الحاج موسى.. هكذا نطق اسمي .. واستأذن الفنان الكبير عبد الكريم الكابلي الذي اجاد في أداء ولحن نفس الكلمات أستأذنهما لأقدم محاولاتي في أغنية “في عز الليل”).

(أغنية جسمي انتحل):

ولنأخذ نموذجا لذلك .. أغنية (جسمي انتحل) والتي اشتهرت بصوت الفنان الكبير أبو عركي البخيت ولكنها في الأصل لفنان يدعي (هاشم حمزة) ومن ألحان الموسيقار (ناجي القدسي) وهو في الـ16 من عمره أبدع أول تأليف موسيقى خاص به مقطوعة (آمال) التي سجلتها أوركسترا الإذاعة السودانية سنة 1961م، وفي ذات السنة كوّن مع الشاعر حسين حمزة وأخيه الفنان هاشم حمزة، وعوض الله أبو القاسم، فرقة فنية في الهاشماب بأم درمان.. ولحّن مجموعة من القصائد للشاعر حسين حمزة هي: (جسمي انتحل، ضاع مع الأيام، سلوى، الدبلة، الصداقة ولاقيني في الأحلام). وقد سُجِّلت كلها للإذاعة السودانية سنة 1961م بصوت الفنان هاشم حمزة ولاقت رواجاً كبيراً.

وخلال عام 1962م قام نجم الغناء الصاعد وقتها أبو عركي البخيت بغناء (جسمي انتحل) التي طبقت شهرتها آفاق السودان.. واشتهر البخيت بها كما اشتهرت به دائماً.. أما لحن (ضاع مع الأيام) فقد تم استبدال كلمات الشاعر حسين حمزة بكلمات الشاعر مرتضى صباحي (خلاص مفارق كسلا) التي أطلقت نجومية التاج مكي، فتحوّل مع الملحن ناجي القدسي إلى ثنائي بالغ الروعة.

(أغنية علي قدر الشوق):

كان ذلك في منتصف السبعينيات .. وكان وقتها الشاعر محمد أحمد سوركتي يشارك الشاعر والصحفي والناقد الفني والشاعر سليمان عبد الجليل في تحرير الصفحة الفنية بجريدة “الصحافة”.. وكان ذلك أيضاً بعد النجاح الكبير الذي حققته أغنيته “سلم بعيونك” والتي قام بتلحينها الموسيقار المبدع ناجي القدسي وقام بأدائها الفنان الكبير حمد الريح.. قلت لسوركتي ثم ماذا بعد أغنية سلم بعيونك.. فقال بعدها جاءت (على قدر الشوق).. وقد أعجبت هذه القصيدة الأستاذ سليمان عبد الجليل وقام بنشرها في الصفحة الفنية.. ثم بعد ذلك حملها بنفسه الى الموسيقار محمد وردي والذي أعجب بها أيضاً.. وتمر الأشهر والأيام وإذا بالأخ سليمان عبد الجليل يخبرني بأن محمد وردي فرغ من تلحين الأغنية وانه بصدد تقديمها قريباً.. وبعد فترة قصيرة اتصل بي سليمان عبد الجليل وقال لي استمع لأغنيتك غداً في إذاعة أم درمان.. من المؤكد بأنك كنت متلهفاً لهذا الغد، هكذا سألت سوركتي فقال (الغد الذي كنت انتظره كان هو أول أيام عيد الفطر.. حيث استضاف الإعلامي الكبير علم الدين حامد، الأستاذ وردي في صبيحة ذلك اليوم .. ولم أصدق لحظتها أن الأستاذ الكبير محمد وردي سيتغنى بأغنيتي “على قدر الشوق” وأنا ما زلت شاعراً في بداية الطريق وأخطو خطواتي الأولى في هذا المجال، فقد كان رصيدي في ذلك الوقت ثلاث أغنيات فقط هي ـ سلم بعيونك ـ بتقول مشتاق وعشنا وشفنا كتير في الحب للرائع شر حبيل أحمد .. ولم تسعني الدنيا والفرحة وأخبرت كل الأهل والأصدقاء لمتابعة هذا الحدث، مع ملاحظة ذلك الكم الهائل من روائع محمد وردي في ذلك الزمن الجميل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى