شاكر رابح يكتب :تدويل الأزمة السودانية

7فبراير2022م

ظل السودان كغيره من الدول القلائل شبه «مقفول» طيلة فترة حكم الانقاذ من التأثير الخارجي، ونعزي ذلك  لطبيعة نظام “البشير” الأيديولوجية التي كانت شديدة الحساسية مع قرارات المنظمات الدولية والدول الغربية بشكل عام، وبعد سقوط الإنقاذ أصبحت أبواب السودان مفتوحة لأجهزة المخابرات الدولية والإقليمية والمنظمات ذات الأجندات المشبوهة، واصبح بائنا للعيان الاثر السلبي للتدخل الأجنبي، وقد أثر بشكل مباشر على الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني، مما حدا بالمواطنين بالترحم على النظام السابق رغم مساوئه.

بات واضحاً للعيان ان هناك قوة خارجية بإيعاز داخلي تعمل بشكل جدي على خلق فوضى خلاقه تسهم في عدم إكمال مؤسسات الحكم وتطويل الفترة الانتقالية حتى لو تسبب ذلك في نشوب واندلاع حرب اهلية، حتى يتم تدويل الأزمة السودانية، مع التسليم ان السودان ليس جزيرة معزولة، انما يتأثر بما يجري في محيطه الدولي والإقليمي شرطا على لا ان يبلغ ذلك حد الفوضى والتفريط في الثوابت الوطنية ومكتسبات ثورة ديسمبر المجيدة، اذ يجب ان تبقى التدخلات الخارجية في حدود العرف الدبلوماسي دون تأثير مخل يخل بمجريات الأحداث الوطنية السياسية الداخلية، ومن الصعوبة بمكان ان تتخلى الدول “العظمى” عن السودان لأهميته الاستراتيجية، وموقعه الجغرافي في المنطقة، ولما يتمتّع به من ثروات طبيعة مهولة جعلته محل نظر ونهبا للأطماع الخارجية.

والذين يعولون على الحلول المستوردة، عليهم أن يطلعوا على القانون الدولي وقد نصت المادة (م2ف7) من ميثاق الأمم المتحدة (ليس في هذا الميثاق ما يسوغ للأمم المتحدة أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما، وليس فيه ما يقتضي الأعضاء ان يعرضوا مثل هذه المسائل لأن تحل بحكم هذا الميثاق، على أن هذا المبدأ لا يحل بتطبيق تدابير القمع الواردة في الفصل السابع).

 

لقد جاء تحريم التدخل الأجنبي بكافة أشكاله في قرارات ومواثيق المنظمات الدولية كونه يمارس من دول ضد دول اخرى، ويستند مبدأ عدم التدخل في الشأن الداخلي للدول على جملة من المعطيات والتي تتمثل في سيادة الدولة والى قدرتها على فرض سيطرتها على حدودها واختيار نظام الحكم فيها وحق التصرف في استغلال مواردها الاقتصادية، واي تدخل باي مسمى كان، لا شك أنه ينتقص من سيادة الدولة باستثناء ما ورد في القوانين والاتفاقيات بين الدول.

تناقلت الوسائط الإعلامية، التصرف المشين والسلوك السيئ واللا أخلاقي واللا وطني لقوى الحرية والتغيير، وقد اشارت الأخبار أن وفداً من قيادات الجبهة الثورية، طالبت مجلس حقوق الإنسان بإبقاء السودان تحت بند الإجراءات الخاصة، ويقول ان الدعم السريع وقيادات المكون  العسكري يشكلون خطراً على المدنيين وحقوق الإنسان، وفي خبر آخر اكثر غرابة، فإن سفير المملكة المتحدة في الخرطوم سجل زيارات لمنازل وأُسر شهداء ما بعد الانقلاب في بحري، كذلك تناقلت الاخبار أن الولايات المتحدة مولت واجهات حزبية ومنظمات مشبوهة بحوالي 100 مليون دولار يقدر هذا المبلغ بحوالي 48 تريليون جنيه سوداني!!!

وقد وصل بناء الحال ان تعقد لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، جلسة استماع لمناقشة الوضع المتأزم في السودان وكأن السودان ولاية من الولايات الأمريكية!!!

 

أعتقد، نحن في زمن انقلبت فيه المفاهيم، وسقطت فيه القيم السودانية السمحة وانهارت فيه الأخلاق، وأصبحت خيانة الوطن “شطارة” سياسية، وكنا قد درسنا في منهج القانون أن جريمة خيانة الوطن كبرى لا تغتفر كون المجني عليه وهو الوطن، ويمكن أن تجد مبرراً لأي عمل مشين او مخالف للقانون الا خيانة الوطن لا مبرر لها ولا شفاعة مرتكبيها، وخائن الوطن يستحق الرجم مثله ومثل «أبي رغال» الذي كان دليلاً لقوات أبرهة الحبشي الذي كان يريد هدم الكعبة وقد توفي بالطريق الى مكة دفن هناك ولا يزال قبره يُرجم من المارة بالحجارة الى يومنا هذا ليكون عبرة لمن لا يعتبر.

 

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل،،،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى