عبد الله مسار يكتب : (٢٦ يناير)

30يناير2022م

خرجت جموع غفيرة من المواطنين في تظاهرة سلمية عج بها شارع الستين والشوارع الجانبية، وكذلك وقف بعض المواطنين السودانيين وقفات احتجاجية أمام سفارتي بريطانيا والنرويج في يوم ٢٦ يناير٢٠٢٢م،  ويتزامن ذلك مع ذكرى تحرير الخرطوم من بريطانيا، حيث دخل الأنصار الخرطوم فاتحين، وقطعوا رأس غردون في سراي الحاكم العام، وكان ذلك بثورة شعبية قومية أمّها كل أهل السودان وكانت تعبيراً عن مضي القرار الوطني وسيادة واستقلال السودان، وما أشبه اليوم بالبارحة، حيث اُستعمر السودان وقتها من بريطانيا، وها هو اليوم القرار والسيادة الوطنية سُلبتا بمُوجب قرار الأمم المتحدة بإرسال بعثة أممية بطلبٍ، خِلْسَةً من حكومة “قحت” وأحزاب اليسار للسيطرة على السودان تحت يافطة العمالة والاستعمار، وجيء بهذه البعثة التي لم يعرض أمر إحضارها على الشعب، ومثل هذا الطلب خارج تفويض حمدوك لأنه قرارٌ لا يصدر إلا بأحد أمرين:

إما قرار من مجلس تشريعي مُنتخب.

أو من استفتاء عام من الشعب السوداني، ولكن طريقة الكيري والسرقة هذه، ليس لها سند قانوني.

ولذلك خروج الشارع أرسل أكثر من رسالة:

١/ ان القوى السودانية الصامتة بدأت تتحرك بعد أن طفح الكيل، وبعد أن طغت وتجبّرت قِوى بسيطة على حساب أكثرية الشعب.

٢/ ان الشعب السوداني عصيٌّ على التدجين ودخول بيت الطاعة الاستعماري، وإن فولكر وبعثته غير مرغوب فيهما، ومطلوب أن نرى عرض أكتافهم خروجاً من السودان، إما بقرار من مجلس السيادة أو بأمر من محكمة مختصة أو بقرار الشارع السوداني.

٣/ ان السفارات الأجنبية وخاصة البريطانية والنرويجية، يجب أن ترعى بقيدها، وعلى أي دبلوماسي فيها أن يتعامل وفق القوانين والأعراف الدبلوماسية، وأي خُرُوج عن ذلك معناه مغادرة السودان كشخص غير مرغوب فيه.

٤/ يظن هؤلاء السفراء أن السودان في مرحلة ضعف، ولذلك يتصرّفون كأنهم أسيادٌ، خاصةً وأن أحزاب اليسار جاءت بهم لتستقوي على التيار الوطني العريض، وبصورة أدق تقضي على التيار الإسلامي الخاص والعريض، ولكن الإسلام والوطنية في السودان يتجذّران وهما صبّة من خرسانة وأسمنت وسيخ صعبٌ تكسير ذلك، فالسُّودانيون يعتبرون الوقوف ضد المُستعمر عبادة، إما نصر وإما شهادة وفي كلٌّ ربحٌ.

٥/ اليسار لم يتّعظ في تجارب الماضي لا في أكتوبر ١٩٦٤م، ولا في أبريل ١٩٨٥م، ولا مناسبات أخرى في اوقات اخرى كطرد نواب الشيوعي من الجمعية التأسيسية، ولا ضربة نميري لهم بعد انقلاب هاشم العطا في ١٩٧١م، ولا حتى في فترة الإنقاذ، ويكرر أخطاءه في إقصاء الآخرين والتسرع والعجلة في كل حين، بل يلدغ من نفس الجحر مرات عديدة.

٦/ ان تظاهرة ٢٦ يناير هي بداية تصحيح مسار الحكم والثورة في السودان، وهي أولى الأعمال لامتلاك ناصية القرار والسيادة، وإيقاف الرسائل الخطأ التي يرسلها اليسار للدول الغربية الاستعمارية، وإن الشعب السوداني تدجن، وهي تؤكد أن الأغلبية في السودان قد انتفضت، لا مجال لعميل أو مستعمر وسطها، وسيظل القرار السوداني وطنياً، وسيظل أي سوداني سيداً في بلاده ما دام حياً أو يُقبر تحت أرض السودان حُرّاً  ويُسجِّله التاريخ من صُنّاعه…

أخيراً..

السادة رئيس وأعضاء مجلس السيادة، جاء الوقت الذي تتّخذون فيه قرارات مصيرية تُحافظوا بها على القرار والسيادة الوطنية، وثقوا إن الشعب السُّوداني معكم وخلفكم، فقط (أملُوا قاشكم)، واعلموا أن الشعب السُّوداني شعبٌ أبيٌّ وعصيٌّ لا يقبل الذُّل والهَوَان!!

إن تظاهرة ٢٦ يناير بداية المد الجماهيري على كل المُستويات، انتخابات أو صوت حر وأيهما اُختير فمرحباً به.

إنّ إرادة الشعوب من إرادة الله لن تُقهر وإنا لمُنتصرون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى