حركاتٌ مُسلّحةٌ ترفض الدمج.. خرق الاتفاقية!!

 

الخرطوم: آثار كامل       29يناير2022م 

مازال بند الترتيبات الأمنية أهم بنود اتفاق جوبا للسلام في طي النسيان،

ي تنفيذ البنود الأخرى المتعلقة بعودة النازحين واللاجئين وإعمار ما خربته الحرب وإقامة تنمية مستدامة.

ولكن هل كل الحركات الموقعة على اتفاق السلام مجمعة على ضرورة تنفيذ بند الترتيبات الأمنية خلال الفترة الانتقالية كما حدد بوضوح اتفاق السلام ام ان هنالك حركات ترى غير ذلك؟

ووفق ما صرح مصدر لصحيفة “الحراك” امس، فقد أبدت بعض الحركات المُوقِّعة على سلام جوبا، عدم رغبتها في انفاذ بند الترتيبات الأمنية ودمج قواتها في القوات النظامية قبل الانتخابات، واضاف المصدر ان المشاورات السياسية بين القوى السياسية لادارة الفترة المقبلة سوف تصطدم برؤية القوى السياسية التي ترى حتمية دمج قوات الحركات قبل نهاية الفترة الانتقالية كي لا تتخذ الحركات من قواتها كروت ضغط تستخدمها خلال الانتخابات، بينما ترى الحركات ان الفترة الانتقالية لن تكفي لدمج القوات، ومن الافضل ان تحتفظ بقواتها لما بعد الانتخابات،  ولفت المصدر الى ان رغبة القوى السياسية إنهاء الوجود المسلح للحركات قبل الانتخابات تأتي من رغبتها في أن لا يكون هناك أي مؤثر عسكري خلالها في أي وقت تنعقد فيه، خَاصّةً وأنّ اتفاقية جوبا منحت الحركات الحق في الترشح كأحزاب سياسية.

 

وقال مصدر مطلع لـ(الصيحة)، إن عدم تنفيذ بند الترتيبات الامنية وفق ما نصت اتفاقية السلام، يُعد خرقاً للاتفاقية، خاصة وانه يمثل اهم بنودها لأجل حفظ الاستقرار في مناطق النزاعات لإتاحة الفرصة لمواطنيها للدخول في العملية الانتخابية.

أوضاع أمنية

مصدر أمني أكد لـ(الصيحة)، أن الترتيبات الامنية بدأت بالفعل في بعض الحركات،  رغم أنها تمضي ببطء، وقال إن مشكلة التمويل مازالت قائمة وهي المشكلة التي حذرت منها بعض الحركات كثيراً بقولها ان التمويل سيكون عائقا في تنفيذ اتفاقية الترتيبات الأمنية،  وأضاف أن اتساع رقعة العمل الميداني أخذ وقتا كبيرا للوصول الى معسكرات تجميع القوات، مبينا أن الأوضاع الامنية في دارفور سوف تُشكِّل عائقاً أمام تنفيذ بند الترتيبات الامنية، خاصة ان هنالك اتجاها لتشكيل قوى مشتركة في دارفور.

 

كسبٌ سياسيٌّ

بدوره، قال محمد اسماعيل القيادي بالجبهة الثورية، مقرر الجبهة، إن اتفاق سلام جوبا الهدف منه وقف الحرب والذهاب الى دولة فيها الحرية والسلام والعدالة، وأضاف قد تكون هناك حركات لديها رأي في تنفيذ بند الترتيبات الامنية،  ولكن هذه نوايا سيئة  ويأتي في سياق الكسب السياسي من حركات غير واثقة في نفسها، ونوه بأنه ربما تكون بعض الحركات لديها نوايا بحفظ القوات لما بعد الانتخابات،  ولكن هنالك تلكؤ واضح  في تنفيذ بند الترتيبات الأمنية من الجانبين الحكومة والحركات, وقال ان بعض الحركات لديها رغبة وارادة لتنفيذها، واضاف قائلاً: نحن كأطراف للعملية السلمية نرفض تماما هذا التلكؤ وعدم الثقة بالنفس.

 

كرت ضغط

وأضاف إسماعيل أنه دون ترتيبات أمنية حقيقية لا يوجد سلام، واشار الى صعوبة قيام الانتخابات ، مشيرا الى وجود ضبابية في كل النواحي سواء اقتصادية او سياسية، مضيفاً بأن بعض القوى السياسية تسعى لشيطنة الحركات المسلحة وأخبار كهذه تسعدها، ولكن اتمنى بان يكون قرار تلك الحركات مجرد كرت ضغط وليس في إطار حقيقي،  وقال: صحيح توجد عقبات، ولكن لا بد من توفر ارادة اخراج البلد الى بر الامان، وأشار بان المعضلة الأساسية في اتفاقية جوبا  الآليات والمفوضيات التي لم تشكل، مشيرا الى أن الاتفاقية نفذت بنسبة (20%) لعدم وجود إرادة،  وأضاف ان اتفاقية جوبا التي منحت الحركات الحق في الترشيح خلال الانتخابات كأحزاب سياسية تستلزم تنفيذ الترتيبات الأمنية ومن ثم منحها شهادة بأنها لا تحمل السلاح.

خَرق الاتفاقية

ويقول المحلل السياسي إبراهيم آدم، إن تنفيذ اتفاقية جوبا لسلام السودان تأثر كثيرًا بمجريات الأحداث الداخلية وعدم الاستقرار  في السودان، وقال لـ(الصيحة) إن الاضطرابات والفشل الذي أصاب حكومة الفترة الانتقالية أدى الى عدم تنفيذ بنود الاتفاقية بشكلها المطلوب سوى بند المشاركة في الحكومة التنفيذية التي لا تسوى شيئاً في ظل وجود قوات مسلحة غير مدمجة في الجيش، وقال، هنالك ضرورة لتسريع عملية الإحلال والدمج في القوات المسلحة، وذكر أن الخلافات بين القوى السياسية تجاه الحكومة الانتقالية وعدم التوافق على آلية موحدة لتنفيذ الاتفاقية كانت عقبة أمام الحركات للتحرك الى الأمام بشأن عملية تنفيذ الاتفاقية، ولفت الى أن بند الترتيبات الأمنية عطّل لعوامل مادية ولكنها تأثرت مباشرة بما يجري في الحكومة الانتقالية، وأضاف: إن تأخُّر بند الترتيبات الأمنية لا يعطي الحركات الحق في الاحتفاظ بالقوة أو عرقلة الترتيبات، لأن ذاك يعتبر خرقا لاتفاق سلام جوبا!

 

معضلة حقيقية

ويرى المحلل والمختص في الشؤون العسكرية عثمان إبراهيم عثمان، ان الحركات تتحمل جزءاً من عملية البطء في الترتيبات الامنية وإرباك المشهد الأمني، وقال لـ(الصيحة) إن اتفاق الترتيبات الامنية تأخّر بسبب انعدام التمويل، بجانب ان الحركات نفسها لم تهيئ نفسها في وقت محدد لتجميع قواتها، واعتبر تلك عملية معيبة، وجزم بأن اتفاق سلام جوبا حدّد مُدّة زمنية معينة لتنفيذ الترتيبات الأمنية، ولكن عدم تنفيذها في تلك المدة لا يمنح الحركات الحق في ان تحتفظ بقواتها، وعلّق قائلاً: “لا انتخابات بلا ترتيبات أمنية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى