تأجيل زيارة مقرر حقوق الإنسان.. ردود فعل

 

الخرطوم: نجدة بشارة     29يناير2022م 

أوجدت التطورات السياسية المتلاحقة في السودان، عقب قرارات رئيس مجلس السيادة البرهان في 25 أكتوبر، وما تتابع من احتجاجات ورفض القرار من قبل بعض القوى السياسية، أضف الى ذلك العنف الذي جابهت به القوات الأمنية هذه الاحتجاجات، وأدت لقتل وجرح المتظاهرين، كل هذه الأحداث أوجدت تغييراً كبيراً في المشهد السوداني، ودفعت مجلس حقوق الإنسان بعد أسبوعين من هذه القرارات، وفي جلسته المنعقدة بتاريخ 5 نوفمبر بتعيين مقرر لحقوق الإنسان في السودان وهو الدبلوماسي السنغالي أداما دينغ.

ويرى مراقبون أن مهمة أداما تتركز في إقامة حوار مع جميع أطراف الأزمة بهدف الحد من حدة التوتر، وتحسين الوضع الإنساني في البلاد، لحين إعادة تشكيل الحكومة المدنية.

 

ردود فعل

لكن في المقابل، أثار تأجيل السلطات السودانية، زيارة المقرر الخاص بحقوق الإنسان الى الخرطوم في الـ22 من يناير الماضي ، دون توضيح اي اسباب من قبل السلطات، أثار ردود فعل كبيرة على المستويين المحلي والدولي، وبرزت تساؤلات وسط المتابعين للشأن السياسي..؟ لا سيما في ظل العنف وتدهور حقوق الانسان في البلاد، وعبر اللورد احمد، وزير حقوق الإنسان البريطاني عن قلقه العميق من تأخير وصول الخبير الأممي لحقوق الانسان للسودان،  وقال في تغريده له (من المقلق جدا تأخير السلطات السودانية لزيارة الخبير الأممي لمجلس حقوق الانسان أداما دينغ)، وأشار الى التدهور السريع في أوضاع ‫حقوق الإنسان، وأكد أنه من الضروري أن تمضي هذه الزيارة بشكل سريع، وأن يشارك المسؤولون السودانيون بحُسن نية .

في ذات السياق، قال رئيس لجنة التحقيق المستقلة في فض اعتصام القيادة العامة، د. نبيل أديب، إن قتل المتظاهرين يمكن أن يفتح الباب إلى تدخل دولي، من باب واجب الحماية الذي تم تطبيقه في عدد من الدول، ووصف أديب في تصريحات صحفية قتل المتظاهرين بأنه جريمة خطيرة وفي ظروف معينة يتم تصنيفها بأنها جرائم ضد الإنسانية، وتمس حقوق الإنسان، مطالبًا بإجراء تحقيق فوري وجاد ومقنع في قتل المتظاهرين.

 

رصد ومتابعة

ولاحقاً، أصدر مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، بياناً بخصوص تأجيل زيارة أداما دينغ للسودان وجاء في البيان: تم تأجيل أول زيارة ميدانية لخبير الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في السودان، أداما دينغ  والتي كان من المقرر إجراؤها في الفترة من 22 إلى 27 يناير 2022، بناءً على طلب السلطات السودانية بينما علّق دينغ قائلاً  “أتابع بقلق عميق تدهور حالة حقوق الإنسان في البلد منذ تعييني في نوفمبر 2021″، وفي ظل هذه التطورات، شعرت بأن زيارتي كانت ستكون في الوقت المناسب، مع الأخذ في الاعتبار أيضاً أن جميع ترتيبات الزيارة قد وضعت في صيغتها النهائية بالتشاور مع السلطات، بما في ذلك إصدار تأشيرات الدخول لي ولفريقي، وأضاف دينغ  كنت اتطلع كثيراً لإجراء محادثات صريحة مع الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية، بما في ذلك ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، ومضى دينغ أدعو السلطات في السودان إلى تحديد موعد زيارتي المقبلة في أقرب وقت ممكن. وفي غضون ذلك، سأواصل العمل مع طيف واسع من الجهات الفاعلة، بما فيها المجتمع المدني، لرصد وتقييم حالة حقوق الإنسان في البلد عن كثب.

 

إدانة ولكن

يرى الخبير في الدراسات الاستراتيجية والقانونية البروف عثمان أحمد خيري في حديثه لـ(الصيحة) أن تعيين مقرر خاص لحقوق الإنسان في السودان تعتبر في حد ذاتها دليل  إدانة ، وتجريما دوليا  لما يحدث في السودان، وتابع: نسبة الى أن الأمم المتحدة لا تلجأ الى خطوة تعيين مقرر خاص لحقوق الانسان لأي  دولة؛ ما لم يصل الحال فيها الى درجة معينة من السوء، واردف: ارى أن هذه الخطوة  إدانة، ولكن تحتاج الى الأدلة والرصد للانتهاكات والتي كان مقررا أنن يضعها في اجندة وأولويات الزيارة.

في الإطار، أوضح خيري أن اجراءات الخبراء والمقررين لحقوق الانسان تمتاز بالتسويف والتأخير في كتابة التقارير، وزاد: اعتقد انهم يحتاجون ما لا يقل عن سنتين الى ثلاث الى حين كتابة تقارير، وقال: عادة هم يعبرون عن القلق على الأوضاع ثم يلجأون للزيارات الميدانية لرصد تطورات حالة حقوق الإنسان، واردف لكن اعتقد ان السلطات السودانية اجلت اول زيارة ميدانية للمقرر، وهذا يوضح أن الأمم المتحدة، تظهر اهتمامها بالقضايا الحقوقية للدول المنتهكة، لكن في ذات الوقت لا تملك الصلاحيات لفرض تواجد مقررها، الا بالسماح لها من قبل سيادة الدولة، وأشار الى ان التقارير المرصودة من قبل الخبراء تفتح إمكانية لفرض البند السابع وذلك يسمح بالتدخل العسكري كما حدث في دارفور، ونوه بأن إجراءات حقوق الانسان بطيئة بدليل سكوت المجتمع الدولي حتى الآن بشأن فض اعتصام القيادة العامة للقوات المسلحة.

 

تطورٌ خطيرٌ

فيما قالت الخبيرة في مجال حقوق الإنسان د. منال عبد الله في حديث لـ(الصيحة)،  إن تأجيل السلطات السودانية زيارة المقرر الخاص لحقوق الإنسان في ميقاته المضروب يعتبر تطوراً خطيراً في الملف الانساني، وتابعت لا سيما وإن الاحتجاجات التي انتظمت عقب قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر قُوبلت بالكثير من العنف، وحدثت انتهاكات متعددة مثل الاغتصابات والضرب وسحل المتظاهرين، وقالت ان اغلب هذه الانتهاكات مرصودة وموثقة.

 

بداية التعافي

وأشارت د. منال الى ان السودان عقب سقوط النظام البائد، كان قد أحرز تقدماً كبيراً في مجال حقوق الانسان، ورفع عنه المقرر الخاص، باعتبار أن الأجواء الحقوقية بدأت تتعافى، وتم  تعديل بعض  القوانين المقيدة لحقوق الإنسان، مثل سيداو، النظام العام، المرأة والطفل، وزادت بأن قرارات البرهان اعادت المشهد الى ما قبل الثورة من حيث تعيين مقرر جديد لحقوق الإنسان، واستنكرت قرار السلطات تأجيل زيارة المقرر، وقالت ان هذا تطور  سيئ ونقطة سوداء في حق السودان، لا سيما وان هذه الزيارة الميدانية الأولى للمقرر، وأكدت ان المقرر كان يمكن أن يؤدي مهمته بسهولة مع مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان في السودان، ومع الجهات الفاعلة الحكومية وغيرها من منظمات المجتمع المدني، وتوقعت ان يكتب المقرر تقريراً للأمم المتحدة بشأن تأجيل زيارته من قبل السلطات المعنية في الدولة، وأضافت وهذا مؤشر غير جيد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى