الرُّحَّل في غرب السودان.. مُعاناةُ لأبعد الحدود!!

 

 

تقرير: بشر عبد الرحمن تكيزو           26يناير2022م 

 

سُكّان البادية هم من الرعاة الرُّحَّل الذين يسكنون الخيام ويعيشون على رعي الإبل والأبقار والماعز ويتنقلون من مكان لآخر طلباً للماء والكلأ. فمصطلح البدو يُشير إلى مجتمع البادية المُمتد على ربوع السودان وخصوصاً البدو الرُّحَّل بإقليمي كردفان ودارفور .

العادات والتقاليد

يُعتبر رعي الماشية من العادات والتقاليد الموروثة منذ آلاف السنين لدى سكان البادية.

وشكّلت الماشية ورعي الماعز والأغنام والجمال والأبقار بشكل أساسي سُبل العيش التقليدية للبدو. واستُخدمت في إنتاج اللحوم ومُنتجات الألبان والصوف.

ويستخدم سكان البادية، الجمال كمصدر للغذاء الرئيسي ووسيلة للنقل لأبعد المسافات، وللجمال على وجه الخُصُوص العديد من الاستخدامات الثقافية والوظيفية. فلأنها كانت تُعتبر «هبة من الله»، وكان البدو يستخدمون الجمال كجُزءٍ من تفاصيل ثقافتهم المعيشية, حيث يُنظِّمون سباقات الهجن خلال المُناسبات الاحتفالية، مثل حفلات الزفاف أو المهرجانات الثقافية.

مُعاناة مُستمرّة

يُعاني سكان البادية والأرياف من صعوبة المواصلات والترحال  التي تنقلهم من وإلى المدن، إما بسبب بُعد القرية عن المدينة، وإما بسبب الطرق الوعرة الرديئة التي تؤدي للقرى أو الفرقان بالبادية، والطرق الضيِّقة الموجودة في الريف، مما يجعل الخروج للمدينة أمراً صعباً، وكذلك عدم توافر الخدمات الصحية والتعليمية، فتخلو البادبة عادةً من المستشفيات, لذا عند الحالات الطارئة التي لا تُعالجها المراكز الصحية يتم نقل المريض إلى مستشفيات المدينة لتلقي العلاج، أما من الناحية التعليمية فقد تُقام في البادية المدارس الأساسية لكنّها تخلو من المرحلة الثانوية، مما يجبر الطالب أن يكمل دراسته في المدارس الثانوية التي بجوار سكنهم، لكن ما يُزعج الطالب حينها المسافة الطويلة، وصُعُوبة المواصلات خصوصاً في فصل الخريف، بالإضافة إلى تكلفة الدراسة .

شُعُور سكان البادية بالعزلة عن المدينة، بسبب عدم توافر وسائل الاتصال والإنترنت وأجهزة الاتصالات، وعدم الوعي الكامل بكيفية العمل على الأجهزة الحديثة التي تُساعد على التقارُب والاتّصال بين المدينة والبادية. وتدني دخل الفرد في البادية, فهو يعتمد على الزراعة أو الرعي، إذ يعتمد الفلاح في البادية على ما ينتجه من محاصيل زراعية لتحقيق الاكتفاء الذاتي إذا كانت مساحة أرضه صغيرة، أما إذا كان يزرع الأراضي الكبيرة فقد يُعاني من قلة الأيدي العاملة، وصعوبة نقل إنتاجه وتسويقه في المدينة, ممّا قد يخسر في تكلفة الإنتاج الذي أنتجه في السنة. خلوّ القرية من الخدمات المُتاحة لأهل المُدن من ملاعب رياضية، ونوادٍ اجتماعية، ومطاعم، ومكتبات، ومكاتب بريد، وحدائق كبيرة، وفُرص وظيفية، وما يُعيق توافر هذه الخدمات قلة الكثافة السكانية والعشوائية في التنظيم داخل الأرياف والبوادي.

مُعاناة المرأة البدوية

تظهر المعاناة الأساسية للمرأة في بادية الرُّحَّل والرعاة منذ طفولتها، فالفتاة البدوية تُعاني التهميش والفقر، كما يساهم الجهل والحواجز الثقافية في تقييد حركتها وعدم توافر أعداد كافية من خدمات التعليم والصحة، وكذلك ضعف البنية التحتية وذلك يؤدي إلى عدم تمكُّنها من الالتحاق بالدراسة، فهي تظل محرومة من حقوقها في عدة مجالات, كما تتعرّض إلى التزويج المُبكِر.

نجد الفتيات في البادية يعشن طفولة مُهمّشة ومحرومة ومقصية من أدنى حقوقها المُتعارف عليها دولياً ومحلياً، ولا تتلقّى الرعاية اللازمة لا من الدولة ولا حتى من منظمات المجتمع المدني, مما يؤدي بهذه الفئة إلى الحرمان من التعليم والصحة ومن مُختلف الخدمات العمومية.

إنّ الواقع الراهن للمرأة البدوية في دارفور وكردفان، يُبيّن أنها ما زالت تُعاني من ظاهرة الأمية والفقر، فمن المؤسف جداً أن تكون في القرن الـ(21) ما زالت المرأة البدوية تُعاني من مثل هذه الضغوطات والتهميش من طرف المُجتمع من جهةٍ, ومن طرف الدولة من جهةٍ أخرى، إذ يُوزّع وَقت عَملها اليَومي بين العمل المنزلي (50%)، والعمل المُتعلِّق بتربية الماشية (19%)، والعمل في الحقول (21%)، والعمل في الصناعة التقليدية (10%) أي لا يُوجد وقتٌ للترفيه أو الراحة مما قد يسبب لها إرهاقاً نفسياً وبدنياً.

 

انفلاتٌ أمنيٌّ

أما الانفلات الأمني فقد وصل حدّاً لا يُطاق، حيث لا يزال سكان البادية يفتقدون للأمن جراء السرقات المُتتالية لقطعانهم وآلاتهم الزراعية وفلوسهم. إذ بلغت حدّة الجرائم في بادية الرُّحّل بإقليمي دارفور وكردفان درجة لم تبلغها في أيِّ زمنٍ سابقٍ، حيث أفادت تقارير إعلامية وتقارير مُنظّمات المجتمع المدني بأنّ في الفترات الأخيرة تعرّض مُجتمع الرُّحّل وماشيتهم لاعتداءات شملت قتل الناس بالجملة، سرقة بالأنواع، إرهاب الآمنين بالألوان، قطع الطريق في وضح النهار، وكأن البلاد لا سُلطة فيها، أو أنّ السُّلطة ليست للبلاد، حيث يلجأ آلاف الناس من مُختلف المناطق يومياً ويشتكون من الظلم الذي يتعرّضون له، لكن بلا جَدوى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى