(حميدتي) فى أديس أبابا … ملفات معقدة علي الطاولة

 

الخرطوم: صلاح مختار                            23يناير2022م 

بعد عام من التوتر في المنطقة الحدودية المتنازع عليها، وخلافات حول ملف سد النهضة، وصل نائب رئيس المجلس السيادي الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) الى أديس أبابا في أول زيارة لمسؤول كبير من الخرطوم إلى اديس، ونقلت وسائل اعلام رسمية بأن الزيارة الرسمية ستستغرق يومين، وستبحث العلاقات الثنائية وسبل دعمها وتطويرها، بما يخدم مصالح البلدين في كافة المجالات. وفي منشور على “فيسبوك” قال مجلس السيادة الانتقالي إن دقلو وصل بـ”زيارة رسمية تستغرق يومين”، و”كان في استقباله, وزير الدفاع الإثيوبي، ومدير المخابرات وعدد من المسؤولين في الحكومة الإثيوبية, وطاقم السفارة السودانية بأديس أبابا.

سيطرة الجيش

الأزمة بين البلدين تصاعدت عقب إعلان الخرطوم في ديسمبر 2020، سيطرة الجيش السوداني على كامل أراضي بلاده في منطقة (الفشقة) الحدودية مع إثيوبيا، ولعل سيطرة الجيش السوداني على الفشقة تبعته اتهامات اثيوبية للسودان بدعم المعارضة في بلده في جبهة تيغراي, فيما أعلنت الخرطوم قبل أقل من شهرين مقتل (6) جنود في منطقة الفشقة الحدودية، واتهم الجيش، مليشيات إثيوبية بالوقوف وراء الهجوم على قواته، غير ان الحكومة الاثيوبية نفت ذلك ونسبت ذلك لعناصر مسلحة من متمردي جبهة تيغراي التي تقاتل القوات الاثيوبية ما ادى للجوء الآلاف الإثيوبيين إلى السودان، وبنظر المراقبيين سيكون هذا الملف حاضراً  ضمن ملفات زيارة النائب الاول لاديس.

ملف النهضة

وبخلاف الأزمة الحدودية، يوجد ملف سد النهضة، حيث ما زالت القضية تحت طاولة المفاوضات تتبادل فيها مصر والسودان مع إثيوبيا اتهامات بالمسؤولية عن تعثر مفاوضات يرعاها الاتحاد الأفريقي، ضمن مسار تفاوضي بدأ قبل نحو 10 سنوات بسبب خلافات حول ملء وتشغيل السد.

أواصر تاريخية

وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي, آبي أحمد، عن ترحيبه بزيارة نائب مجلس السيادة محمد حمدان دقلو إلى إثيوبيا. وأعرب آبي في تغريدة على تويتر امس، عن تقديره للأواصر التاريخية  التي تربط بين الشعبين السوداني والإثيوبي، مشدداً على أنه لا يجوز فصل العلاقات بين البلدين مهما كانت الظروف. و قال آبي : (يسعدني أن أرحب اليوم بالجنرال محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة في جمهورية السودان الشقيقة بالأصالة عن نفسي و بالنيابة عن الشعب الإثيوبي قاطبة عن زيارته لبلده الثاني، اثيوبيا  وأود أن أعرب من جديد عن تقديري للأواصر التاريخية العميقة التي تربط بين شعبينا الشقيقين والتي لا يجوز فصلها مهما كانت الظروف وسوف نسعى ببذل قصارى جهدنا للحفاظ عليها ولتعزيزها بما فيه الخير لبلدينا ولأبناء شعبينا).

حالة الشد

ويرى الصحفي الإثيوبي أنور إبراهيم، ان التطورات في العلاقات السودانية الإثيوبية تمر بمرحلة مهمة، وقال لـ(الصيحة) اعتقد أن هنالك تحركات بين حكومة الدولتين قد تعمل لتقليل حالة الشد التي طغت بين الدولتين مؤخراً بسبب عدد من الملفات العالقة مثل الحدود وسد النهضة، واضاف يمكن أن تعمل أي من التحركات على تقليل الخلافات بين الدولتين من أجل خدمة الشعبين وتوطيد جيدة.

ترتيبات مسبقة

فيما قال الصحفي والمختص في شؤون القرن الافريقي عبد المنعم ابو ادريس, ان الزيارة تم الترتيب لها قبل (3) اسابيع في مفاوضات تمت على الحدود, قام بها مسؤولون عسكريون ومدنيون من الجانبين، واضاف لـ(الصيحة) بالقول (واضح بان هنالك جهة ما تقوم بدور طرف ثالث في ترتيب التقارب السوداني الإثيوبي وإعادة علاقات (الخرطوم واديس ابابا) ، وقال يمكن ان تلك التطورات ان لها آثار على التطورات في العلاقات الاقليمية، وابان ان موضوع الفشقة والحدود هي الملفات الرئيسية التي ستناقش في لقاء البلدين. واكد ان اثيوبيا تحتاج الى تقوية علاقاتها مع السودان خاصة وانها تعرضت الى هجوم قامت بها قوات من بني شنقول تحركت من دولة جنوب السودان.

طرف آخر

تصاعُد الخلاف بين إثيوبيا والسودان وصل درجة ان وجهت الحكومة الاثيوبية، اتهامات مباشرة في وقت سابق للخرطوم بدعم المعارضة الإثيوبية، نافياً وجود أي طرف آخر في التوترات الأخيرة. ولكن سفير السودان في إثيوبيا جمال الشيخ أكد أن الخرطوم لن تسمح بالتدخل في علاقاتها مع أديس أبابا، مشددا على العلاقات التاريخية بين الجانبين ، واكد في مقابلة أجراها مع (العين الإخبارية)، أن السودان لا يسمح لأي طرف بالتدخل في علاقاته مع دولة أخرى، مشدداً على أن الخرطوم تعرف كيف تدير علاقاتها مع أديس أبابا و”لا تحتاج لطرف ثالث ليحدثنا عن علاقاتنا معها”. وقال إن “السودان يحترم علاقاته مع إثيوبيا، وله علاقات مع دول أخرى نطلب فيها احترام هذه العلاقات، وهذا موضوع سيادي”، مضيفا: “نتبنى هذه المقاربة في علاقاتنا مع إثيوبيا ولا يوجد طرف ثالث يتدخّل فيها”. وتابع ان “العلاقات السودانية الإثيوبية قديمة شعبياً ورسمياً، وهي قوية رغم ما قد يعتريها من وقت لآخر من بعض المواقف والطوارئ، لكن تظل هذه العلاقات استراتيجية، والسودان حريصٌ جدا على علاقاته مع إثيوبيا كدولة جارة يتأثر بما يحدث فيها والعكس صحيح.”

أزمة الحدود

وحول الخلافات الحدودية مع إثيوبيا، قال الشيخ إن الملف “لا يزال من الموضوعات العالقة، ولا يوجد حل تفاوضي سوى السياسي والدبلوماسي، وهذا هو موقف الخرطوم”. واعتبر أنه “رغم تباين الموقفين، لكن السودان يرى أن هذه المناطق المتنازع عليها سودانية، وان المفاوضات في ذلك قطعت شوطا كبيرا جدا، وتبقى فقط تأكيد وضع العلامات لهذه المناطق وفق موقفنا”، ودعا السفير إلى أن لا تكون الحدود عقبة تؤدي لتوتر في علاقات البلدين، مؤكداً أن السودان يعمل ويسعى لتبني حل تفاوضي وسياسي نظراً لما تربطه من علاقات ثنائية قوية مع إثيوبيا. وبخصوص اتهامات موجهة إلى الخرطوم بدعم المعارضة الإثيوبية، نفى السفير السوداني، الاتهامات قائلاً إنه لا أساس لها من الصحة، وإن موقف الخرطوم الرسمي لن يدخل في دعم معارضة لأي دولة وعلى رأسها إثيوبيا. وقال إن “موضوع الحرب بالوكالة ودعم معارضات الدول يضر بالجميع ونحن موقفنا هو أن ما يجري في إثيوبيا شأن داخلي”. وأعرب عن أمانيه لإثيوبيا بـ”الاستقرار والنماء ولا نسعى لما يعكر الداخل الإثيوبي، فعدم الاستقرار بأحد البلدين يؤثر على الآخر وبلادنا لا تتبنى أي جهة تعارض أديس أبابا أو تعكر صفو العلاقات معها”، ولفت إلى أن السودان سبق أن تقدم بمبادرة لحل الأزمة في إثيوبيا باعتبار أن الخرطوم تترأس الهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا (إيقاد) ولما تربطها من علاقات حميمة مع أديس أبابا، فضلاً عن أن الأخيرة ساعدت السودان خلال الفترة الانتقالية، وختم بالقول إن “الإثيوبيين فضّلوا أن يتم حل هذه الأمر داخلياً والسودان احترم رغبتهم، مشدداً على استعداد الخرطوم للمُساهمة حين يرى الإثيوبيون ذلك نظراً لما يربط من علاقات بين البلدين.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى