قصة أغنية .. مريا.. أغنية خالدة تم تلحينها في ساعتين!!

 

(1)

ولد صلاح أحمد ابراهيم في عاصمة السودان الوطنية أم درمان في الاسبوع الاخير من ديسمبر (كانون الاول) عام 1933، تحيط به اسرة ذات جذور تمتد الى شرق السودان، وعرفت بانغماسها في الفعل السياسي منذ أربعينات القرن العشرين. أسرة قدمت للسودان رجالاً ونساءً كانوا يحسبون دوماً، ولا يزالون، كطلائع لحركة البلاد الديمقراطية والثوروية. تخرج في كلية الآداب بجامعة الخرطوم في اواخر العقد الخامس من القرن العشرين وعمل ادارياً وبالتدريس في جامعة أكرا بغانا خلال فترة حكم الرئيس نكروما، وعمل دبلوماسياً حتى اصبح سفيراً، وكان في آخر عقد عمره مستشاراً لدى سفارة قطر بفرنسا.

(2)

عندما اختار الفنان المبدع حمد الريح تلك الرائعة (مريا) كبداية أحبه الجمهور وكان ذلك لسبب مقنع، وهو أن حمد كان يعمل بمكتبة جامعة الخرطوم العريقة ومن هنا لم يكن الاستغراب وارداً في هذا الاختيار الفني، فالجمهور طالما عرف موقع العمل الذي ينطلق منه حمد الريح، فإن ذلك يصبح مؤشراً واضحاً لحسن الاختيار في فن الغناء لأن الجامعة تعني أنها مركز الإشعاع الأدبي والفكري في بلادنا.

(3)

حيث كانت تلك السنوات في منتصف الستينيات من القرن الماضي تتّسم بأنها كانت المرحلة الفكرية والإبداعية الخصيبة، حيث كانت الظروف والإمكانيات المتسعة تجعل الشباب السوداني ينهل من كل مناهل دور النشر في العالم، وكان السودان من أهم مراكز توزيع ثقافاتها المكتوبة وانطبق علينا ذلك المثل الخالد (القاهرة تكتب وبيروت تطبع والخرطوم تقرأ).

(4)

ويحكي حمد الريح، هنالك بعض الأغنيات تتم كتابتها وتلحينها في يوم واحد وأحياناً تولد الأغنية وهي جاهزة، إذ أن بعض الشعراء يتخيلون لحناً ويقومون بوضع الكلمات عليه, من الأغنيات التي تم تلحينها في وقت وجيز هي أغنية (يا مريا) والتي صاغ كلماتها الشاعر المبدع صلاح أحمد إبراهيم.. عن حكاية تلحين أغنية (يا مريا) قال المطرب حمد الريح «قد لا يصدق الناس بأن أغنية (يا مريا) تم تلحينها في ساعتين فقط كما قمت أيضاً بتلحين (الى مسافرة, حبيبتي, الرحيل والمغيرب). لكن أكثر هذه الأغنيات رواجاً وقبولاً يا مريا التي حققت نجاحاً منقطع النظير بالرغم من أن لحنها دائري لكنها أضحت من أجمل الأغنيات, وبهذه المناسبة أنا ضد الألحان المعقدة ودائماً ما أفضل الألحان الخفيفة وأميل لأن تأخذ الأغنية أكثر من إيقاع حتى تتسم بالتنوع لأنه مطلوب ويكسب العمل الغنائي شيئاً من التميز فيخرج في أبهى حلله وكلما كان النص جميلاً كان سهل التلحين ومقبولاً لدى الناس». وإليكم بعضاً من أبيات مريا:

ليت لي ازْميل فدياس

وروحاً عبقرية وأمامي تل مرمر

لنحت الفتنة الهوجاء

في نفس مقاييسك تمثالاً مُكبر

وجعلت الشعر كالشلال:

بعضُ يلزم الكتف وبعض يتبعثر

وعلى الأهداب ليلاً لا يُفسر

وعلى الخدين نوراً يتكسر

وعلى الأسنان سُكر

وفماً كالأسد الجوعان زمجر

يرسل الهمس به لحنا معطر

وينادي شفة عطشى وأخرى تتحسر

وعلى الصدر نوافير جحيم تتفجر

وحزاماً في مضيقٍ، كلما قلتُ قصيرُ

هو كان الخصر أصغر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى