مُوازَنَة 2022.. خَفَايا الوَاقِع!!

تقرير: سارة إبراهيم

في نهاية الأسبوع المنصرم، اجاز الاجتماع المشترك للجان الفنية للقطاعات الوزارية بمجلس الوزراء في اجتماعه برئاسة الأمين العام المكلف بمجلس الوزراء عثمان حسين عثمان، مشروع موازنة العام المالي 2022م في مرحلة القراءة الأولى، وأحدث تأخُّر اجازة الميزانية الجديدة، قلقاً وسط متخذي القرار والمواطنين.

وساهم عدم الاستقرار السياسي في تأخير اجازة الموازنة، ونأمل بذل الجهود الكافية واستكمال قراءة مشروع الموازنة  في المراحل المتبقية لاجازتها في المرحلة الثالثة والاخيرة  لتكون بنودها جاهزةً للصرف.

وكان وكيل أول وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي عبد الله، قدم مشروع الموازنة  للعام 2022م، مشيراً الى اعتمادها على الموارد الذاتية للدولة، لافتاً الى تضمين مشروع الموازنة جُملة من السياسات المالية خاصةً ترتيب الأولويات بالتركيز على القطاعات الإنتاجية، مُلوِّحاً لعدد من مُوجِّهات مشروع الموازنة فيما يتعلّق بتحقيق متطلبات ولاية وزارة المالية على المال العام، فضلاً عن تحديد وانتخاب مشروعات قومية وولائية متوسطة، وقصيرة المدى لدورها في إزالة الفوارق التنموية وإزالة الخوانق في القطاعات الإنتاجية والخدمية.

وفي الأثناء،  أوضح الناطق الرسمي لوزارة المالية والتخطيط  الاقتصادي احمد الشريف، ان اهم مؤشرات موازنة 2022، خفض معدلات التضخم وتوفير معاش الناس، فضلاً عن تحسين مرتبات العاملين والمعاشيين، وضبط وترشيد الإنفاق العام، مشيراً الى تركيز الموازنة لزيادة الإنفاق على التعليم والصحة وجذب وتهيئة مناخ الاستثمارات في البلاد، وأكّد الشريف اعتماد الموازنة على الموارد الذاتية الضرائب والجمارك، بجانب سعي الموازنة لمُعالجة تشوُّهات الأسعار وضبط الأسواق حتى تكون في مُتناول يد الجميع، ذاكراً تركيز المُوازنة كذلك على توفير مدخلات الإنتاج لكافة القطاعات، ولفت الشريف إلى التنسيق المُحكم بين السياستين المالية والنقدية للوصول إلى تنفيذ سياسة مالية رشيدة في البلاد.

وفي السياق، أشار الخبير الاقتصادي د. محمد الناير إلى تأخر الموازنة العامة للعام الحالي، لافتاً الى انعكاسات الخطوة على البلاد، وتأسّف عن عدم التزام الحكومة بإجازة الموازنة العامة في وقتها المُحدّد، واستنكر الناير القرارات التي صدرت فيما يتعلق بزيادة الكهرباء لأول مرة قبل إجازة الموازنة والتي كان من المُفترض أن تتضمن داخل الموازنة،  وكشف عن انتظار عدد كبير من القطاعات اجازة الموازنة  العامة للدولة لوضع خططهم على ضوئها، مستشهدا بالقطاع الخاص والمستثمرين.

ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي  بابكر عبد الله ان منشور الميزانية للعام 2021 تم الفراغ منه منذ أغسطس الماضي، وجاء يحمل تطلعات الميزانية بناءً على توقعات تدفقات الدعامات الخارجية، مقراً بعدم صدق العالم الخارجي في هذا الاتجاه بدعمهم للسودان في حدود الـ(700) مليون دولار، الا انهم رفضوا  توفيره بحجة حدوث  قرار إصلاح مسار الحكومة في 25 أكتوبر،  وقال بابكر اذا كان العالم الخارجي صادقا لماذا  تم تأخير  الدعم  للسودان؟ واعتبر  ذلك تصرفا غير مسؤول من الدول التي اعلنت دعمها للسودان في العام ٢٠٢١م. وطالب بضرورة اعتماد الميزانية الحالية على الإيرادات الذاتية، مستشهداً في تصريح للصحيفة ان سعر جالون البنزين اصبح بمليون ونصف مما يحقق إيرادات ضخمة للحكومة، مشيراً في الوقت ذاته الى ارتفاع إيرادات الجمارك الى ( 10) أضعاف بارتفاع الدولار الجمركي بالسعر الحر (450) جنيها، ولفت الخبير الاقتصادي  بابكر  الى تضاعف الضرائب،  مقراً بمساهمة  هذه القطاعات الثلاثة في الصرف الجاري،  ورهن الخطوة بأن الحكومة لم تستطع  السحب من بنك السودان المركزي، وقطع ان الميزانية الجديدة تبنى على هذا المعدل لتغطية الصرف الجاري وتسيير الوزارات،  بجانب سداد المرتبات،  نافياً ان تكون هناك تنمية في ظل ميزانية 2022م  بسبب انخفاض نسبة النمو السنوي الذي سيكون بالسالب ، وحذر بابكر من مَغبّة إحداث كارثة اقتصادية  كبيرة  تؤدي بدورها الى ارتفاع الأسعار وارتفاع معدل التضخم  في ظل الاتجاه الحالي الذي تسير فيه الدولة، واستنكر إعلان الحكومة عن زيادة المرتبات، وقال لا بد من الاتعاظ  من تجربة د. ابراهيم البدوي وزير المالية السابق في زيادة المرتبات بنسبة ( 600%) في ابريل 2020، الأمر الذي ادى لارتفاع الأسعار بنسبة تصل  لأكثر من (500%)، وحمّل المالية مسؤولية تكرار السيناريو في ظل نسبة النمو السالب في الإنتاج وانخفاض في القوة الشرائية، مقراً بالآثار الاجتماعية التي ستلوح في الأفق القريب جرّاء هذه القرارات التي لا تبنى على رؤية علمية، وأضاف: بضرورة تكييف الوضع في الميزانية مع المستجدات السياسية  التي  قد تطرأ عقب 25 أكتوبر  حتى ينعكس الوضع على الحالة الاقتصادية وان تترجم هذه المتغيرات الى أرقام في الميزانية،  واستهجن  بابكر عدم وجود خطط  لاستيعاب هذه المتغيرات في ميزانية 2022م، وتساءل عن أي بُشريات تتحدّث عنها المالية إلا اذا كانت البشريات تكمن في زيادة الأسعار المتوقعة، والسياسة التي ستؤدي إلى ضعف في القوة الشرائية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى