في ظل التصعيد الثوري.. ما هي خيارات المكون العسكري؟

 

الخرطوم: آثار كامل   12يناير2022م 

ما زالت الأزمة السياسية أمام مأزق حقيقي في ظل اتّساع رقعة الخلاف بين الشارع بما فيه من قوى سياسية مؤثرة، والمؤسسة العسكرية بكل مكوناتها، بسبب الضغط الجماهيري المُتواصل عبر مليونيات مُتتالية يتم التعامل معها بالقنابل الصوتية والغاز المُسيل للدموع، فمنذ عودة التظاهرات جاءت بفكر واحد وهو المُطالبة بإبعاد المنظومة العسكرية من المشهد السياسي وتسليم السُّلطة للمدنيين، فما هي الخيارات المتاحة للمكون العسكري في مجلس السيادة، الذي يمسك بزمام السلطة، للخروج من هذه الأزمة بطريقة آمنة تحفظ البلاد من حالة الانهيار؟

المبادي الأساسية 

يقول بعض المراقبين، إن أي خيارات تأتي خصماً على أهداف ومبادئ الثورة لن تصمد كثيراً امام شعاراتها، وكل ما يدور الآن من وساطات ومبادرات لن يفضي الى شئ الا اذا تم في ظل نظام ديمقراطي معافى، وتقبُّل المكونين المدني والعسكري لبعضهما البعض، وتنفيذ ما ورد في بنود الوثيقة الدستورية، ونقل السلطة إلى حكم مدني وفق الترتيبات التي اتفقت عليها الأطراف.

والناظر إلى العلاقة بين المكونين، سيجد أنها ليست لم تعد عامرة بالثقة وأن مساحات التوافق تناقصت بدرجةٍ كبيرة، خصوصاً بعد ما حدث مؤخراً, المشهد الآن يعج بحالة أشبه بالبيت الواقف، فالخيارات أمام المكون العسكري ويجب أن يختار منها لتدارك الأزمة وفك حالة التمترس.

 

منظور مختلف

يرى المحلل السياسي محمد النور بأن الخيارات تختلف أمام المكون العسكري في ظل الوضع الحالي للمشهد ما بين الرجوع الى ما قبل (25) أكتوبر.

وفي اتجاه آخر، يرى البعض، الضغط على المكون العسكري بإحداث تغيير في الموجودين بالمشهد الآن، بيد أنه يرى بأن الوضع السياسي لا بد من أن يكون بطريقة تشاركية وينظر النور من خلال حديثه لـ(الصيحة) للقضية بمنظور مختلف بإيجاد مخرج للدولة السودانية بكل مكوناتها السياسية والثقافية والاجتماعية، بما يبعدها عن حالة الخطر الذي قد يؤدي إلى كارثة لا يحمد عقباها، لافتاً أن الأمر يرجع الى الالتزام بشيء واحد لدى المدنيين والعساكر وهو الوطنية ووحدتها ويجب أن تُصب المُعالجات باتجاه الاستقرار السياسي والأمني.

معادلة صفرية

قال د. خالد قنديل محمد المحلل السياسي في حديثه لـ(الصيحة)، إن المشهد الحالي لا يقود الى حل قريب، لجهة أن المكون العسكري هو أساس الأزمة بعد ما تم من اجراءات في (25) أكتوبر الماضي، أدت إلى الواقع الحالي المسدود وكانت خيارات المكون العسكري لحل الأزمة بتوقيع الاتفاق السياسي مع  رئيس الوزراء السابق د. عبد الله حمدوك بإعادة للمشهد، حيث كانت هذه الخطوة تمثل الرصاصة الأخيرة في بندقية العساكر لحسم معركة الانتقال بما بتوافق مع طموحاتهم ومخططاتهم، ولكن بعد مُغادرة حمدوك وتقديم استقالته رجعنا إلى الخيارات الصفرية، حيث لا حلٌّ في الأفق، وأشار قنديل إلى العديد من المُبادرات التي حاول المكون العسكري تبنيها عبر واجهات أخرى بالاعتماد على الحاضنة السياسية (الميثاق الوطني)، إضافةً الى تحرُّكات نائب رئيس حزب الأمة المكلف برمة ناصر للبحث عن مخرج للإزمة، ولكن اصطدمت كل خيارات المكون العسكري بضغط الشارع وتنامي الاحتجاجات وتصاعد الحراك الثوري، ما أدى الى تعطيل جميع الحلول السياسية، لجهة أن الشارع ينظر الى إجراءات (25) أكتوبر بأنها انقلاب صريح، وأن كل ما يتمخّض عنها من معادلة سياسية مرفوضة وبمثابة شرعنة له، لذلك ظللنا ندور في فلك المُعادلات الصفرية ولا خيار أمام المكون العسكري إلا بإيجاد مُعادلة مع الشارع حتى وإن اقتضت تغيير قيادات المجلس العسكري.

على كف عفريت

يرى استاذ العلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية عبد العظيم  كمال في إفادته لـ(الصيحة) بأن المشهد الآن يقف على كف عفريت، مع تعنُّت الشارع  في الشراكة مع المكون العسكري، ونوّه بأن على المكون العسكري أن يحدد خياراته لمعالجة المشهد الآن، ويركز في كيفية إكمال مهامه ودوره في حماية الأمن القومي وتحدياته الماثلة، منوهاً بأنه يجب أن يُحاط ذلك بمفهوم سياسي يحفظ البلاد من حالة التشظي ويُخرجها من النفق المظلم، لأن إخراج الجيش من دون اعتبارات تراعي الوطن، لن يُعالج القضية بأبعادها الشاملة، خاصةً ما يتعلق بحماية البُعد الأمني، وأشار إلى ضرورة أن تتناول المواثيق والمبادرات المطروحة  لمعالجة الأزمة تحديد كيف نبني ونطوِّر الجيش حتى يتمكّن من القيام بواجباته كمؤسسة تنفيذية مسؤولة عن حماية ما تبقى من الفترة الانتقالية، ومراقبة المسار التنفيذي، وتهيئة المناخ، وصولاً إلى انتخابات عامة نزيهة وتسليم السُّلطة للمدنيين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى