منى أبوزيد تكتب : أكثر من الملك..!

12يناير2022م 

“إذا كان قانون الفيزياء يقول إنّ الضغط يولد الانفجار، فقانون الاجتماع يقول إن الضغط يولد النفاق الاجتماعي”.. عبد الكريم بكار..!

أسطورة طريفة تقول إن فكرة نرجسية سيطرت يوماً على عقل الإمبراطور أغسطس قيصر، مفادها أن يسمي الشهر الذي كان يدعى سيكتيليس باسمه، ومن هنا جاءت تسمية الشهر الثامن من السنة الميلادية “أغسطس”. ثم لاحظ الإمبراطور أن عدد أيام الشهر المسمى باسمه أقل من أيام شهر يوليو المسمى على يوليوس قيصر، فما كان منه إلا أن أصدر مرسوماً يقضي بإضافة يوم إلى شهر أغسطس، وهكذا فقد فبراير المسكين يومه التاسع والعشرين، بجرة قلم..!

لكن أحداً لا ولم يجرؤ على تجاهل ذلك التعديل الأخرق خوفاً من بطش الإمبراطور، فالتملق ــ خوفاً وطمعاً ــ هو سيد كل الاعتبارات في علاقة أي شعب بحاكمه المستبد، ومن السائد جداً أن يتطوّر التملق إلى اجتهادات شخصية طمعاً في المزيد من رضا الحكام بأمره..!

يحكى أن الرئيس الروسي الأسبق خروتشوف خرج يوماً مع باقة من كبار الزوار والمسؤولين، في زيارة لغابات موسكو لإظهار مهاراته العالية في ممارسة الصيد، وكان من ضمن مرافقيه وزير الإعلام الذي أسهب في الحديث عن مهارة الرئيس في الصيد، فهو لم يخطئ مرة واحدة في حياته، ولن يحدث مثل ذلك على الإطلاق ..إلخ.. ثم طاشت رصاصات الرئيس في الهواء تباعاً، دون أن يسقط طير واحد، حينها صاح الوزير – الخائف – على الفور “لأول مرة في التاريخ يستمر طير في الطيران وهو مقتول”..!

لكن خروتشوف المخيف نفسه كان يوماً خائفاً مثل وزيره، وذلك باعترافه أمام البرلمان الروسي، عندما ألقى خطاباً ندد فيه بجرائم سلفه – الرئيس السابق ستالين – في حق الشعب، فأرسل له أحد الحاضرين السؤال الآتي “لماذا لم تقل هذا الكلام أمام ستالين وقد كنت من كبار رجاله”؟. عندها قرأ الرئيس الرسالة على الحاضرين، ثم طلب من صاحبها أن يعرّف نفسه، وعندما طال صمت المُرسل، ضحك قبل أن يخاطبه قائلاً “إن الذي جعلك تصمت اليوم هو الذي دَعاني إلى الصمت أمام ستالين، لقد كنتُ خائفاً مثلك”..!

في مصر وقبل سقوط نظام مبارك، نشرت صحيفة “الأهرام المصرية”، صوراً مفبركة تظهر رئيس الجمهورية وهو يقود زعماء مفاوضات السلام، هو في المقدمة ومن خلفه أوباما وبقية الزعماء. كان ذلك نقلاً عن صورة أصلية يظهر فيها الرئيس الأمريكي وهو يقود وفد المفاوضات والجميع خلفه بطبيعة الحال..!

 

تلك الفبركة الساذجة كانت محط اهتمام وتناول قناة بانتشار الـ سي. إن. إن، وصحفاً بحجم التلغراف والجارديان، والمؤكد أنه لو تم استئذان الرئيس مبارك نفسه قبل التلاعب بالصورة لما ارتضى أن يكون محل سخرية العالم، لكنها تجاوزات الملكيين أكثر من الملك..!

أما في السودان فقد جربت حكومة الإنقاذ مثل تلك المعاناة ــ كثيراً وطويلاً ــ وعانت ما عانت من مبادرات وانبراءات إعلامها المُوجّه، ومن حماقات بعض الملكيين أكثر من الملك. فلتحذروا إذن أيها الانتقاليون من الوقوع في ذات الأخطاء..!

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى