علي مهدي يكتب : السعودية أعيادٌ وطنيةٌ واحتفاءٌ بالثقافة والفنون

معرض الرياض للكتاب الدولي مُلتقى الفِكر وبوّابة المعارف

الغُول الراهن هو التصحُّر والجفاف
المُبادرة الخضراء ومُكافحة التغيُّر المناخي تزرع الأمل في غدٍ أفضل

عدت يا سادتي، لا لأوراقي هذه المرة، ولا لبرامج ظلت تشغلني لسنواتٍ، ومشيت معها في دروب متعددة ومتنوعة، وفي كل الاتّجاهات، أخذتني وما أكتب بعيداً إلى عواصم الدنيا، احتفت بي، ومنحتني كرمها وأمطروني بالتقدير، وأودعت فيني طاقات، تحيل ما أنشد في الأحلام ممكناً وغير مستحيل.
عدت هذه المرة، وقد نظرت لما تجمع عندي من تصاوير، تسبقها حكايات أجمل ومشاهدات، ثم ما أتيح لي الاطلاع عليه عياناً بياناً، ومشيت فيها تلك السنوات القديمة الأطول نحوها، المملكة العربية السعودية مرارًا وتكرارًا، في كل مرة يتعاظم فرحي بها، وما تلحظه عيوني في فرح غامر ما آيات الترقية والتطوير، خاصةً في الذي نقول عنه شأنٌ داخليٌّ، لكنه بعد التدبر وإعادة النظر مرتين وأخرى، يبدو لي هو إحاطة بأكبر ما تقول عنه إقليمي، هو مسؤوليات أممية.
وكتبت عنها قبلها هنا في الدهاليز، وتفضّل الأحباب في المنصات والمواقع الإعلامية بإعادة النشر بمودّةٍ وتقديرٍ.
وقد زُرتها وهي في الخاطر دومًا، ذهبنا إليها في الأحلام الصغيرة غير مرة، وعُدنا لها في حكايات العائدين منها فرحين، وقد تغيّرت الأحوال عندهم، وتلك أيضاً من النِّعم الكُبرى، يوم ارتبطت عندي في تلك السنوات المُبكِّرة إنها للخير الوفير حاضرةٌ.
واحتفلنا ولأكثر من مرة مع العالم بها، عيد وطني، كما حدث في أيّامنا الماضيات، شهد العالم كل ذاك الاحتفاء المُغاير هذه المرة، وعندي إنه ارتبطت آيات الاحتفال أكثر ما تكون بإدراك يتنامى في كل الأوقات بالثقافة فكرًا وفنوناً وتفاصيل أكثر.
إن دهليز اليوم يحتفي بنتائج قلنا عنها في وقتها يوم أشارت خطابات وحوارات سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد الأمين إلى إحداث تغييرات في هياكل هي كانت قائمة أو اُستحدثت لتعمل لمنح تلك الأفكار المُستنيرة من لدن سموّه فرصاً أن تتحقق، وكنت قد حُظيت بدعوة كريمة من برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز، فحرمت وتمتّعت.
وحجة مقبولة إن شاء الله، سارت بي أيامها كما قلت ساعتها، في غاية (الاطمئنان)، وذاك تعبيرٌ كان للملايين من حجاج ذاك الموسم، أنت تؤدي المَناسك كلها في أحسن الأحوال (مطمئناً) ثم التقينا من كل بقاع الأرض، كنا في أجمل الأوقات بين هذا وذاك، نزور برامج مُختلفة مكّنتنا من الكثير مشاهدة واطلاعاً، وقد سجلت لوسائل الإعلام يومها ما أعتقد أنه ضروري جدًا، وقد ذهبت مرة وأخرى لمشاهدة معرض (لبيك)، وذاك حدثٌ فخيمٌ يستحق أكثر من دهليز، تصميمٌ راقٍ وعلميٌّ وفنيٌّ وتقنيٌّ صائبٌ وسليمٌ، توافرت له بعد النوايا الحسنة ما جعله مثالاً أفضل للعرض، وهو يُشير في كل تفاصيل المعرض الى (لبيك) الكبرى، والاختيار الإلهي للبقعة المباركة (مكة) المكرمة. يعود بك المعرض للبدايات، وتدخل في تصاوير وتصاميم تتحدّث إليك، تسمع الأصوات، وترحل مع وسائط العرض الأحدث الى جغرافيا المكان، وترسم المناخات كما تكون مع إشارات علمية للتواريخ القديمة، ولماذا (مكة) المكرمة؟ وذاك سؤال المعرفة. وتمنّيت وقتها لو انتقل معرض (لبيك) والذي نظمته وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الى مبنى (اليونسكو) في (باريس) أو معهد العالم العربي (بباريس) والمملكة العربية السعودية من المُؤسِّسين، وتسهم في تمويل البرامج والأنشطة الثقافية والعلمية للمعهد أو يذهب بعيدًا إلى مركز (كندي) للفنون في (واشنطن) أو يذهب إلى (نيويورك)، بجانب اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، هو كان عندي ويظل واحدة من نتائج التغيير الكبير في اتجاهات السياسات المعاصرة من لدن سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد الأمين، ونتيجة تحقّقت لإعادة البناء في مُؤسّسات علمية وثقافية وإعلامية، قدمت المملكة العربية السعودية من نواحي إحداث، وهو ما يستحق الاحتفاء به بشكلٍ خاصٍ في العيد الوطني الثالث والتسعين لتأسيس المملكة. يوم حقق جلالة الملك عبد العزيز آل سعود حلماً قديماً، يتجدّد الآن في كل خطوات جديدة نحو المعارف والعلوم، ببناء الفكرة الأهم قبل بناء المؤسسات.
وكما احتفي في الدهليز بالعيد الوطني، احتفى والكثيرون البارحة الجمعة الأول من أكتوبر بافتتاح معرض الرياض الدولي للكتاب، وتأتي هذه الدورة لتؤسس لشراكات متطورة مع دُور النشر العربية والعالمية، ولتشهد فعاليات المعرض العالمي منذ البارحة في مدينة الرياض الأجمل، عدداً من الأنشطة والبرامج الفنية والثقافية والعلمية، تسهم وتكمل دورة التنمية الثقافية، منذ تكليف سمو الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزيراً للثقافة لتوسيع دوائر العمل الثقافي، لا في تعاون المملكة داخليًا بين المؤسسات الحكومية، ولكن بين الجمعيات والمؤسسات الأهلية التي ظلت تعمل في تناغم تامٍ، وقد لبّيت قبل أعوام دعوة كريمة من واحد من أهم المراكز السعودية، وقد استطاع يومها أن يجمع في مكة المكرمة، وبعدها في الرياض مجموعة من المثقفين والإعلاميين من الناطقين بالعربية وغيرها، تداخلنا في حوارات وزيارات لبعض المؤسسات الإعلامية، ثم شهدنا جانبًا من مهرجان (الجنادرية) وهو عندي واحدٌ من أهم مهرجانات الثقافة في المنطقة.
ثم شهدنا مع صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار جلالة الملك، افتتاح معرض (جدة) الرابع للكتاب، ويُشكِّل المعرض نقطة مهمة في الذي أذهب اليه، بأن شأن الفكر والثقافة والفنون يمشي في الاتجاه الصائب، ولتصبح المملكة، مركز إشعاع ثقافي منفتح على الآخر، ويعزز من قُبُول الآخر، ويراهن على التنوع الثقافي.
وهنا في الخرطوم شهدنا أيام الاحتفال باليوم الوطني للمملكة العربية السعودية، نعم أيام تحوّلت فيها الاحتفالات بين الرسمي والشعبي والتعبير من عندي، وبمشاركة أوسع، إعداد جيد وتنظيم متقن ومشاركة أوسع من مبدعين وكُتّاب وإعلاميين صنعوا منة بالفعل أياماً مبهجة وعيداً من الأعياد.
ووقف الحبيب الصديق سعادة السفير علي حسن بن جعفر سفير المملكة بالخرطوم مع أسرة السفارة، لأيام يشهد التفاصيل، فخرجت الأيام عيداً مجيداً، ازدانت بوصول فرقة الموسيقى والغناء الشعبي السعودية.
وتبقى الفكرة أن المشهد السعودي الثقافي والفني وبُعده الفكري يترك تأثيرًا بالغًا الآن على المشهد الإقليمي والدولي.
وما تأسيس هيئة وطنية للثقافة والفنون تعنى بكل أشكال فنون الأداء السعودي، وتمد أيادي التعاون للجميع، إلا إشارة بينة على رهان صحيح، عليها قيم الثقافة والفنون، وسيط أحدث ومساهم خلاق للدبلوماسية الجديدة.
في التواريخ التي نعتز بها، إن أول عرض مسرحي سعودي في السودان كان مشاركة فرقة مسرح الطائف في مهرجان البقعة الدولي للمسرح قبل سَنَواتٍ، وحصولها على واحدة من جوائز المهرجان، وإعجاب جمهور المهرجان الكبير.
كل عام والأحباب أهلنا في المملكة العربية السعودية بألف خير، وتأتي الأعياد دوماً بما يُؤكِّد الترقية والتطوير، وهو ما نشهد به في كل ما نُتَابع ونُشَارك فيه.
دهليز الإشارات هذا يذهب للتذكير بقيم الثقافة والفنون والمعارف التي تُحرِّك الساكن، وتبني الجُسُور لتمشي عليها العلاقات والشراكات إقليميّة وأمميّة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى