عبدالله مسار يكتب: الصحابية خولة بنت ثعلبة

2يناير2023م
دخل أوس بن الصامت على زوجته خولة وهي تتهيأ للصلاة أفرادها لنفسه, ولكن ردت عليه ان فرض الله لا يؤجل فأقسم عليها إن لم تمكنه من نفسها, فهي محرمة عليه مظهر أمه, فصلت فرضها غير خائفة من يمينه, وكانت خولة من ربات البلاغة والفصاحة والجمال, عاشت مع زوجها ابن عمها أوس بن الصامت حياة فقيرة معدمة, ولكنها كانت سعيدة وراضية بما قسّمه الله لها, وما أنهت صلاتها حتى جاءها زوجها مداعباً, فنفرت منه فاحتار, وقالت أنا محرمة عليك, هيا بنا للرسول صلى الله عليه وسلم للنظر ماذا يقول في هذا اليمين وهو من قول الجاهلية (انت علي كظهر أمي), وكان هذا القول في الجاهلية أشد الطلاق, إذ لا رجعة فيه وعرف (بالظهار).
دخلت خولة على الرسول صلى الله عليه وسلم شاكية يمين زوجها, قائلةً إن أوساً تزوجني وأنا شابة مرغوب في, وبعد أن كبرت سني ونثرت له ما في بطني وكثر ولدي جعلني كأمه ولي منه صبية صغار ان ضمهم إليه ضاعوا وان ضممتهم اليّ جاعوا أكل مالي والتي شبابي حتى كبرت سني وانقطع ولدي ظاهر مني.
قالت عائشة رضي الله عنها ولم تزل تشتكي الى رسول الله حتى بكيت وبكى كل من كان معنا بالدار من أهل البيت رحمة لها ورقة عليها, فبينما هي كذلك بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلمه, نزل عليه الوحي ونفس خولة تكاد خوفاً من أن تنزل الفرقة والأمر بالطلاق.
وبعد أن نزل الوحي سرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبتسم وقال يا خولة, قالت لبيك ونهضت قائمة بفرح فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أنزل الله فيك وفي زوجك ثم تلا عليها قوله تعالى (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1) الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2) وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (4)) (المجادلة).
ثم قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال لها مريه أن يعتق رقبة, فقالت وأي رقبة والله ما يحد رقبة وماله له من خادم غيري.
فقال لها مريه فليصم شهرين متتابعين, فقالت والله يا رسول الله ما يقدر على ذلك.
قال مريه فليطعم ستين مسكيناً وسقا من تمر.
قالت والله يا رسول ما ذاك عنده, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فانا سنعينه بعرق من تمر.
فقالت وأنا والله سأعينه يا رسول الله بعرق آخر.
فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم (احسنت واصبت فاذهبي وتصدقي عنه واستوصي بابن عمك خيرا).
قالت فعلت.
وذات يوم وبينما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه خارجاً من منزله أيام خلافته. استوقفته خولة طويلاً ووعظته قائلة له:
يا عمر كنت تدعي عميراً ثم قيل لك عمر. ثم قيل لك يا أمير المؤمنين فاتق الله يا عمر, فان ايقن الموت خاف الله ومن أيقن بالحساب خاف العذاب.
وعمر رضي الله عنه واقف يسمع كلامها بخشوع فقيل له
يا أمير المؤمنين أتقف لهذه العجوز هذه الوقوف كله
والله لو حبستني من أول النهار إلى آخره ما تحركت (إلا للصلاة المكتوبة).
قال أتدرون من هذه العجوز, قالوا لا.
قال رضي الله عنه هي التي سمع الله قولها من سبع سماوات, أفيسمع رب العالمين قولها ولا يسمعه عمر رضي الله تعالى عنه وارضاه وأرضاها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى