حمدوك يُرجئ استقالته.. هل انتفت الأسباب؟!

 

تقرير: صلاح مختار     27 ديسمبر2021م 

مصادر كثيرة أكدت أن محاولات عديدة جرت من الداخل والخارج استطاعت إثناء رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، العدول عن قرار استقالته أو قال البعض إرجاء استقالته لأسبوع، سواء كان إرجاءً أو عدولاً عن استقالته تحت أي من المسميات أو الأسباب أو العوامل أو الظروف، فإنها تعني أن هنالك متغيرات جديدة أدّت لذلك، وأن هنالك ظروفاً تغيّرت مِمّا يطرح سؤالا مهما هل انتفت كل الأسباب التي أدّت إلى التفكير في استقالة حمدوك أم أنها إرجاء مؤقت إلى حين؟

أسباب الاستقالة

هنالك تداعياتٌ كثيرةٌ منها داخلية وخارجية, تقف وراء التفكير في الدفع باستقالة حمدوك، منها الأوضاع السياسية في البلاد التي أفرزتها إجراءات البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر, بجانب الاتفاق السياسي المُوقّع بين حمدوك والبرهان في 21 من نوفمبر الماضي, مما انعكس على الشارع.

وقال مصدر لـ(الصيحة), إن حمدوك يتعرّض لضغوط مكثفة من قبل جهات عدة تتعلّق بالإسراع في تشكيل حكومة التكنوقراط، هذا بجانب عدم إيفاء بعض الأطراف السياسية بالتزاماتها معه وأن القوى الدولية تأخرت كثيراً من دعم الفترة الانتقالية وتركت حكومة حمدوك دون اي دعم مادي يتجاوز به عثرات الاقتصاد.

بعض المصادر أكدت أن هنالك خلافات مع العسكريين بشأن سياسة الإحلال والإبدال في مؤسسات الدولة، كما أن هناك اشتراطات وضعها للعسكريين نظير عودته للمنصب واجهت تعثُّراً في التنفيذ، أبرز تلك الاشتراطات إبعاد أطراف السلام (الحركات المسلحة) من التشكيل الوزاري، الأمر الذي يجد مُعارضة قوية من قبل تلك الفصائل، وفوق ذلك أن عدم التوافق السياسي بين القِوى السياسية لا سيما قِوى الحرية والتغيير كان أحد أسباب اعتزام حمدوك الاستقالة، حيث دفعته بعض مكونات التحالف على الاتفاق السياسي فيما تخلّفت الأخرى.

بالونة اختبار

البعض اعتبر إعلان خبر اعتزام حمدوك تقديم استقالته، بالونة اختبار للقِوى السياسية في الداخل والخارج للفت الأنظار إلى الأزمة السودانية وأهمية أن تعي تلك القِوى بخطورة الوضع. بعض المصادر أكدت أن رئيس المجلس السيادي الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وعضوي المجلس شمس الدين كباشي وياسر العطا طالبوا رئيس الوزراء في اتصال هاتفي، بالعدول عن الاستقالة والحوار من اجل تجاوز نقاط الخلاف فيما بينهما.

وكشف تقارير إعلامية أنّ هنالك خلافاً بين رئيس الوزراء والمكون العسكري فيما يتعلق ببعض القرارات التي أصدرها حمدوك عقب عودته إلى كرسي مجلس الوزراء وهو ما لم يكن متفقاً عليه مع رئيس المجلس السيادي.

مُهلة للوساطات

وصفت بعض المصادر إرجاء استقالة حمدوك مؤقتة إلى حين، وقالت إن رئيس الوزراء متمسك باستقالته دون أن يتراجع عنها، لكنه أرجأ الدفع بها على الأقل في الوقت الحالي، لإعطاء مُهلة للوساطات الخارجية والداخلية والمُبادرات التي ترى أن هنالك فرصة مُواتية لمعالجة الأمر.

وكشفت مصادر لـ(الشرق الأوسط)، عن اتصالات مُباشرة وهاتفية أجراها قادة الجيش في (مجلس السيادة الانتقالي) وشخصيات وطنية مع حمدوك للتراجع عن الاستقالة والاستمرار في منصبه، وأضافت أن نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، اجتمع برئيس الوزراء في إطار المساعي لتدارك الأمر قبل الإعلان الرسمي للاستقالة.

خط الأزمة

على خط الأزمة، تدخّلت شخصيات سودانية من أجل إقناع حمدوك بعدم تقديم استقالته، ونجحت الوساطة طبقاً لمصادر تحدثت لـ(البيان) في ثني حمدوك عن الاستقالة على الأقل في الوقت الراهن، والانتظار حتى إزالة الأسباب التي دفعته للتلويح بهذه الخطوة.

وأكّدت مصادر متطابقة أنّه منذ اللحظة التي تسرّب فيها خبر اعتزام حمدوك تقديم استقالته, توالت عليه اتّصالات من جهات وشخصيات وطنية بغرض تراجعه عن أية خطوة من هذا القبيل، باعتبار أنّها ستُعيد الأوضاع إلى مربع ما قبل 21 نوفمبر الماضي، وستُعقِّد المشهد بشكل أكبر، لا سيما وأن انعكاسات الأزمة التي أحدثتها قرارات القائد العام للجيش في 25 أكتوبر الماضي ألقت بظلالها على كل مناحي الحياة في البلاد.

محور خارجي

وبحسب المحلل السياسي إبراهيم آدم، فإن محوراً خارجياً دخل في خط الازمة، ولفت الى ان دولا إقليمية ودولية تحاول دفع حمدوك للتراجع عن الاستقالة، لتجنُّب دخول البلاد في أزمة جديدة. وقال لـ(الصيحة) ان هنالك مصادر اكدت أن رئيس الوزراء وضع شروطاً وفترة زمنية محددة لإجابة مطالبه، ومن بينها وقف جميع أشكال العنف على المتظاهرين, وقال ان رئيس الوزراء أبدى استياءه من حالة الخلاف الكبير بين المكونات السياسية وعدم التوافق، ورأى أن بعض القوى لا ترى في استقالته أي تأثير!

ضغوط الأطراف

إذا أرجأ رئيس الوزراء عبد الله حمدوك تقديم استقالته إلى الأسبوع المقبل، كانت واحدة من أسبابها استجابة لدعوات محلية وإقليمية ودولية, وإن الوساطات الداخلية والخارجية، والأطراف الإقليمية، والشريك الآخر المكون العسكري، نجحت في إقناعه بالعدول عن قرار الاستقالة، ووعدته بالتواصل مع كل الأطراف حتى يتمكّن القيام بمهامه الانتقالية، ولكن مصادر أخرى قالت: (من يقومون بالوساطة كانوا جزءاً من التسوية التي تمت مع العسكريين وتمخّض عنها الاتفاق السياسي بين رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وحمدوك الذي عاد بسببه إلى منصبه بعد الإطاحة به وأعضاء حكومته في الـ25 من أكتوبر الماضي).

حمالة أوجه

يرى وزير الصناعة السابق، إبراهيم الشيخ, أن حمدوك بات بين مطرقة العسكر وسندان الشارع. وأضاف: القرارات الأخيرة التي اتخذها حمدوك قد تكون ليس مكان رضاء من المكون العسكري، وهم يصرون على التدخل في العمل التنفيذي، وبالتالي يحدث الخلاف. وحول وعد البرهان بعدم تدخله في شأن الجهاز التنفيذي، أوضح الشيخ أن عبد الفتاح البرهان “مشكلتو بعمل حاجة وبقول حاجة تانية”، واعتبر استقالة حمدوك في هذا التوقيت حمالة أوجه، يمكن من خلال استمراره, ويستطيع أن يوقف تغول العسكريين على السلطة التنفيذية، وتفكيك الانقلاب من الداخل وإسقاطه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى