ثورة ديسمبر.. شعارات مهزومة!!

الخرطوم: أم بله النور

عند اندلاع ثورة التاسع عشر من ديسمبر 2018م، حلم الشعب السوداني بتغيير الأوضاع الاقتصادية والسياسية، وارتفع سقف تطلعاته بإسقاط نظام البشير الذي ظلّ لأكثر من 30 عاماً دون أن يحقق أدنى طموحات الشعب، وبعد سقوط النظام البائد، امل المواطن في التغيير وتحسين مستوى المعيشة، واكتساب الحريات والتنعُّم بالأمن والسلام، وبعد مرور ثلاثة أعوام من عمر الثورة أين تقف تلك التطلعات، وهل حققت الثورة شعاراتها “سلام.. حرية وعدالة”؟ حاضنة مُبتدعة في بداية حديثه لـ”الصيحة”، رأى المحلل السياسي بروفيسور عبده مختار عيسى أن الثورة لم تحقق شعاراتها ولم تكن هناك حريات مع وجود المعتقلات، ولم تتحقق الشعارات بالكامل نتيجة للصراعات والانقسامات، والتركيز على المناصب بدلاً من الأولويات في بناء مؤسسات الدولة والأمن ومعالجة الأزمة الاقتصادية، إلا أنها اهتمت بقضايا ليست لها علاقة بمهام الفترة الانتقالية، حيث دفع المواطن ثمن ذلك غاليًا في معاشه وأمنه، وأرجع مختار ذلك إلى البدايات التي اعتبرها خاطئةً، والتي كانت عبارة عن محاصصات وخروج عن المسار، وأضاف أننا لسنا بحاجة لوثيقة دستورية او مجلس تشريعي غير مُنتخب، وتعلّل بأنه تبديدٌ للأموال ومضيعةٌ للوقت وسوف ينتج عنه مزيد من الصراعات من اجل نسب التمثيل، واشار الى أن الحاضنة السياسية كانت بدعة ولا بد من البعد عنها وتكوين حكومة كفاءات مستقلة، وعلى الأحزاب الرجوع لأحزابهم وإعادة بنائها، وتشكيل عشر مفوضيات والتي تضم كل مفوضية ثلاثين عضواً، وأيضاً عليهم الاستعداد للانتخابات. أكثر من صلاحيات وكشف بروف عبده مختار أن الشعارات لم تتحقق، لأن حكومة الفترة الانتقالية أخذت أكثر من صلاحيتها، وليس لها تفويض شرعي، للتفاوض باسم الشعب وتغيير المناهج ووضع القوانين وغيرها من الصلاحيات التي لا تُحظى بها إلا الحكومات المنتخبة، لذلك يرى عبده ان اتفاقيات السلام لم تخاطب جذور الأزمة، بل استمرت الصراعات القبلية واشتعال الازمة، واضاف ان السودان لم يكن بحاجة لمفاوضات خارجية ووسطاء للسلام، بل يحتاج الى مؤتمر قومي يضم كل المكونات بما في ذلك الحركات المسلحة التي كانت ضد النظام البائد وليس على حكومة الثورة التي منوط بها وقف اطلاق النار فقط، لذلك اعتبر مختار اتفاقية سلام جوبا باطلة. أمر متروكٌ ويرى المختص السياسي عبده مختار أن الأمر الآن متروكٌ لرئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك للخروج من الأزمة وتحقيق شعارات الثورة “حرية.. سلام وعدالة” بالابتعاد عن الحواضن السياسية، وتشكيل حكومة كفاءات مُستقلة، والتركيز على الأولويات المتمثلة في الاقتصاد والأمن، ووقف النزاعات واستكمال مؤسسات الدولة، وتكوين مجلس حكماء للمساعدة في عمليات البناء، إلى جانب معالجة السِّياسات الخارجيّة. عراقيل فيما كشف الخبير الأمني العميد بحركة تمازج ابراهيم عيسى عيساوي أن تأخير تنفيذ الترتيبات الأمنية، من أبرز الأسباب التي حالت دون تحقيق شعارات الثورة، وبسط الأمن في دارفور نتيجة لوجود حملة السلاح، وبعض التفلتات، وفراغ الترتيبات الأمنية أيضاً حال دون العودة الطوعية للنازحين وحال دون التعويضات الفردية وحل النزعات القبلية، وأشار إلى أن الصراعات السياسية أيضاً ساهمت في عدم تحقيق الشعارات، مُضيفاً ان التذبذب الحزبي والتمكين وسارقي الثورة هم من يُعرقلون عملية تشكيل الحكومة، ولا يمكنون رئيس مجلس الوزراء من اداء مهامه والتعبير عن رأيه. ويرى العقيد إبراهيم أنّ تلك الصراعات السياسية أدت الى عرقلة سياسية وعسكرية، كما يرى أن الجنرال “حميدتي” قادر على قيادة الدولة، وعليه المضي قُدُماً في تحقيق مُكتسبات الثورة. وقال الخبير الاستراتيجي عباس ابراهيم، ان فصل الموظفين وتشريدهم دون التحقق من الانتماءات السياسية كان له أثرٌ بالغٌ على فئات المجتمع، موضحاً أن هناك مؤسسات تم إغلاقها بالكامل، مستشهداً بالمؤسسات الإعلامية المتمثلة في صحيفة “الرأي العام وقناة الشروق الفضائية”، الى جانب تشريد موظفي اتحاد الصحفيين الذين لم يعلموا مصيرهم ومصير مستحقاتهم المالية حتى الآن، وغيرها من الاتحادات ومنظمات المجتمع المدني، الأمر الذي يجعل شعار الثورة مجرد شعار لم يبرح مكانه، مضيفًا أن شعارات الثورة لم تحقق العدالة، بل ساهمت في تمزيق النسيج الاجتماعي بتصرُّفات السياسيين. استلاب الثورة وخلال استطلاع “الصيحة”، قالت مجموعة من الشباب، إنهم كانوا يحلمون بواقع أفصل بعد سقوط نظام الإنقاذ البائد، إلا أنهم كانوا الأكثر ضرراً جراء التعليق المستمر لمؤسسات التعليم العالي، والتي أدت الى هجرة آلاف الطلاب للخارج، فضلاً عن خسارة تلك المؤسسات عُملات صَعبة كانت تجنيها من الطلاب الأجانب، واشار محمد العاقب الى أن شعارات الثورة لم تلامس الواقع، لم تكن هناك حرية تعبير عن الرأي، بل كان هناك قمع وقتل المتظاهرين، بالإضافة الى توقف النشاط السياسي بالجامعات المغلقة والتي لم تتح للطلاب الدراسة، ناهيك عن عمل سياسي وتعبير عن رأي، وأضاف العاقب أن أعضاء الحكومة الانتقالية تسلقوا على اكتاف الشباب، ولم يكن هناك أي جُهدٍ ملموس لتغيير الواقع.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى