“مُعرقِلو” السلام.. العقوبات آخر العلاج!

 

تقرير: إنصاف العوض

وسط تنامي الانتقادات الدولية للسلحفائية التي تسير بها المفاوضات، ظهرت أصوات دولية وإقليمية تطالب بالضغط على المفاوضين لتوقيع سلام سريع وحاسم في وقت وصف فيه (موقع وور ون ذا روكس) الأمريكى المفاوضات بمفاوضات التملص التي احتجزتها المجموعات المفاوضة كرهينة  المفاوضين لتحقيق أهدافها في الحصول على المناصب بالحكومة الانتقالية مطالباً المجتمع الدولي وواشنطن بفرض عقوبات على معرقلي السلام.

ووقعت تصريحات الموقع موضع رضا واستحسان في نفس الخبير السياسي بروفسير صلاح الدومة الذي رأى أن توصيف المحادثات باتفاقية التنصل أبلغ توصيف حدد أطرها وأوجز تشريح علتها منذ بداية انطلاقها، وقال الدومة (للصيحة): نعم هي اتفاقية تملص من الطراز الأول ودليل على عقد حلف بين الجبهة الثورية والدولة العميقة بهدف إفشال الحكومة الانتقالية كما أنها تحتجز رهينة للحصول على المناصب، ذلك أن الجبهة الثورية لا تمتلك قضية حقيقة وقضيتها الأساسية البحث عن المناصب وهي تحارب من أجل ذلك، وتستخدم هذه المفاوضات لابتزاز الحكومة الانتقالية للحصول على هذه المناصب.

توهان ثوري

واضاف الدومة، أن إعلان الحرية والتغيير كيان نصفه ثوار ونصفه الآخر عملاء وغواصات للدولة العميقة، وبالتالي تشعر أن هناك حالة توهان وخلافات مستمرة ونزاعات وسط الكيان، إذ تعمل مجموعة العملاء على التخريب من الداخل عبر زرع الفتن وتخريب القوانين واللوائح وغيرها لتشتيت جهود القيادات الثورية فى الحرية والتغيير، حيث تعمل الدولة العميقة على جر القرارات إلى الجهة التي تريد، وأوضح أن الإنقاذ علمت منذ العام 2011م أن هناك جسما جديداً اسمه إعلان الحرية والتغيير وبدأت بزرع العملاء داخل الجسم مما أدى إلى إفشال ثورة العام 2013م واستمرت في زراعة العملاء حتى بلغت ذروتها في فترة الاعتصام التي استمرت أكثر من شهرين.

وثمن الدومة مقترح فرض عقوبات على معرقلي السلام التي اجترحها الموقع، وقال هذا حديث صحيح 100% ودليل على الدعم الدولي للثورة والثوار في السودان، مؤكداً بأن الحكومة الأمريكية قادرة على فرض عقوبات على معرقلي السلام بعد أن سنت قانوناً تحت مسمى قانون دعم الثورة في السودان، وعن نوعية العقوبات أضاف الدومة: يمكن أن تفرض عقوبات كتلك التي تفرض على المنظمات الإرهابية في العالم والمتمثلة في تجميد الأصول والحسابات وحظر السفر وفرض عقوبات على الدول والكيانات والمؤسسات التي تقدم لهم الدعم والإيواء.

تشوهات واختلالات

وغرد عكس سرب الدومة المتحدث باسم حركة العدل والمساواة السودانية، ومقرر التفاوض معتصم أحمد صالح الذي رأى التصريحات التي وردت في الخبر أنها جاءت من أشخاص غير ملمين بمجريات التفاوض وأنهم  استعانوا بجهات لا علاقة لها بالتفاوض أو أصحاب غرض. وقال معتصم لـ(الصيحة)، لا تستطيع أية جهة وضع تاريخ محدد باليوم والساعة لأجل مفاوضات “سلام” تخاطب مشكلات متراكمة منذ استقلال البلاد. وأن ما تم في السابق من تحديد مواعيد عبارة عن توقعات الأطراف بناء على حيثيات التفاوض وتقدمه. وبالرغم من أن الموقع أورد بأن الأطراف المفاوضة تحتجز الاتفاقية رهينة للتأكد من الحصول على المناصب، نفى صالح ذلك، مضيفًا غير صحيح أن التفاوض يدور حول مناصب سياسية أو وظائف، فهذا تبسيط مخل لماهية المفاوضات وغاياتها، فالتفاوض في جوبا يتناول جذور الأزمة السودانية في مناطق الصراع وإفرازات الحروب التي دارت رحاها في تلك المناطق، ولئن أسقطت الثورة النظام البائد فإنها لم تسقط تشوهات اختلال ميزان السلطة والثروة في السودان، لأن الأزمة السودانية يعود تاريخها لما قبل النظام البائد إلى استقلال البلاد، ولا يمكن معالجة ومخاطبة تلك القضايا إلا بالتفاوض الجاد والموضوعي حول القضايا المثارة والتي تتركز بشكل أساسي حول كيف يحكم السودان ويقسم ثرواته وليس حول من يحكم السودان والمعنى بالمناصب السياسية.

ممسكات وطنية

وبالرغم من تشديد صالح على أهمية ملف الأمن إلا أن الأطراف المتفاوضة رأت أن التفاوض على المناصب يجب أن يجد الأولية وأن تتم مناقشته أولاً كونه أهم ممسكات التراص الوطني، وقال الأمر الآخر أن التفاوض حول السلطة قد مضى منذ فترة طويلة، وقد تم الاتفاق الكامل حوله، منوها إلى أن  المفاوضات الجارية حاليًا في جوبا تخاطب بجانب جذور الأزمة إفرازات الأزمة أيضاً والمتمثّلة في أوضاع النازحين واللاجئين و كيفية عودتهم والأراضي والحواكير والعدالة والمساءلة والتعويضات وجبر الضرر، الأمر الأخير والأهم في أي اتفاق سلام هو الأمن. والأمن في حالة وجود صراع مسلح لا يتحقق إلا بترتيبات أمنية شاملة تضع معالجات للاختلالات الأمنية وتحدد مصير القوات التي تحمل السلاح،  ولا يمكن بأي حال من الأحوال مطالبة الأطراف بتوقيع اتفاق هكذا بحجة بأن النظام السابق قد سقط وبالتالي وقعوا على أي اتفاق لنطلق عليه اتفاق سلام، فالمشكلة كما أوضحت ليست مع النظام السابق فقط، وإنما المشكلة تكمن في الكيفية التي تحكم بها البلاد، وفي ذلك لا استثناء لجميع الأنظمة التي تعاقبت على حكم البلاد.  إن الترتيبات الأمنية هي آخر الملفات عند الحديث عن اتفاق سلام وحالياً تدور المفاوضات حول الترتيبات الأمنية وتنتهي عند الوصول إلى اتفاق شامل حولها اتفاق يخاطب المشكلة الأمنية في مناطق الحرب ويضع معالجات لإصلاح الأجهزة الأمنية ويعالج وضع قوات حركات الكفاح المسلح.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى