الطرق القومية في السودان.. تحديات تُواجه المسؤولين

 

تقرير- محيي الدين شجر  15ديسمبر2021م

ظلّت قضية الطرق القومية في السودان تُشكِّل هاجساً لكل الحكومات المتعاقبة رغم أن التطور الذي تنشده الدولة يتطلب طرقاً مسفلتة أو مُعبّدة لانسياب السلع والخدمات.. بحيث تتنزل بأسعار زهيدة بخلاف ما إذا كانت الطرق وعرة والسير فيها شاقاً ومرهقاً, ويربط تطور الدول دائماً بتطور الطرق فيها.

وتعتبر الجارة إثيوبيا من أفضل الدول الأفريقية في مجال الطرق القومية أو الطرق داخل مُدنها لأنها تملك خبرة ثرة في مجال رصف الطرق, كما تعد كينيا من الدول المتقدمة جداً في الطرق.

واذا تأملنا حال الطرق في السودان فنجدها قد تطورت في فترة النظام البائد حتى وصل طول الطرق القومية نحو 12 ألف كيلو متر تشق معظم انحاء السودان, رغم أن عمر بعض الطرق قد وصل سن اليأس ويحتاج الى إعادة تأهيل أو صيانة.

ورغم ما تحقق من إنجازات في مجال الطرق في فترة النظام البائد, إلا أن بعض خبراء الطرق قالوا بخلاف ذلك, وذكروا ان النظام البائد كان بإمكانه رصف المزيد من الطرق بالاستفادة من اموال البترول التي تدفقت بغزارة, بينما تدفقت الأموال في قضايا انصرافية أخرى.

وفي هذه الفترة الانتقالية التي اعقبت الإطاحة بنظام المخلوع البشير, وقفت وزارة التنمية العمرانية والطرق والجسور باسمها الجديد حائرة ما بين رصف طرق جديدة أو الإبقاء على الطرق القديمة والمحافظة عليها بالتأهيل والصيانة الدورية, خاصةً بعد أن تعرّضت طرق كثيرة وكبارٍ الى التشققات بفعل العوامل المناخية من سيول وفيضات, حيث تهاوى عدد من الكباري وتدمّر عدد من الطرق على امتداد السودان.

وأول ما فكرت الوزارة فيه كان كيفية استقطاب الدعم من الخارج, بعد ان وصلت الأوضاع الاقتصادية الى درك سحيق من التدني والضعف بحيث لا يمكن الدولة من إنشاء متر واحد وهي مُحاصرة بقضايا عاجلة وآنية في الصحة والتعليم.

ولقد ذكر وزير البنية التحتية والطرق والجسور عبد الله يحيى لدى تدشينه مشروع العد الحركي والمسح المروي الثلاثاء, الذي نظمته الهيئة القومية للطرق والجسور, أن الهدف من هذا المشروع هو إعداد تحليلات علمية تسبق إنشاء الطرق في السودان, واوضح انهم في الوزارة يخططون لقيام المزيد من الطرق, لأن تطور الدول يأتي نتيجة لتطور طرقها, وأوضح أن السودان رغم  أنه استقل عام 1956 إلا أنه لا يزال دولة متخلفة نتيجة لتخلف طرقه.

وذكر أن ظروف السودان الاقتصادية دفعتهم للجوء للخارج عبر الاتصال بدول عربية وأجنبية لتنفيذ مشروعات جديدة ضمن نظام (بي او تي), مبيناً أن اتصالاتهم لم تنقطع وصولاً الى هدفهم الذي يسعون لتحقيقه في الوزارة.

ويعيش السودان ظروفًا اقتصادية قاسية أثّرت على حياة المواطنين نتيجة لارتفاع السلع وانخفاض الأجور, وادى ذلك الى توقف كثير من المشروعات, ولعل أبرزها تلك المتعلقة بإنشاء الطرق, بل عجزت العاصمة الخرطوم عن تأهيل طرقها المهترئة وأصبح السائد فيها مئات الحفر والمطبات, واشار احد مسؤولي الطرق بالعاصمة إلى توقف عمليات الصيانة منذ العام 2019 نتيجة لعدم الاستقرار السياسي.. في الوقت الذي نفّذت فيه جمهورية مصر العربية في العام 2020 حوالي 625 كيلو متر طريق بتكلفة 10.2 مليار جنيه مصري وفق إحصائية مصرية منشورة.

ويأتي مشروع دراسة العد الحركي والمسح المروري لشبكة الطرق القومية في السودان للعام 2021 كما ذكر مدير عام الهيئة القومية للطرق والجسور جعفر حسن آدم لتحديد أولويات الصيانة للطرق الأسفلتية وإعادة التأهيل ووضع أولويات التوسعة للطرق ذات الحركة الكبيرة ومعرفة حساب الطلب على النقل وللمساعدة في اختيار ومعالجة مواقع نقاط تحصيل المرور السريع, خاصة وأن الوزارة أقرت بوجود فاقد ضخم من أموال رسوم المرور السريع نتيجة للتهرب وللاستثناءات التي كانت ممنوحة لبعض الجهات, وذكر انها تسعى إلى  تقليص الفاقد من التحصيل على الطرق القومية إلى أقل من 15%, مشيراً الى ان الفاقد بلغ 40%.

وربما يأتي اتجاه الوزارة لإلغاء الاستثناءات الممنوحة للمنظمات الدولية والدستوريين والقوات النظامية لأجل ضخ مزيد من الأموال لخزينة الهيئة القومية للطرق لتنفيذ برامجها الضرورية والمهمة.

ويرى المهندس عمار سيد أحمد أن رسوم العبور التي تفرضها الهيئة تُعد من اهم الرسوم التي يُمكن أن تُساعد في تأهيل الطرق واعتبرها من أهم الرسوم التي تعتمد عليها الدول بسبب كلفة إنشاء الطرق الضخمة, وقال إن التهرب من دفع هذا الرسم يأتي بسبب عدم التنسيق ما بين الهيئة والأجهزة الشرطية في البلاد, واستغرب من وصول نسبة التهرب الى 40% وعدم حدوث أي ردة فعل من الجهات المختصة.. كما انتقد عدم تنفيذ قانون الطرق الذي يمنع مرور الشاحنة والترلة, مبيناً ان الشاحنات الثقيلة والتي تحمل حمولات زائد تسبب أضراراً بالطرق وتكبِّد الدول خسائر فادحة.

إن السؤال الذي يفرض نفسه هل بإمكان وزارة التنمية العمرانية والطرق والجسور والهيئة القومية للطرق والجسور تنفيذ برامجها التي وضعتها بداية العام 2021 في ظل التعقيدات المالية التي يمر بها السودان, خَاصّةً بعد توقف كثير من الدعم الذي كان مرصوداً للطرق من الدول المانحة أم تقف عاجزة عن التنفيذ؟

ان الواقع يقول ان المسالة تحتاج الى مزيد من التواصل مع الجهات المانحة, خاصة وان مصدرا مطلعا قد أشار لـ(الصيحة) بإيقاف دعم يبلغ خمسة ملايين دولار كان من المأمول أن يصل إلى السودان لإجراء دراسات في الطرق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى