ملف الكابلي في أضابير السُّلطة القضائية .. محفوظٌ للأجيال ولآلاف السنين

وملفٌ في حنايا المُحبين يتجدّد في كل حين

 

 

في عام (1986م) إبان عملي بمركز التنظيم والتوثيق الميكروفيلمي بالقضائية، كنا قد أعددنا مشروع تصوير وتوثيق وحفظ ملفات العاملين الذين تركوا الخدمة بالمعاش وغيره بنظام الميكروفيلم، وشمل التصوير ملفات العمال والموظفين والقضاة لحقبة محدودة.

وكان مركز الميكروفيلم الذي انشئ بالقضائية عام (1982)م لاغراض عدة منها تصوير سجلات الأراضي، والوثائق المهمة، إنجازاً وواجهة حضارية تقنية حديثة أثبتت نجاحها وتميزها، وكانت القضائية رائدة في هذه المجالات وغير مسبوقة في إنجازها.

والميكروفيلم كما هو معلومٌ ينفرد بخواص علمية خارقة, فهو يصغر الوثائق لـ(1%) في التصوير في أفلام لها مواصفات تقاوم كل العوامل الطبيعية وتحفظ المادة الفليمية لآلاف السنين، الشيء الذي جعله الأمثل في حفظ الوثائق التاريخية القيِّمة. كما تم تطوير تكنولوجيا الاسترجاع والقراءة لمضمون المادة المصورة بواسطة أجهزه القراءة من خلال شاشات (Reader printer)  واستخراج صور ورقية لأغراض المعاملات الإدارية.

وحتى ننجز تصوير وحفظ تلك المستندات بطرق آمنة وميسورة للشؤون الإدارية والبحثية، فقد أحكمنا (برمجة) العمل الفيلمي عن طريق (Jackets) يحوي كل منها ملفاً خاصا بفهرسة سهلة التناول.

ما كان يهمنا في تلك الملفات ونحن نعد برمجة الإعداد والتصوير والفهرسة هو أن الملف يحوي بالاضافة لسيرة ومسيرة صاحب العملية, ملامح ونظم وتاريخ الحقبة التي كان يعيشها المستهدف، وتلك بطبيعة الحال تراث خصب للبحوث والدراسات عن النظم الإدارية آنذاك.

لذلك كنا نعثر بداخل الكثير من الملفات درراً كانت تضمنها اوراق الملفات المتهالكة التي يتربص بها الزمن كلما تقدمت.

ولقد افردنا للكثير مما لفت انتباهنا ولمسنا من خلاله أهمية بحثية، أعدنا (Jackets) مخصصة لذلك، أنقذناها من ثنايا الملفات الورقية.

كان ملف الأستاذ القامة الإداري والموظف المرموق عبد الكريم الكابلي متميزاً يعبر عن شخصيته ومدى إخلاصه في عمله.

أنتجنا (Jackets) خاص لكل رحلات الفنان المبدع الكابلي الذي كان يهتم بأن يأخذ الإذن بالسفر (مكتوباً), لذلك كانت كل الأذونات تحكي عن النشاط الكبير والتنوع في العطاء متناسقاً مع واجباته (العملية) في محيط وظيفته الرسمية.

في التقرير الذي أعده الزميل فرح أمبدة بـ(الصيحة) السبت الرابع ديسمبر الجاري، عن الراحل المقيم المغفور له بإذن الله الفنان عبد الكريم الكابلي، عدّد الأستاذ فرح اثني عشرة صفة تتمتع بها شخصية الكابلي الذي يفتقده الوطن الكبير والتي ذكر فيها، المغني، الفنان، الشاعر، المثقف، الرسام، الملحن، الباحث، المنقب، التراثي, المنشد جميل الطبع والطباع الوطني.

ونحن نضيف هنا في هذه العجالة الموظف المخلص المُنضبط في عمله.

حكت كل ملفات الكابلي, عن الكابلي بما تحمله من إبداع وتميز وذوق وفن رفيع وعطاء متميز. وتلك ملفات محفوظة في ذاكرة محبيه وذاكرة الوطن عصيّة على النسيان.

وملف محفوظ بنظام الميكروفيلم تحكي عن عطاء الكابلي في احد ميادين العطاء.. يحفظ لآلاف السنين.

رحم الله عبد الكريم الكابلي وأسكنه فسيح جناته.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى