إبراهيم سوناتا يكتب: تحليل لأغنية سفر العيون للفنان يوسف الموصلي

 

(1)

بدأ اللحن مباشرة بدون مقدمات أخرى بموسيقى جزلة نشطة فرحة في إيقاع سريع  هو (السامبا) وهو أكثر إيقاع بالطبع يعبِّر عن الفرح والنشاط  وكأن المؤلف هنا يرسل رسالة تعبير عن الفرح الذي  في دواخله برغم مايعتمل فيها من حزن وأحاسيس ولوعة وأشياء أخرى،  ونلاحظ أن الإيقاع يتغيَّر إلى رتم آخر هو أقرب لإيقاع  1 ونص مع  دخول المغني في الكلمات، وقد استخدم المغني  في اللحن عدة تنويعات في السلالم وبدأ الموسيقي  بسلم (فا ميجر)  الكبير  الذي يحتوي على علامة تحويل واحدة ملوَّنة وهي السي بمول ثم يتحوَّل إلى سلم سي بمول ميجر  بعلامتين   ثم إلى مي بمول ميجر  بثلاثة علامات ثم إلى دو ماينر  بأربعة علامات  وهذا شئ مدهش كل هذه التنويعات.

(2)

وبالطبع هذه المقامات الأربعة  من أكثر المقامات تعبيراً عن الشجن والحب و الحزن الدفين وكل مايجيش بصدر الإنسان من انفعالات وشعور تنتابه  إضافة إلى أنها من  السلالم الرخوة أي اللينة والتي دائماً   ما تتسم بطابع الرقة  والحنان  والحب والوعة.

(3)

وتداخل آلة الكلارنيت هنا بالصولو وهو العازف القدير الراحل (عبد الله إبراهيم أميقو)  تداخله بالصولو الانتقالي الصغير والزخارف والحليات الموسيقية، قد أعطت الإحساس الجيِّد بكل هذه المشاعر، أيضاً نلاحظ وجود (الفانتازيا)  أو الخيال العالي بصورة واضحة في هذا اللحن وكأنه يجاري جنباً إلى جنب الرمزية في النص الجميل، وكأن كل هذه الأحاسيس  والانفعالات من حزن وفرح  وفرقة وشوق وصبر ولوعة وغيرها من الإحساس، يجب أن يعبِّر عنها الخيال العالي مع تضامن الاثنين الواقعية والرومانسية (Romantic) معاً .

(4)

استخدم المؤلف -أيضاً- الكاونتر بوينت بطريقة ذكية أثرت اللحن كثيراً في كثير من المواقع بحيث يجعلك تحس بقوة التعبير في الموسيقى المصاحبة للعمل،  ونرى -أيضاً- أن المؤلف قد استخدم تنويعات وتنقلات نغمية ولحنية ( Variations) غاية في الثراء والقشابة والجمال بما يجعلك حقيقة تحس بجمال اللحن  والتنقل في استخدام النغمات غير المتوقعة، وأيضاً أنصاف الأبعاد هنا مابين المي بمول والري (بيكار)  أي الطبيعي والسي بمول واللا  بيكار  جعل للحن زخم من الإحساس بالحزن  مختلطاً بالشجن.

(5)

وهناك -أيضاً- انتقال نغمي مابين السلم الأصل والسلم القريب الصاعد وأيضاً في منطقة أخرى انتقاله إلى السلم القريب الهابط  أي من الفا بيكار للمي بمول، وأعتقد أن هذه  الانتقال السلس بين المقامات هو بمثابة احترافية عالية جداً من قبل المؤلف وهو قد حشد أكبر جهد في كمية من المقامات المتقاربة المتخابة نغمياً  ليستطيع توصيل إحساسه الحقيقي بالعمل النصي، والذي يقول فيه النص في نهايته  (أريتو سفر بلا عودة) وهو  تعبير عن الشئ باستخدام الضد وقد تعتقده هو لايريد ولكنه بالطبع يتوق للسفر داخل هذه العيون الجميلة وبلا عودة إطلاقاً.

(7)

التحية للموسيقار الفنان الجميل  يوسف الموصلي،  وهو يقدِّم أحد أجمل الدروس في طريقة الغناء الجميل والتنويع النغمي وقد خطأ بنا خطوات واسعة جداً في مجال التأليف في الأغنية الحديثة وهي مدرسة واعية تستحق منا التتبع والاهتمام الجاد، وقد كانت هذه حصة راقية جداً  في سبر أغوار هذه السلام الرخوة والتي تجتمع كلها على إحتوائها على نغمات البمول الملونة وتداخلها في بعضها البعض بكل الجمال والانسجام.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى