شاكر رابح يكتب : خُذوا الحكمة من أفواه المجانين

10ديسمبر2021م 

من المفارقات العجيبة المُدهشة أن يكون معاش الناس آخر اهتمامات وأولويات الحكومة الانتقالية الرشيدة، بالرغم من الظروف الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد جرّاء السياسات الاقتصادية الخاطئة المتمثلة في خفض سعر العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية, وخاصة الدولار الأمريكي ورفع الدعم عن الوقود وتحرير الأسعار في بلد خرج للتوِّ من أتون الحروب والصراعات، كان من الأجدى أن تنفذ هذه السياسات تدريجياً حتى لا يتحمل المواطن المسكين ارتفاع أسعار الأدوية والسلع الأساسية.

الظروف الصعبة التي يعيشها أهل السودان يتحمّلها الجميع على رأسهم رئيس مجلس السيادة ومجلسه الموقر ورئيس مجلس الوزراء ومجلسه التنفيذي, وهو يتحمّل المسؤولية الكبرى, أما المسؤولية الأخلاقية تتحمّلها قوى إعلان الحرية والتغيير, وانا لا اتحامل عليها إنما لسوء حظها انطبق عليها المثل (جنت براقش على نفسها), الحال البائس الذي وصلنا إليه جراء سواقة المواطنين بالخلاء والوعود الوردية التي وعدوا بها الشعب السوداني في ميدان اعتصام القيادة حال سقوط الإنقاذ, وقد سقطت الإنقاذ وماذا جنى الشعب السوداني؟ مَرّت عامان من عُمر الثورة المجيدة ولا جديد يُذكر..!

المُحزن في الأمر أن جميع القوى السياسية متهافتة على تقاسم السلطة وساعية بكل ما تملك لتحقيق مكاسب إما شخصية أو سياسية حزبية ضيِّقة وهي المنوط بها عكس هموم الشارع والجماهير، تكاد تخلو نشرات الأخبار الرئيسة في الفضائيات أو الصحف من الإشارة إلى جهود تقوم بها الحكومة لتخفيف الأعباء المعيشية.

الجميع في غفلةٍ, ناسين أو مُتناسين إن لم يحاسبكم الشعب السوداني في الانتخابات القادمة هناك حساب في الدار الآخرة عند مليك مقدر, وهنا تستحضرني قصة المجنون الذي دخل ذات يومٍ إلى دار الحكومة، فجلس على كرسي الوالي وأخذ يقلد الوالي في أفعاله.

فلما رآه الحرس والحجاب ضحكوا عليه، ثم أدركوا أن الوالي لو دخل عليهم ووجد المجنون جالساً على كرسيه سوف يبدل ضحكهم إلى بكاءٍ لذا هرعوا إلى المجنون – بعد أن نصحوه أن ينزل من كرسي الوالي فامتنع – وأخذوا يضربونه حتى أنزلوه. ذهب المجنون إلى زاوية من القصر وصار يبكي.

وفي هذه الأثناء دخل الوالي فرأى أن وضع القصر غير طبيعي، سأل رئيس الحرس وقال: “ما الذي حدث؟”

قال رئيس الحرس – بعد أن انحنى تعظيماً للوالي -: “سيدي، إن مجنوناً جلس على كرسي الوالي، فلما وعظناه بالنزول عنه امتنع، ثم اضطرنا إلى ضربه”.

ذهب الوالي إلى المجنون فوجده يبكي، قال له: “عليك بالصبر، فإن الذي يعمل عملاً مخالفاً للقانون عليه أن يُوطِّن نفسه لمثل ذلك.”

قال المجنون له: “أيها الوالي إني لا أبكي على نفسي.”

تعجب الوالي لذلك وقال: “فما السبب في بكائك؟”

قال المجنون “إني جلست على كرسيك دقائق فنزل بي من العذاب والضرب ما ترى, فكيف بك وقد جلست عليه سنوات، فإنه لا يعلم ما ينزل بك من العذاب يوم القيامة إلا الله.”

خُذوا الحكمة من أفواه المجانين وعلينا أخذ العظة والعبرة وأن يدرك حُكّامنا أنهم مسؤولون أمام الحكم العدل من حُسن إدارة البلد وتقسيم وتوظيف الموارد بشكل عادل وتقسيمها بطريقة متكافئة لمصلحة الجميع.

 

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل،،،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى