أحمد موسى قريعي يكتب : الإسلام السياسي .. يوميات البارود والدم (33)

اتحاد المحاكم الإسلامية في الصومال (5)

إلى أين ذهبت المحاكم الإسلامية في الصومال؟

السرعة هي القاسم المشترك في عملية صعود وهبوط اتحاد المحاكم الإسلامية في الصومال، فقد سيطرت على الصومال وبلغت مرحلة الوهج ثم “انبرشت” بذات السرعة ثم اختفت وتبخرت لكن ما أسباب هذا السقوط وهذا الاختفاء، إلى أين ذهبت المحاكم الصومالية؟

في الحقيقة لا تخفى الأسباب التي أدت إلى سقوط واختفاء حركة المحاكم الصومالية على أي متابع لصيق بتجربتها الغريبة والعجيبة على أرض الصومال، فتلك الأسباب منها ما هو ذاتي خاص بالحركة نفسها كعدم تقديرها لردود الأفعال الغربية، وعنف الجيش الإثيوبي المزود بأحدث الأسلحة، والمتمتع بالدعم اللوجستي غير المحدود مقابل تلك الأسلحة الخفيفة التي تحملها “ميليشيات” المحاكم الـ “شبه عسكرية”، فلم يضع “شيخ شريف” وقيادات المحاكم التفوق العسكري والتسليحي لإثيوبيا في حسبانهم، فعجل ذلك بسقوطهم، أضف إلى ذلك “التناقض”  العجيب الذي طال خطابهم السياسي المنقسم على نفسه، والمتغلغل في روح القاعدة إلى حد الجهر به، هذا ما دلت عليه بعض تصريحات التيار المتشدد فيهم، كما أن سلطة المحاكم لم تعط أهمية لتلك المبادرات والفعاليات المختلفة التي ظهرت هنا وهناك بهدف الاصلاح وتماسك الجبهة الداخلية، فقد تمسك قادة المحاكم بقراراتهم المتسلطة وأقصوا الشعب الصومالي صاحب المصلحة من المشهد، فتم وضع الصومال تحت الاحتلال الإثيوبي، ووصاية المجتمع الدولي.

وبالتأكيد هنالك أسباب خارجية متعلقة بمطامع القوى العظمى في منطقة القرن الأفريقي والصومال بوجه خاص كما أسلفنا في أكثر من مناسبة.

الأصول الفكرية والتوجه الأيديولوجي للمحاكم الإسلامية (1)

في الواقع لم تكن محاكم الصومال الإسلامية منسجمة في مرجعيتها الفكرية، ومذهبها الأيديولوجي، رغم تبنيها الصريح للتوجه الديني، فقد توزع “هواهم” الفكري بين تيارين مختلفين لا يمكن أن يلتقيان بأي شكل من الأشكال.

جمع الأول منهما بين “شطحات” ووجدانيات الصوفية، وبين “تقليدية” أهل السنة والجماعة القائمة على “سلفية” آل الشيخ في السعودية، و”فهلوة” الإخوان المسلمين في مصر، بالتأكيد لا تخفى علينا خطورة هذا الجمع “المحرم” الذي يحاول أن يجمع بين الاعتدال والوسطية والسلمية والاصلاح والمصالح السياسية، هذا التوجه “الغريب” كان يمثله الشيخ “شريف شيخ أحمد”، والشيخ “عبد القادر علي”.

أما التوجه الثاني فقد تبنى صراحة الفكر السلفي الجهادي، ويمثله الشيخ “حسن عويس”، والشيخ “حسن تركي”، فكان أنصار هذا التوجه أشد دموية ووحشية وتطرفا من أقرانهم، فقد تقاربت أفكارهم مع أفكار “القاعدة” حتى أصبح هذا التقارب فيما بعد أحد أسباب انهيار المحاكم كما رأينا من قبل.

يتبع…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى