تساؤل في انتظار حمدوك.. أين تنتهي حُدُود صلاحياته؟!

 

الخرطوم: الطيب محمد خير

عَادَ رئيس الوزراء عبد الله حمدوك لمُباشرة مهامه بموجب اتفاق سياسي, ألغى قرار إعفائه الذي اصدره القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في 25 اكتوبر الماضي, بيد أنّه عاد وهو مُحاصرٌ بكثير من المهام, في مقدمتها الإتيان بتوليفة حكومية كفؤة ومُتميِّزة بمُستوى التحديات والطموحات، وقادرة على تحمُّل المسؤولية المُوكولة إليها بموجب الوثيقة الدستورية.

لكن في ذات الوقت, تقف حزمة من التساؤلات في مقابل رئيس الوزراء وهو يدخل المرحلة الثانية للحكومة الانتقالية دون حاضنته السياسية بموجب اتفاق جديد أحدث تغييراً كاملاً للقواعد التي كانت تحكم الانتقال في جانب المشهد السياسي المدني، أبرز هذه التساؤلات التي تُعد مشروعة ما نطاق السلطة التي سيتمتع بها رئيس الوزراء المُعاد وحكومته من التكنوقراط في الاتفاق الجديد؟ وما هي الصَّلاحيات التي سيمارسها؟ هل هي ذات الصَّلاحيات الواسعة التي منحتها له الوثيقة الدستورية في الفترة السابقة؟ وهل سيمضي في اتجاه ذات المطالبات السابقة بإعادة هيكلة القوات المسلحة وحل شركاتها وتبعيتها للقوات المسلحة؟ وهل سيمضي في اصلاح قوانين الأحوال الشخصية، أم ستتغير حسب ما قطع به الوسطاء بأنه ستتم إعادة النظر فيها.

ويؤكد الخبير القانوني نبيل أديب لـ(الصيحة) ان نطاق سلطة وصلاحيات رئيس الوزراء منصوص عليها في الوثيقة الدستورية, وان المادة التي تحكمها سارية ولم يتم أي تقليص لنطاق سلطته او صلاحياته ما عدا الموجودة ضمن المواد المُجمّدة من الوثيقة الدستورية وهي أيضاً سارية طالما لم يتم إلغاؤها, وأشار نبيل إلى أن أي تعديل يتم في الوثيقة الدستورية يجب أن يتم بالتوافق بين طرفي الاتفاق الذي عاد بمُوجبه حمدوك، نافياً أن يكون الاتفاق المُوقّع بين حمدوك والفريق البرهان هو اتفاق سياسي يلغي الوثيقة الدستورية أو يعدلها, لأن الوثيقة نصّت على طريقة تعديلها صراحةً, وبالتالي هذا الاتفاق لم يُقلِّص أو يُغيِّر صلاحيات رئيس الوزراء, وأضاف نبيل أن إصلاح القوانين منصوص عليه في المادة الثامنة ضمن ستة عشر بنداً وهذه موجودة وسارية, لكن المطالب الاخرى التي  يدفع بها تندرج في إطار المسائل السياسية.

لكن من المؤكد أن رئيس الوزراء قد عاد وفق اشتراطات تلامس صلاحياته, منها ما كان في الفترة السابقة, وهذا اكده د. عبد اللطيف محمد سعيد لـ(الصيحة), مُضيفاً لكن هذه الشروط تظل غير مرئية في الاتفاق أو تمت الإشارة إليها مجملة, لكن هذه الاشتراطات التي له وعليه، ستتضح خلال تشكيله للحكومة ويمكن قراءتها من خلال الشخصيات التي تضمّنتها ومعرفة اتجاهات سياساته سواء على مُستوى الداخل أو الخارج.

وأضاف د. عبد اللطيف: لكن السؤال الأهم الذي ينتظر حمدوك الإجابة عليه من خلال مقدرته على إنفاذ كل متطلبات الفترة الانتقالية خلال الفترة التي حدّدت نهايتها بيوليو (2013) وهي حزمة من المهام الكبيرة والتحديات, في مقدمتها إكمال عملية السلام، والإصلاح الاقتصادي الذي يرتبط لحد كبير بالعلاقات الخارجية على المستوى الدولي والمحيط المحلي والإقليمي، بجانب المهمة الأسياسية للفترة الانتقالية والإعداد والتحضير الجيد للانتخابات التي ستفضي لتحول ديمقراطي حقيقي.

ويتّفق د. عبد اللطيف سعيد مع ما ذهب اليه الخبير القانوني إلى أن هذه المهام جميعها منصوصٌ عيها في الوثيقة الدستورية وتشكل أساس صلاحيات رئيس الوزراء, ولا يمكن بأي من الأحوال المساس بها بالإلغاء أو التقليص، وأضاف أن رئيس الوزراء قد عاد الآن غير محدود الصلاحية بالحاضنة السياسية التي كانت تُقاسمه القرار كمرجعية له طوال الفترة السابقة, بالتالي أعتقد أنه عاد بصلاحيات أوسع, لكن هذه تتضح من خلال طبيعة الحكومة التي سيكونها هل هي جميعها تكنوقراط أم بها جانب حزبي..؟

وقال د. عبد اللطيف: لا أتوقع عودة حمدوك للمطالبات السابقة بهيكلة الجيش والأجهزة الأمنية وهذه المطالبات صعب من الدفع بها الآن، لكن أتوقع أن يتجه الى استكمال الهياكل القانونية بإنشاء المحكة الدستورية ومحكمة الاستئناف وغيرها من الإصلاحات القانونية المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية, ويضيف: أعتقد أن اهتمام حمدوك سيكون في المرحلة القادمة أكثر ليس بتوسيع الصلاحيات, وإنما بالأمور والقضايا التي تُلامس امتصاص احتقان الشارع الذي سنده وحمله لرئاسة الوزراء, الذي قال إنه عاد من أجل حقن دماء الشباب وذلك من خلال إصلاح الاقتصاد, وتخفيف الضغط المعيشي الذي يُواجه الشعب السوداني, وإكمال عملية دمج السُّوداني وإعادته للمُجتمع الدولي.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى