مناوي في جوبا.. البحث عن منفذ

 

تقرير: مريم أبشر        14مارس 2022م 

يبدو أن اتفاق السلام الذي رعته جوبا يمر بمخاض عسير وعقبات يصعب تخطيها من قِبل مُوقِّعيه رؤساء المسارات الخمسة والحكومة الانتقالية التي تمثل حكومة جوبا الراعي والضامن للاتفاق، إذ أن الإرادة السياسية اصبحت شبه منعدمة بين أطراف الاتفاق، فضلاً عن أن الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية بالمجمل في البلاد باتت تنذر بالخطر وأصبح من الصعب إعادة التوازن المطلوب مرة اخرى اذا اعتصمت الأطراف بالتمترس في مواقفها، الامر الذي يهدد بنسف الاتفاق في كل مساراته.

اشتعال

وبعد ان رفضت بعض قبائل الشرق اتفاق المسار الخاص بالإقليم وإعلانها جهراً انه لا يمثلها، بل ان رفض المسار دفع بنظارة البجا عبر زعيمها محمد الأمين تِرِك لإغلاق الميناء واغلاق الطريق القومي وصاحب ذلك من تداعيات ألقت بظلالها على مجمل الاوضاع في البلاد خاصة فيما يلي الجانب الاقتصادي و معاش الناس، باتت تلوح  في الافق الآن  ازمة اخرى أكثر عمقاً و صعوبة، و هي كيفية تنفيذ بند الترتيبات الامنية الذي تجاوز توقيت جدولة تنفيذه لما يقارب العام أو يزيد, إذا أخذنا في الاعتبار جيوش الحركات الموقعة التي وصل بعضها الخرطوم و ما صاحب ذلك من توترات ومناوشات هنا. وهنالك ومع انتهاء مهلة مجلس السلم و الأمن التي اطلقها منذ فترة بإخراج جيوش الحركات ورفض معظمها للدعوة، حيث اصبحت الخرطوم والعديد من المدن الكبرى وسط بارود قابل للانفجار في اي لحظة اذا لم تستشعر اطراف السلام مكامن الخطر. الآن  تجرى تحركات على وجه السرعة لإنقاذ الاتفاق والسعي بجد من اجل تنفيذ بروتوكول الترتيبات الامنية ومن هنا كانت زيارة حاكم اقليم دارفور مني اركو مناوي امس الاول لجوبا.

نتفهم

أمس الأول وصل مني اركو مناوي حاكم اقليم دارفور لجوبا يرافقه وفد على مستوى رفيع  في زيارة يبدو ان هدفها واحد وهو طلب المساعدة من ضامن وراعي اتفاق سلام جوبا الفريق سلفا كير ميارديت رئيس دولة جنوب السودان، حيث وجه مني من جوبا نداءً لسلفا كير بقوله: (اخرجنا من الأزمة) ، وقال مناوي انهم كحركات موقعة يتفهمون سبب عدم تنفيذ الاتفاقية، وندعو سلفا كير للتدخل لحل الأزمة. وجدد  السعي للحوار،  وقال نقدم الدعوة لسلفا كير للإسهام في اخراج الاتفاقية من الازمة التي تمر بها. وعزا حاكم اقليم دارفور عدم تنفيذ اتفاقية سلام جوبا للأزمة السياسية التي يمر بها السودان.

دور

وقال مناوي قبيل وصوله جوبا، إن الأطراف السياسية في السودان، قدمت مقترحاً على أن تعلب جوبا دوراً مهماً في كيفية جمع الفرقاء السودانيين، وأن يلعب رئيس جنوب السودان سلفا كير الدور الأبرز في حل الأزمة السودانية، وأضاف: (موقفنا في تنفيذ اتفاقية سلام جوبا، يأتي إذا كان هناك طرفٌ قام بخرق الاتفاقية، وحالياً متفهمون عدم تنفيذ اتفاق سلام جوبا للظروف التي تمر بها البلاد)، وقال مناوي: (نسعى للحوار من أجل الخروج إلى بر الأمان، بالتالي نقدم الدعوة إلى الرئيس سلفا كير لإخراجنا من الأزمة، لأن الجيران هم من يقدمون المساعدة).

 تقديم تنازلات

 

ويرى استاذ العلوم السياسية الدكتور عبد الرحمن أبو خريس في تقديره انه لا سلفا ولا غيره بإمكانه اقناع قادة الحركات بتقديم بعض التنازلات، واشار لـ(الصيحة) ان الاوضاع التي يعيشها السودان خاصة في جانبها الاقتصادي الاقرب للانهيار، تختلف تماماً عن تلك الأوضاع حينما تم التوقيع على الاتفاق، وقال ان الحركات حققت بعض المكاسب و هي تشارك حالياً في السلطة وعليها ان تقدم بعض  التنازلات، ويرى ان الحصص المادية من الصعوبة بمكان ان تتحصّل عليها الآن في ظل الظرف الراهن الذي تجاوز فيه الدولار الـ 600 جنيه. ويرى ان تنفيذ الاتفاق بما فيه الترتيبات الامنية يجب أن تتم بسلاسة  وبعيداً عن المطامع الشخصية لقادة الحركات المشاركة في الحكم، ولفت الى ان تلك الحركات كانت تحارب في نظام وصفته بالديكتاتوري، ولكن الآن النظام السياسي تغيّر وهي شريكة في الحكم

ضيقة

وأعاب استاذ العلاقات الدولية على القوى السياسية النظرة الضيقة للمصالح، واتهم قوى الحرية والتغيير بأنها وراء ما تعانيه البلاد حالياً بعد ثورة شارك فيها الشعب السودان، و قال ان محاولة اقصائها للآخرين بما فيهم الحركات تسبب في ما تواجهه البلاد حالياً، حيث إنها رفضت ابتداءً استيعاب الحركات وإجراء تسوية سياسية بحجة انها لم تشارك في اسقاط النظام البائد.

تقليدي

وشبّه أبو خريس  كل المشاكل التي تواجه البلاد بالصراع التقليدي و تكالب الاحزاب و القوى السياسية على الكراسي ضاربين بعرض الحائط المصالح الوطنية، وقال يجب ان تتسامى تلك القوى وتتنازل لصالح البلد الذي بات قاب قوسين أو أدنى من الانهيار، وقال ان كل معادلات القوى السياسية صفرية (يا فيها يا نطفيها). وقال يجب أن يكون الوطن أولوية. ويؤكد استاذ العلاقات الخارجية من الضرورة بمكان أن يقدم رئيس دولة الجنوب راعي الاتفاق نصائح لقادة الحركات بمن فيهم مناوي الموجود بجوبا حالياً حتى لا يعودوا للغابة مجدداً، بأن الظروف التي وقع فيها الاتفاق تختلف تمامًا عن الظرف الراهن للسودان وللعالم ككل. وقال الآن هنالك حرب روسية اوكرانية اثّرت على كل العالم وربما تكون بداية لحرب عالمية رابعة، ولا يستبعد ان تشهد المنطقة حرباً بالوكالة الى جانب روسيا والصين، مضيفاً ان السودان ليس بعيداً عنها، و نبه الجميع بأهمية رفع الحس الوطني و تقديم التنازلات حتى لا نفقد وطنا اسمه السودان.

 إرادة

واستبعد مراقبون، امكانية تقديم الرئيس جنوب سوداني سلفا كير لاي مساعدات في الوقت الراهن، ويرى الدكتور صلاح الدومة الخبير الأكاديمي أن تنفيذ بند الترتيبات الامنية في اتفاق جوبا يحتاج لإرادة سياسية ومالية وممارسة ضغوط على الدول المانحة خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما لا يستطيعه سلفا كير عليه، وذكر الدومة أن تصريح مناوي اشار فيه إلى أنه يتفهم سبب عدم تنفيذ اتفاق جوبا وهذا يعني رسالة واضحة من مناوي بشأن مآلات تنفيذ الاتفاق من عدمه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى