تداعيات ما بعد الاتفاق.. حمدوك في مُواجهة الشارع!!

 

الخرطوم: آثار كامل

على نحوٍ مُفاجئٍ, خرج الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة صبيحة الخامس والعشرين من أكتوبر بقرارات وقع على إثرها طلاقٌ بائنٌ ما بين المكونين المدني والعسكري, ووضع رئيس الوزراء قيد الإقامة الجبرية, واُعتقل عددٌ من القادة السياسيين والإعلاميين.

وعلى ذات النحو المفاجئ, تم صباح أمس الأول اختراقٌ كبيرٌ في جدار الأزمة من خلال مبادرة وطنية, أعادت د. عبد الله حمدوك رئيساً لمجلس الوزراء في الفترة الانتقالية، بيد ان الاتفاق قُوبل بالرفض عبر مواكب وهتافات مُناوئة, تتهم حمدوك بوضع يده في يد المكون العسكري.. وان كان كثيرون يرون أن الاتفاق مَخرج من الأزمة التي استمرت 27 يوماً، ما جعل الثوار والقوى المدنية يمضون في الاتجاه المعاكس وينتهجون العمل التصعيدي رفضاً لما تم، المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير رفض الاتفاق, وكذلك تجمع المهنيين الذي أعلن المواصلة في مناهضة ما تم عبر جداول تم إصدارها مسبقاً بمواكب في الأحياء ومتاريس بكافة الأجسام المنضوية بداخله، الشارع لا يزال يُواصل الضغط  للحصول على دولة مدنية كاملة دون شراكة مع المكون العسكري.

إذن ذات المواكب التي كانت سابقاً تشدد على شرعية د. حمدوك وعودتة, انقلبت الى الضد, واعتبرت أنّه تَنَكّرَ للثورة ويجب إسقاطه!!

مدنية كاملة

يرى الثوار أن الاتفاق السياسي قطع الطريق على أحلام السودانيين بتكوين حكومة مدنية, لكنه بالنسبة للثوار لم ينقطع الأمل، إذ ما زالت الرجاءات والهتافات والمُناشدات والمواكب تُطالب بعودة الوضع إلى قبل (25) اكتوبر, فيما أكّدت القوى المدنية على تسليم السلطة للمدنيين وإعادة المسار المدني الى سكته الأولى، والثوار هنا لا يرون أنّ المعضلة في شخص حمدوك, بل في الاتفاق السياسي الذي تم بينه والعسكر.

انقسام الشارع

ويرى د. عبد الرحمن أبو خريس الخبير الاستراتيجي والباحث الأكاديمي وأستاذ العلوم السياسية في حديثه لـ(الصيحة) أن الشارع الآن في حالة انقسام ما بين من كان يطالب بعودة حمدوك والرجوع للوثيقة الدستورية, والشارع المُؤدلج الذي يحمل في جعبته أجندة سياسية, وأضاف بأن الشارع القديم رجع برجوع د. عبد الله حمدوك, ونوه أبو خريس بأن هناك أحزابا ضد الشراكة مع العسكر تستخدم الشارع لأجندة تخصها, وتابع: على د. حمدوك أن يتمسّك بالوثيقة الدستورية والاتفاق السياسي الذي تم لتحقيق الدولة المدنية.

مطلوبات الثورة

لكن المحلل السياسي صابر الحاج ذهب إلى أن الاتفاق الذي تم ما بين حمدوك والبرهان أحدث انقساما في الشارع,  ونوه بأن توحيد هذا الانقسام بيد د. حمدوك نفسه الذي يجب أن يمر بعدة اختبارات, أولها اختبار تشكيل حكومة مدنية متكاملة واختيار كفاءات مستقلة تجتاز شروط الاختيار أمام حمدوك في ظل التحول المدني الديمقراطي والابتعاد عن ما يعبر عن مصالح تيارات او جهات سياسية او احزاب, واضاف في حديثة لـ(الصيحة) انّ على حمدوك تقديم أطروحات وبرامج يرى فيها الشباب والشارع تطلعات وطموحات ثورة ديسمبر, وقال “في تقديري لا بد من حكومة تضم طيفاً واسعاً من المستقلين والكفاءات, الى جانب ذلك لا بد من ترجمة ما جاءت به الثورة وانزاله على ارض الواقع”, وأشار إلى أنه لا بد من أخذ الكثير من الاعتبارات لمقابلة الشارع الذي أصبح في حالة انقسام الآن, الامتحان الحقيقي أمام حمدوك بعد العودة هو تنفيذ ما جاء به ثورة ديسمبر وتحقيق العدالة.

نقطة الصفر

وقال المحلل السياسي د. خالد قنديل محمد, إن الشارع بات أكثر انقساماً بعد توقيع الاتفاق السياسي بين حمدوك والبرهان, خاصة وان الخطوة لم تجد قبولا وترحيبا من قوى الشارع الحية من لجان المقاومة والأحياء والتنظيمات الشبابية غير المرتبطة بقواعد حزبية, وكانت تردد منذ البداية بحكومة مدنية كاملة دون شراكة مع الشق العسكري, وان ارتبط بشراكة العسكريين في فترة ما فإنها أصبحت تنتظر تنفيذ الوثيقة الدستورية ونقل رئاسة المجلس السيادي للمدنيين, ونوه في حديثه لـ(الصيحة) انه وبعد انقلاب (25) أكتوبر أصبح المطلب بمدنية خالصة على رأسها حمدوك, ولكن عقب التوقيع الذي تم, تبدّدت آمال الشارع الحي وليس كل الشارع وعاد الى نقطة الصفر, وبالمُقابل الانقسام الثاني نجده في القوى السياسية المنضوية تحت تحالف الحرية والتغيير, بجانب تجمع المهنيين والحزب الشيوعي, وكل هذه الكتل تُشكِّل وسيلة ضغط لمحاولة إرجاع الأوضاع الى قبل (25) أكتوبر بدافع القوة السياسية أو تشكيل واقع مدني من غير عسكر, وهو ما تسعى إليه قوى الشارع الحيّة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى