محيي الدين شجر يكتب : دموع السبعيني

فرح عامر لمسته عند كثير من السودانيين بعد سماعهم خبر عودة الدكتور عبد الله حمدوك إلى منصبه رئيساً لمجلس الوزراء كما كان قبل الخامس والعشرين, قبل أن يصبح قيد الإقامة الجبرية بمنزل الفريق الركن عبد الفتاح البرهان ثم بمنزله.

ولقد لفتت صورة الرجل السبيعني الذي ذرف الدموع وهو متكئ يشاهد عبر التلفاز, وصول حمدوك للقصر الجمهوري وتوقيعه على الاتفاق السياسي مع القائد العام للجيش البرهان, لفتت الأنظار, حيث هيّج الشيخ مشاعر الآلاف الذين يتوقون إلى حكم مدني ينتشل السودان من مستنقع الفشل والتخلف الذي ظل قابعاً فيه منذ الاستتقلال.

لقد اهتم معظم الناس بخبر عودة حمدوك إلى منصبه وتناقلته مئات المواقع الإخبارية كونه الحدث الأبرز في الساحة السودانية أمس اتفقنا مع الاتفاق أو اختلفنا معه.. ويبدو أنّ اهتمامهم نَبَعَ من أنّهم فقدوا الأمل في إمكانية عودة السودان إلى المسار الصحيح الذي يحفظ له المكاسب التي حقّقها على الصعيد الدولي من انفتاح ودعم سخي وبرامج طموحة, كان من الممكن أن تضيع إذا أصر المكون العسكري على إجراءاته وعلى اختيار شخص آخر للمنصب.

حينها سيفقد السودان لا محالة أي تعاطف معه وسيعود مرةً أخرى إلى مربع الحصار والحرمان والتوهان.

وفي تقديري الخاص, إن عودة حمدوك إلى منصبه رئيساً للوزراء ومن ثم الاتفاق على إطلاق جميع الوزراء والمُعتقلين جميعاً, هي خطوة أولى في طريق التوافق السوداني, وليشرعوا فوراً في فتح باب الحوار على مصراعيه.. الحرية والتغيير الأولى والحرية والتغيير الثانية والإدارات الأهلية والأحزاب الأخرى عدا حزب المؤتمر الوطني المعزول, لأن الثورة قامت لأجل عزله من الساحة السياسية وبخاصة في الفترة الانتقالية.

إن أي شقاق داخل الحرية والتغيير سيعصف باستقرار السودان ويُهدِّد مسيرته التنموية, كما يجب أن تُشارك لجان المقاومة والثوار بفعالية في الشأن السياسي ويكون لهم صوتٌ واضحٌ في مُستقبل السودان لأنهم أصحاب القدح المعلى في التطور الحالي وفي التوافق الذي تم بين البرهان وحمدوك.. مثلما كان لهم دورٌ واضحٌ في الاتّفاق السّابق.

ولتترك حركات الكفاح المسلح مُزايداتها السياسية ولتلتفت إلى تنفيذ بنود اتفاق السلام بدلاً من السعي دوماً إلى مزاحمة الحكومة المرتقبة بالخرطوم, عليها أن تنتقل إلى دارفور لأجل نهضتها وإقناع إنسان دارفور, إنها فعلاً ناضلت لأجله, لأن عملها خلال الفترة السابقة لم يقنع أهل دارفور.

أما فيما يتعلّق بحكومة الكفاءات التي تم الاتفاق عليها, فنتمنى أن تضم كفاءات فعلاً لا قولاً, بما فيها مناصب حركات الكفاح المسلح, لتقدم شخصيات مُعتدلة ومُؤهّلة وهي تضم عدداً كبيراً من الكفاءات, وليس شرطاً أن يتولى جبريل إبراهيم وزارة المالية, خاصّةً وأنّه من أكثر المُطالبين بحكومة الكفاءات غير الحزبية, ليكون قدوةً للآخرين في الأحزاب الأخرى, وبذلك يكون قد راعى مصلحة البلاد على مصلحته الشخصية.

يجب أن تعلو مصلحة الوطن على المصالح الشخصية, وأن تسمو قيم التسامح والإخاء إذا أردنا فعلاً أن نتجاوز مصاعب وتشاكس الفترة السابقة.

في الهواء

إن الاتفاق تحدث عن عودة حمدوك, لكنه لم يحدثنا عن أدائه للقسم من جديد أم لا.

وهناك فرقٌ بين الحالتين.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى