“الصيحة” ترصد مُحاكمة الرئيس المعزول والمتهمين في قضية مُدبِّري انقلاب (89):

 

الرئيس المعزول عمر البشير بقفص الاتهام: (جاء الحق وزهق الباطل)

غياب المتهم بكري حسن صالح لإصابته بكورونا ويوسف عبد الفتاح لإجرائه عملية جراحية

إيقاف محاكمة (الفششوية) لإصابته بعاهة عقلية وقرار بتسليمه لذويه

غياب كامل لهيئة الاتهام والدفاع يطالب باستبعادهم

الخرطوم: محمد موسى

عاد الصخب والهتافات بالتكبير والتهليل لقاعة معهد تدريب ضباط الشرطة بالأدلة الجنائية، في محاكمة مدبري انقلاب (89م) بعد غياب دام لأكثر من شهر، بعد إعادتها من محكمة الاستئناف التي رفضت استبعاد رئيس هيئة المحكمة من النظر في القضية، ورصدت “الصيحة” هتافات صاخبة بـدخول المتهمين لقفص الاتهام واحداً تلو الآخر بـ(الله أكبر، ولا إله إلا الله) تفاعل معها بالمشاركة بعض المحامين من هيئة الدفاع وبعدها بثوانٍ قليلة, سرد المتهم الطيب سيخة قصيدة حماسية صاحبتها تكبيرات من بعض الحاضرين داخل قاعة المُحاكمة، في وقت ردد فيها الرئيس المعزول عمر البشير بقفص الاتهام قائلاً: (جاء الحق وزهق الباطل), يبدو أنه قصد من خلالها التغييرات السياسية التي حدثت بالبلاد في يوم الخامس والعشرين من الشهر الجاري .

وتأتي جلسة الأمس الأولى من نوعها في محاكمة الرئيس المعزول والمتهمين في الدعوى الجنائية عقب التغييرات السياسية التي قادها القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في خواتيم الشهر الماضي .

من جهتها, أصدرت المحكمة الخاصة بتدبير انقلاب (89م) أمس، قراراً بإيقاف محاكمة المتهم السابع عشر، أحمد محمد علي الفششوية، وذلك بعد أن ثبت طبياً إصابته بعاهة عقلية ولا يتمكّن من خلالها الدفاع عن نفسه على ذمة القضية .

إصابة الفششوية بعاهة

وأمر رئيس هيئة المحكمة الخاصة التي عُقدت بمقر الأدلة الجنائية الخرطوم, قاضي المحكمة العليا حسين الشيخ الجاك، بتسليم (الفششوية) لذويه أو أي شخص مقرب له بعد التعهد بحُسن رعايته والحفظ عليه، وأرجعت المحكمة قرارها بإيقاف محاكمة الفششوية, وذلك استناداً لنص المادتين (202 – 49) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م، وذلك بعد أن تلقّت إفادة طبية من القمسيون الطبي القومي تفيد بأنه وبعد الفحص على (الفششوية) اتضح بإصابته بعاهة عقلية ولا يستطيع الدفاع عن نفسه، وشَدّدَت المحكمة على أنها أخذت بالمستند لصدوره من جهة رسمية بالبلاد ولطالما لم يطعن فيه بالتزوير .

يُذكر أن المحامي محمد الحسن الامين، ممثلٌ لدفاع الفششوية, وفي وقت سابق تقدم للمحكمة بطلب لإيقاف محاكمته لإصابته بعاهة عقلية، وحينها قررت المحكمة إرسال الفششوية للفحص بالقمسيون الطبي ووردتها النتيجة الطبية بأنه بالفعل يُعاني من العاهة العقلية ولا يتمكن من الدفاع عن نفسه .

غياب بكري ورامبو

فيما تغيب عن جلسة الأمس المتهم الأول عميد معاش يوسف عبد الفتاح، وذلك لأنه مازال مستشفياً بعد أن أُجريت له عملية جراحية، في ذات الوقت تغيب كذلك عن الجلسة النائب الأسبق للرئيس المعزول الفريق أول بكري حسن صالح، لوجوده بمستشفى علياء الطبي لتلقيه العلاج جراء إصابته بكورونا، في وقت تقدم فيه المحامي محمد شوكت للمحكمة بإفادة طبية من أحد المستشفيات توضح إصابة المتهم فيصل أبو صالح بجائحة كورونا ومنحه راحة مرضية لأسبوعين.

غياب الاتهام وإفادة

في مطلع جلسة الأمس، كشف رئيس هيئة المحكمة عن تلقِّيه إفادة من رئيس النيابة العامة قطاع الخرطوم المكلف ماهر سعيد، بناءً على إعلان المحكمة بموعد الجلسة (امس) يعتذر من خلالها من عدم تمكن رئيس هيئة الاتهام في القضية رئيس النيابة العامة سيف اليزل سري من الحضور للمحكمة، وذلك لمرافقته زوجته لاستشفائها بدولة مصر .

غياب لظروف سياسية

من جهته، اعترض المحامي هاشم أبو بكر الجعلي ممثل الدفاع عن المتهم السابع لغياب كامل أعضاء هيئة الاتهام في القضية، واتفق معه العديد من ممثلي دفاع المتهمين، وطالبوا بحفظ الدعوى مع شطبها أو إيقافها مع إطلاق سراح المتهمين، والتمس الجعلي من المحكمة تحفُّظه على غياب الاتهام المتكرر المُتعمِّد لأكثر من مرة كلما أتت ظروف سياسية مُعيّنة بالبلاد تخلف على إثرها الاتهام من الحضور بحد قوله، مشدداً على أن هيئة الاتهام لا يختصر نشاطها بالمحكمة على رئيسها (سيف اليزل)، منبهاً الى ان غياب الاتهام بالكامل غير مبرر ويؤثر بشكل كبير على العدالة وحقوق المتهمين، في وقت أكد فيه المحامي كمال عمر عبد السلام، ممثل دفاع المتهم الرابع الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي د. علي الحاج، انضمامه لطلب حفظ الدعوى وإطلاق سراح المتهمين، منوهاً إلى أنه وكما هو معلومٌ فإن تقويض النظام الدستوري أصبح في (عداد التاريخ) بغياب المحكمة الدستورية، مُطالباً المحكمة باستبعاد هيئة الاتهام من تمثيل القضية وذلك لغيابهم في جلسة الأمس بالرغم من ذكرهم في أضابير محضر القضية آنفاً بأن لديهم (500) محامي في الاتهام – بيد أنه وفي كل جلسة يظهر (بضعة) محامين لتمثيل الاتهام بالمحكمة، وسخر بقوله: “ان الظروف السياسية اثّرت في حضور الاتهام بالمحكمة”، وأضاف قائلاً “أجزم أنهم غير راغبين في الحضور للمحكمة لأنهم ربطوا البلاغ بحيثيات سياسية ليست في مصلحتهم” – بحد قوله .

المحامي المُخالف للدفاع

في ذات السياق, وكعادته دوماً مُخالفاً لطلبات الدفاع, اعترض المحامي جمال الدين الجيلاني، ممثل دفاع المتهم فيصل مدني مختار، على طلب وقف إجراءات الدعوى وحفظها وشطبها وإطلاق سراح المتهمين، واعتبر حديثهم بأنه (بدعة)، وذلك لأن القضية هي حق عام لا يمكن وقف الإجراءات فيها، مشدداً على أن غياب الاتهام يعتبر مصلحة أساسية في دفاعه عن موكله المتهم، ملتمساً بمواصلة السير في القضية وسماع المتحري الذي كان حاضراً في الجلسة.
في المُقابل, أثار حديث ممثل الدفاع (الجيلاني) حفيظة عدد من زملائه محامي دفاع المتهمين، حيث رد عليه (الجعلي) قائلاً: (لا يجوز لك التعليق على طلبي وإذا أردت أن تقدم طلباً منفصلاً فقدمه أو فلتصمت)، حينها أمرت المحكمة جميع المحامين بالتزام أماكنهم.

رفض وقف الدعوى وشطبها

وقتها قرّرت المحكمة رفع الجلسة لـ(10) دقائق للنظر في طلبات الدفاع وأصدرت بعدها قراراً برفض وقف أو حفظ أو شطب الدعوى الجنائية في مواجهة المتهمين أو إطلاق سراحهم بالضمان، عازية ذلك الى انها قضية حق عام، اضافة الى ان طلب الدفاع لا سند له من القانون بحد قولها، منبهة في قرارها الى ان غياب اي من الأطراف في جلسة لا يدعو الى شطب الدعوى، في وقت رفضت فيه كذلك المحكمة طلباً لمحامي الدفاع الجيلاني بمواصلة سير القضية وسماع المتحري لغياب الاتهام، وعزت ذلك الى انه لا يتفق مع العدالة, لا سيما وان المحكمة تلقت إفادة من النيابة العامة باعتذارها عن عدم حضور رئيس هيئة الاتهام لسفره خارج البلاد بسبب المرض، واتضح كذلك عن عدم إعلان بقية أعضاء هيئة الاتهام، وبالتالي تقرر المحكمة إعادة إعلان هيئة الاتهام للمثول أمامها في الجلسة القادمة.

ونبهت المحكمة الى أنها وكتدبير منها خلال الجلسات القادمة ولربما تقرّر مُخاطبة النيابة العامة بتشكيل هيئة اتهام بديلة عن السابقة في حال تعذُّر حضورهم أمامها .

رفض مقابلة جماعية

في ذات السياق, رفضت المحكمة أيضاً طلباً للمحامي عبد الباسط صالح سبدرات، ممثل دفاع الرئيس المعزول يتعلّق بمُقابلة جماعية لـ(15) متهماً على ذمة القضية بمحبسهم في سجن كوبر القومي، وأرجعت المحكمة ذلك الى أنه لا يجوز ذلك وأن الطلب غير مبرر, لا سيما وان كل متهم يواجه اتهاماً محدداً وله مُحامٍ يمثله وان مقابلتهم جماعة هكذا لربما يضر ويضارب في مصلحتهم القانونية، فيما أكدت المحكمة في ذات الوقت بأنها لن تحرم أي مُحامٍ من حقه القانوني في مقابلة مُوكله المتهم فقط في القضية وليس مقابلة مجموعة من المتهمين .

فيما حددت المحكمة, جلسة قادمة لمواصلة سير إجراءات القضية في الثلاثين من الشهر الجاري .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى