تزامن مع الأزمة .. الحوار الاستراتيجي بين الخرطوم ولندن.. نموذج اصطفاف الغرب مع المدنية

 

 

تقرير: مريم أبشر  21أكتوبر 2021م 

بصبيحة اليوم الخميس الموافق الحادي والعشرين من اكتوبر الجاري والبلاد تتنسم عبير ذكرى أكتوبر المجيدة, تكون أزمة شركاء الحكم في حكومة الفترة الانتقالية قد وصلت  الى مفترق طرق, حيث استفحلت الأزمة بين شقيها المدني والعسكري وخرجت من القاعات المغلقة للعلن مع اقتراب نقل سلطة الرئاسة في مجلس السيادة  للمكون المدني . فى هذا الظرف و في هذا اليوم تحديداً يتوقع ان تخرج مظاهرات كثيفة في كل انحاء البلاد داعمة للحكم المدني و تشكيل هياكل الانتقالي و الرجوع لمنصة التأسيس , مقابل حشود اخرى اتخذت من امام بوابات القصر الجمهوري على شارع الجامعة مقراً للاعتصام يدخل يومه السادس, اعتبره مراقبون مُسانداً للشق العسكري. في هذا التوقيت الدقيق والفترة العصيبة من عمر الفترة الانتقالية الذي تجاوز العامين, احتضنت الخرطوم وبمقر وزارة الخارجية خلال اليومين الماضيين, جولة مهمة من الحوار الاستراتيجي بين السودان وبريطانيا.

انعقاد جولة الحوار الاستراتيجي بين الخارجية السودانية ونظيرتها البريطانية وان جاء وفق ترتيب مسبق, الا انه بتقديرات خبراء دبلوماسيين يعد التوقيت لحد كبير   مقصوداً في ذاته, حيث ان الازمة بين شركاء الانتقال وصلت لطريق مسدود, وان بريطانيا الداعمة للتحول المدني الديمقراطي في السودان أرادت ان ترسل عبر انعقاد هذه الجولة رسالة لكل الاطراف والشركاء ان بريطانيا والعالم الحر بأثره يدعم التحول الديمقراطي في السودان وجاهز للوقوف الى جانبه في أحلك الظروف.

جولة استثنائية

خلال اليومين الماضيين, شهدت وزارة الخارجية انعقاد جولة الحوار الاستراتيجي السوداني البريطاني, رأس الجانب السوداني وزيرة الخارجية  الدكتورة مريم الصادق المهدي, فيما رأس الجانب البريطاني وزيرة الدولة بالخارجية البريطانية للشؤون الأفريقية فيكي فورد في الجلسة الافتتاحية, نبهت للعلاقات التاريخية العريقة التي تربط البلدين والتي تشكل رصيداً إيجابياً يحفز على الانطلاق بالحوار الاستراتيجي نحو الأهداف الواعدة التي يصبو لها البلدان, وامتدحت مساعي بريطانيا لدعم الانتقال الديمقراطي في البلاد.

فيكي والشراكة المتينة

الانجازات التي حققتها الحكومة الانتقالية في فترة وجيزة, رغم تحديات و متاريس الانتقال كانت محل اعجاب من قبل الوزيرة البريطانية فيكي فورد ونبهت في جلسة الحوار الى ان حكومة بلادها تعول على الحوار الاستراتيجي فى وضع الأسس القوية لقيام شراكة متينة مع السودان, وشددت على حرص والتزام بلادها بدعم وإنجاح عملية الانتقال الديمقراطي في السودان في شتى المجالات والمتمثلة في تمكين المرأة, الإصلاح القانوني, العلاقة مع المحكمة الجنائية وتحقيق العدالة الانتقالية و الإصلاح الاقتصادي, فضلاً عن دعم اتفاقية جوبا وتعزيز التعاون الثقافي عبر تفعيل دور المجلس البريطاني.

شهود

مصادر مقربة من مسار فعاليات الحوار الاستراتيجي رأت في حديثها (للصيحة) امس ان قيام جلسات الحوار الاستراتيجي بالتزامن مع وصول الازمة بين شركاء الحكم قمتها, ارادت ان تبعث عبره رسالة مفادها ان بريطانيا الداعمة للتحول الديمقراطي شهدت ملابسات الازمة، ولفتت المصادر الى ان الفترة القليلة الماضية, وفي أعقاب كشف المحاولة الانقلابية الفاشلة استقبلت الخرطوم عددا من المبعوثين الدوليين, على رأسهم رئيس البنك الدولي, وفي وقت تترقب فيه الخرطوم وصول المبعوث الأمريكي للسلام جيفري فليتمان, وأكدت أن الزخم والحراك الدولي يصب لصالح الانتقال الديمقراطي في السودان ودعمه سياسياً ودبلوماسياً ومعنوياً.

انتباه عالمي

المعلوم بالضرورة ان كل العالم وقف مسانداً وداعماً للتحول الديمقراطي, وشكلت الخلفيات التي اعقبت كشف المحاولة الانقلابية وظهور تباين المواقف للعلن بين قوى الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم) والمكون العسكري تطورا لافتا يدلل على تفاقم خلافات سياسية واقتصادية وعسكرية بين شريكي الحكم, غير انه ورغم تفاقم الازمة, فقد خصصت الأمم المتحدة اجتماعاً دولياً تحت شعار “دعم الانتقال المدني الديمقراطي بالسودان”. نظمته دولة النرويج وشكلت مخرجاته سنداً ودعماً قوياً للانتقال ولم تخف واشنطن الداعم الأول للانتقال والمتوقع وصول مبعوثها مرة ثانية للخرطوم خلال اقل من ثلاثة اسابيع, تحذيرها بإعادة العقوبات حال رصدها لأي محاولات لعرقلة مسار التحول الديمقراطي.

تأسيس للمسقبل

أستاذ العلاقات الدولية بالجامعات السودانية الدكتور عبد الرحمن أبو خريس يرى ان العلاقات القوية التي تربط رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك ببريطانيا والمنظمات اسهمت الى حد كبير لإيجاد زخم وسند دولي للانتقال, و لفت الى  ان جولة الحوار الاستراتيجي السودانى البريطاني ستكون بالقطع مرتبة منذ فترة , غير ان تزامنها مع احتدام الازمة بين الشركاء لم يحل دون عقدها, و لفت الى ان التوقيت غير مناسب للبحث والتفاوض حول قضايا استراتيجية مع حكومة انتقالية مؤقته ليس لها البعد الاستراتيجي للنظر حولها مهما كانت المخرجات، غير انه  اكد ان الحوار ومخرجاته يمكن ان تشكل قاعدة للتأسيس للحكومة المنتخبة القادمة والاستفادة منها مستقبلاً.

صدفه ولكن

انعقاد جولات الحوار الاستراتيجي بين السودان وعدد من الدول الاوروبية انتظمت منذ فترة, واعتقد ان تزامن الجولة مع احتدام الصراع بين المكونين المدني والعسكري في الحكومة الانتقالية كان مجرد صدفه, هذا ما يراه السفير والخبير الدبلوماسي عبد الرحمن ضرار, بيد انه اشار الى انه رغم تتطابق زمن انعقاد الجولة مع ازمة شركاء الانتقال, الا انه من المؤكد ان الغرب بأثره يدعم التحول الديمقراطي وحكومة حمدوك, و اشار ضرار “للصيحة” ان كل البيانات التى اصدرتها دول الاتحاد الاوروبي اكدت وقوفها مع الحكومة الانتقالية ومساندة الشق المدني, و ذكر بقرار الكونغرس الامريكي الذي شدد على ان اي دعم عسكري تقدمه الولايات المتحدة للحكومة الانتقالية لن يتم إلا بموافقة المكون المدني, وأبان أن المجتمع الدولي يركز كل اهتمامه على التحول الديمقراطي  في السودان بقيادة مدنية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى