احتكار الذهب.. سياسات فاشلة

الخرطوم: سارة إبراهيم

ظلت سياسات بنك السودان المركزي بشأن صادرات الذهب في حالة من الشد والجذب ما بين احتكار شراء الذهب وفكه، وأمس الأول أعلنت الحكومة احتكار شراء الذهب وتصديره، تراجعًا عن قرارها السابق بالسماح لشركات القطاع الخاص بتصدير المعدن الأصفر إلى خارج البلاد وقررت فرض  سيطرتها على صادر الذهب بتولي بنك السودان المركزي شراء الذهب بأسعار البورصة العالمية وتصديره مع التعجيل بإقامة بورصة سودانية للذهب.

سيطرة الحكومة على  الذهب تمثل خطوة إيجابية لمنع التهريب وتعزيز موارد الدولة”.

ويرى خبراء في الشأن أن الخطوة في إطار السعي  لإزالة العقبات التي كانت تواجه صادر الذهب من مصلحة الحكومة والبلاد ككل، وليس من المنطقي أن تستمر الممارسات السابقة التي أضرت بالقطاع كثيراً، لذلك كانت ولا زالت مطالب الإصلاح  في القطاع بالإضافة الى إقرار سياسات رشيدة ومحفزة،  لوقف الفوضى التي كانت تضرب صادر الذهب،  ورغم القيام  بإصلاحات نسبية ومقدرة لكن  ما زال  هناك العديد من المطلوبات.

وقد اتجه السودان منذ انفصال الجنوب في العام 2011م إلى الاعتماد على صادراته من الذهب سعيًا منه لتعويض فاقد نفط الجنوب، وارتقع سقف أهمية الذهب عقب اكتشافه من طرف السكان في عدد من مناطق السودان المتفرقة، وهجرهم الزراعة واتجاههم نحو التعدين التقليدي، الذين حققوا إنتاجاً كبيرًا، ليصبح التحدي أمام الحكومة في الاستفادة من هذا الإنتاج وضمان دخول حصيلته خزينة الدولة، والتي فشلت حتى الآن في السيطرة عليه، وبات يهرب بكميات كبيرة  بسبب سياسات بنك السودان المركزي التي اتسمت بعدم الثبات.

وظلت سياسة بنك السودان في شراء الذهب واحتكاره مصدراً للانتقادات من قبل خبراء اقتصاديات التعدين مؤكدين أنها سياسة غير صحيحة بنص القانون، فالبنك ليس بتاجر، ويرون أن الحل الأنجع لشراء الذهب إنشاء بورصة للمعادن التي تمكن من منح السعر العادل، ويتم التداول عبرها وفقاً للسعر العالمي، فضلاً عن أن التداول في الذهب يكون بالأموال الحقيقية من داخل الاقتصاد وليس من أموال يضخها بنك السودان المركزي، والتي تؤدي للتضخم، بل ذهبت غرفة مصدري الذهب لتحميل المركزي مسؤولية ارتفاع سعر الدولار مؤخراً بسبب سياسته في الشراء.

ويعتبر السودان من الدول الرئيسية المنتجة للذهب في إفريقيا. وحسب مسح جيولوجي أميركي، يعتبر السودان الثالث في القارة بعد جنوب إفريقيا وغانا.

هذه الخطوة تباينت فيها الآراء ما بين الرفض والقبول، ومن جهته قال رئيس الهيئة الاستشارية لمصدري الذهب، عبد المنعم الصديق لـ (الصيحة)، إن حتكار بنك  السودان لصادر الذهب بتولي سياسة أثبتت فشلها وكانت نتائجها كارثية على البلاد، وتساءل لماذا تصر الحكومة الانتقالية  على تجريب المجرب؟ ولمصلحة من يعمل هؤلاء؟ و”هل يعني ذلك إدمان الفشل أم إنه عدم دراية بنتائج التجارب السابقة والتي لو كان فيها نفع لما وصل حال الاقتصاد إلى ما هو عليه الآن”. وقال إن إسناد شراء وتصدير الذهب لبنك السودان المركزي، قرار ستندم عليه الحكومة حين لا يكون هناك وقت للندم، وقال إن احتكار البنك المركزي لصادر الذهب يعتبر بداية السقوط لسياسة التحرير الاقتصادي، وقال: على البنك المركزي أن يعمل على شراء حصائل الصادر  .

وفي سياق متصل، قال أستاذ الاقتصاد بجامعة المغتربين د. محمد الناير، إن احتكار بنك السودان لصادر الذهب مرة أخرى يعني تذبذب  سياسات المركزي، وأضاف: نحن في انتظار صدور المنشور حتى نطلع  على المعلومات بصورة صحيحة، ولكن حسب ما تم إعلانه  يوم أمس، فإن بنك السودان هو من يتولى تصدير الذهب دون غيره، وهذا يعني عدم السماح لأي جهة أخرى بتصديره،  وأبدى تساولاً حول  أن البنك يشتري ويصدر بمفرده  أم يتم الشراء عبر الشركات ويتسلم بنك السودان.

مشيراً إلى إنشاء بورصة للذهب، وهو أمر نادى به الخبراء مراراً وتكراراً بأن تكون بورصة وشركة مساهمة عامة كما هو الحال في كل دول العالم، وأن تعمل تحت مظلة بورصة الذهب، وقال إن القرار الخاص ببنك السودان باحتكاره لتصدير الذهب مع إنشاء بورصة هذا تعارض لأن إنشاء البورصة يتطلب  التداول بحرية عبر شركة مساهمة عامة وشركات وساطة وبيع وشراء الذهب داخل البورصة وتحت أعين الدولة وتحت السلطة الرقابية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى