(خلية الأزمة).. هل تنجح في فك شفرة الخلافات الطاحنة؟

 

الخرطوم: محجوب عثمان

منذ صباح امس كانت أنظار وافئدة الشعب السوداني تتابع بلهفة ما يمكن أن يخرج به اجتماع طارئ دعت الأمانة العامة لمجلس الوزراء لعقده على عجل, وكان الجميع يتابع عن كثب الجلسة الطارئة رقم (3) لمجلس الوزراء التي ترأسها رئيس المجلس الدكتور عبد الله حمدوك وتنبع اهمية الجلسة ومتابعة الشعب لها كونها تحمل جنداً واحداً فقط يتمثل في بحث الأزمة الراهنة بالبلاد.. ويبدو ان الكثيرين أصيبوا بخيبة أمل من مخرجات جلسة مجلس الوزراء كونها قررت في نهاية المطاف تكوين خلية لإدارة الازمة دون ان تكون هناك قرارات حاسمة تفتح الطرق في وسط الخرطوم وتفض اعتصام القصر الجمهوري الذي يبدو أن معتصميه ايضًا كانوا يتابعون عن كثب ما يدور في مجلس الوزراء, فرغم ان الشرطة منعت المعتصمين من محاولة احتلال مجلس الوزراء لمنع قيام الجلسة, الا انهم تحسروا على مخرجات الاجتماع حسبما اشاروا لـ(الصيحة) وانعكس ذلك على اغلاقهم شارع الجمهورية ومنع الحركة فيه ليزيدوا من خنق الحركة بوسط الخرطوم.

بيان وحرص

اعلام مجلس الوزراء خرج ببيان صحفي عقب الجلسة, اوضح فيه ان المجلس استعرض الوضع الراهن بالبلاد ووتيرة الأحداث المُتسارعة خلال العامين الماضيين من عمر الفترة الانتقالية من خلال نقاش بنّاء وصريح وشفّاف, وأكّد مجلس الوزراء حرصه التام على معالجة هذه الأزمة السياسية الراهنة من منطلق مسؤوليته الوطنية والتاريخية، وشدّد مجلس الوزراء على أهمية أن تنأى جميع الأطراف عن التصعيد والتصعيد المُضاد، وأن يُعلي الجميع المصلحة العُليا لمواطني الشعب السوداني والسودان.

أزمة الشرق

وفي إطار بحثه عن مسببات الأزمة, بحث مجلس الوزراء أيضاً قضية شرق السودان, وشدد على اهمية الجهود المبذولة لمعالجة قضية شرق السودان، وسعيه الحثيث والتزامه بإيجاد حلول عادلة تحفظ مصالح المواطنين بشرق البلاد، واطلع المجلس على الاتصالات الجارية مع قيادات الاحتجاجات يترأسهم السيد الناظر محمد الأمين تِرِك، ووجّه المجلس بضرورة استمرار تلك الجهود بما يؤدي لحل الأوضاع الحالية بشرق البلاد، بما يصنع المناخ الإيجابي والمناسب للتوصل الى حلول دائمة ورفع جميع أنواع التهميش عن مواطني شرق البلاد، وعلى رأسه التهميش التنموي الاقتصادي.

خلية أزمة

واشار البيان الى ان مجلس الوزراء أمّن على أهمية الحوار بين جميع أطراف الأزمة الحالية، سواء بين مكونات الحرية والتغيير، أو بين مكونات الحرية والتغيير والمكون العسكري بمجلس السيادة الانتقالي، ولذلك الهدف فقد تقرّر تشكيل “خلية أزمة” مُشتركة من جميع الأطراف لمُعالجة الأوضاع الحالية، والالتزام بالتوافُق العَاجِل على حلول عملية تستهدف تحصين وحماية واستقرار ونجاح التحوُّل المدني الديمقراطي، والمُحافظة على المُكتسبات التاريخية لنضالات شعبنا في تعميق قيم الحرية والسلام والعدالة.

رؤية حمدوك

أكّد رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك, ضرورة النظر للمستقبل عِوضاً عن الغرق في تفاصيل الماضي, وكشف عن نتائج لقاءاته المستمرة خلال الأيام الماضية مع الأطراف السياسية للأزمة، مؤكداً الاتفاق على استمرار الحوار بين الجميع برغم كل الاختلافات من واقع المسؤولية تجاه مصير الوطن، ولفت إلى أنّ توقُّف الحوار خلال الفترة الماضية بين مكونات الشراكة هو أمرٌ يُشكِّل خُطُورة على مستقبل البلاد، ولذلك يجب أن يتغيّر، وأن يتم التوافق على حلول للقضايا الآنية وبقية مطلوبات الانتقال الديمقراطي، وقال “التاريخ سيحكم علينا بنجاحنا في الوصول ببلادنا وشعبنا للاستقرار والديمقراطية، مُجدِّداً التأكيد على أهمية مُخاطبة جوهر القضايا والابتعاد عن شخصنة الأمور”.

شخصان من كل مكون

ويبدو أن رئيس مجلس الوزراء دعا للجلسة الطارئة لاطلاع طاقمه الوزاري على الخطوات التي يقوم بها لحل الأزمة الحالية وليستفيد من وجهات نظرهم حول القضية, خاصةً وأن بعض الوزراء ينتمون لقوى الميثاق التي ترعى اعتصام القصر.

وبحسب مصدر مطلع من داخل مجلس الوزراء, فإن حمدوك في حديثه أشار لتكوين خلية الأزمة التي تتكوّن من شخصين من كل فريق من قوى الحرية والتغيير, بجانب شخصين من المكون العسكري, مبينا ان حمدوك لم يسم شخصاً بعينه, ولفت الى ان النقاش كان شفافاً حول الأزمة.

نقاش جانبي

واعتبر المصدر في حديثه لـ(الصيحة) ان القضية برمتها ما كان لها ان تناقش في مجلس الوزراء وكان الأولى بها ان تناقش في مجلس الشركاء كون أن بدايتها تتعلق بخلاف حول اتفاقية جوبا, كما انها قضية سياسية كان الأولى أن يفرد لها منبر سياسي لإدارة حوار حولها، لكنه اشار إلى ان الاجتماع وفّر بيئة جيدة لمناقشة الأزمة, خاصة وان الاجتماع ضم والي الخرطوم أيمن نمر ووزير الداخلية اللذين ناقشا عدداً من القضايا مع وزير المالية جبريل إبراهيم, على هامش الاجتماع وربما أفضت نقاشاتهما لتفاهمات حول الوضع الأمني الذي خلّفه اعتصام القصر الذي تقوده قوى الميثاق الوطني التي يتزعمها د. جبريل مقروناً مع المسيرة التي تعتزم قوى الحرية والتغيير تسييرها يوم الخميس المقبل 21 أكتوبر, ما يمكن ان يخلق صدامات طاحنة وسط الجماهير.

غير متوقع

وإذا كان كثيرون يرون أن مجرد عقد مجلس الوزراء جلسة طارئة لمناقشة الأزمة السياسية وانسداد الأفق بين مكونات الحكومة التي وصلت لدرجة تعطيل أعمال مجلس السيادة, فتح ربما باباً  يؤدي لحل القضية إلا أن مراقبين يرون أن “مخاض جبل مجلس الوزراء ولد فأراً” من واقع ان ما نتج عن الاجتماع الطارئ بتكوين خلية ازمة لم يكن قدر المأمول من اجتماع رُوِّج له بصورة كبيرة, لكن الواقع يُؤكِّد أن رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك يتحرّك الآن في كل الاتجاهات, ويعقد اجتماعات يومية مع المكون العسكري ومع قوى الحرية والتغيير وقوى الميثاق الوطني, ويؤكدون أن حنكة رئيس الوزراء ستجد الطريق للخروج الآمن من هذا المأزق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى