كشفه إبراهيم الأمين.. تعديل الوثيقة الدستورية هل يلغي مفعولها؟؟

 

تقرير: محجوب عثمان

في السابع عشر من شهر أغسطس من العام 2019م تم التوقيع على الوثيقة الدستورية التي ستتم عبرها ادارة الفترة الانتقالية، وكان توقيع الوثيقة قد نتج بعد مخاض عسير, سيما وان التفاوض حولها كان يتم على خلفية فض اعتصام القيادة العامة لدرجة ان الاتحاد الأفريقي فرغ محمد الحسن ولد لبات مندوباً عنه لتلافي ما لا يحمد عقباه, وبدوره نجح في العبور من أمواج الاحتقان الى شواطئ أكثر هدوءاً مهرت في النهاية بتوقيع الوثيقة, غير ان اللافت ان الوثيقة وقبل ان يتم نشرها في الجريدة الرسمية كانت قد أُخضعت لتعديلات بعد أن اكتشف أن التفاوض أغفلها وعلى رأسها كيفية تعيين رئيس القضاء الأمر الذي اثار جدلاً حينها.. ومن ثم تم تعديل آخر على الوثيقة الدستورية في اكتوبر من العام 2020م لاستيعاب اتفاق جوبا والذي تم بموجبه عدد من التعديلات في عدد من المواد, بيد ان الاهم كان اضافة مادتين جديدتين, فالوثيقة التي كانت تنتهي موادها عن الرقم 78 اضيفت لها المادتان 79 و80 ليتغيّر اسمها تبعاً لذلك بأن تصبح الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية تعديل 2020.

نص

التعديل الذي مهره توقيع رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان, شاهد على ان مجلسي السيادة والوزراء قد أجازا في 18 اكتوبر 2020م تعديلاً اختص بمواءمة الوثيقة مع اتفاق جوبا للسلام, لذا فقد جاءت المادة الاضافية الأولى فيها والتي حملت الرقم 79 والتي نصت على أن اتفاق سلام جوبا الموقع بين الجبهة الثورية والحكومة يُعتبر جزءاً لا يتجزّأ من الوثيقة الدستورية وفي حال التعارض بين الوثيقة والاتفاق يُزال التعارض بينهما بما يتوافق مع نصوص اتفاقية جوبا للسلام, كما نصت المادة المضافة بالرقم 80 على أن ينشأ مجلس يسمى مجلس شركاء الفترة الانتقالية تمثل فيه اطراف الاتفاق السياسي بالوثيقة الدستورية ورئيس الوزراء وأطراف العملية السلمية المُوقّعة على اتفاق جوبا للسلام يختص بحل التباينات في وجهات النظر بين الأطراف المختلفة وخدمة المصالح العليا للسودان وضمان نجاح الفترة الانتقالية ويكون لمجلس شركاء الفترة الانتقالية الحق في إصدار اللوائح التي تنظم أعماله.

مُلابسات

أمس الاول, خرج نائب رئيس حزب الامة الدكتور ابراهيم الأمين, واكد انه شهد بنفسه ان ثلاثة فقط من اعضاء مجلس السيادة ادخلوا تعديلات على الوثيقة الدستورية, وعلى الرغم من انه لم يكشف عن اسماء الأشخاص أو التعديلات التي تم إدخالها او فترة إدخال التعديلات التي يقصدها على الوثيقة الدستورية, إلا أنه ألمح إلى أنها تلك المتعلقة باتفاقية جوبا, عندما قال إن فتح الوثيقة الدستورية لاستيعاب سلام جوبا كان جريمة اربكت الحركة السياسية, ومضى اكثر من ذلك, مُشيراً لإدخال تعديلات في مرحلة متقدمة من عُمر الوثيقة الدستورية يمكن أن تجعل الوثيقة باطلة, بل وطالب بفتح تحقيق حول هذه التداعيات, مبدياً استعداده الكامل للإدلاء بشهادته حول ما تم.

جريمة

ويبدو ان حديث إبراهيم الأمين قد فتح باباً واسعاً للجدل من واقع أن ما قاله أمرٌ يهم قطاعات واسعة من الشعب السوداني, على اعتبار ان الوثيقة الدستورية خرجت بعد صراعات طويلة ونتيجة عمل مضنْ لتقنن لوضع الشراكة بين المكونين العسكري والمدني في ادارة الفترة الانتقالية, بيد ان مراقبين تداولوا الامر بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي, اعتبروا ان ما كشف عنه ابراهيم الامين تأخّر كثيرا, وتساءلوا عن الاسباب التي منعته من الحديث طوال الفترة الماضية وعن الاسباب التي دفعته الآن للحديث عن تلك الخروقات, وقالوا ان ما ذكره يمكن ان يصنف كجريمة مُكتملة الأركان من واقع ان ثلاثة اشخاص هو رابعهم قد استطاعوا ان يصادروا إرادة الشعب السوداني, وان يدخلوا بنوداً في الوثيقة الدستوية لا يعرف حتى الآن لمصلحة مَن أُدخلت التعديلات في الوثيقة الدستورية.

اشتراكٌ

وربما  مضت الآراء السياسية في ذات الاطار, اذ اعتبر القيادي بحزب البعث السوداني القيادي بالحرية والتغيير محمد وداعة ان ما حدث يعد امراً خطيراً بالفعل, غير انه اشار في حديث لـ(الصيحة) الى ان القيادي بحزب الأمة القومي والقيادي في الحرية والتغيير إبراهيم الأمين شَريكٌ في ما تم كونه لم يفصح عنه, وتساءل عن دواعي الكشف عن ملابسات تعديل الوثيقة في الوقت الحالي, وطالب إبراهيم الأمين بأن يكون أكثر شفافية, وان يعمل على كشف جميع ملابسات ما تم بإيراد أسماء مَن قاموا بالتعديلات وتوضيح التعديلات التي تمت, وقال على “ابراهيم الأمين ان لا ينتظر فتح تحقيق في هذا الامر فهو سياسي كبير وله وزنه, كما انه يمكن ان يقوم هو بفتح التحقيق ولا ينتظر الآخرين, فقط عليه ان يوضح بكل شفافية ما حدث حينها”, ولفت الى ان ابراهيم الامين شَرِيكٌ في ما حدث, وقال “هو نفسه يتحمّل المسؤولية في عدم كشف هذه المعلومات وإخفاء مثل هذه الشهادة وان يكون كاتم شهادة”, وأضاف “ماذا حدث ليتحدث إبراهيم الامين الآن”..؟

مُحاسبة

ورغم ان هناك من يرى ان ابراهيم الامين برّأ نفسه من تزوير الوثيقة الدستورية, الا ان القيادي بحركة الاصلاح الآن مبارك الكودة يرى ان ما تم جريمة نكراء يجب ان يُحاسب عليها الثلاثة الذين ادخلوا التعديلات بالاضافة لإبراهيم الامين, وقال “ما تم من تزوير في الوثيقة الدستورية لم يكن بواسطة 3 من مجلس السيادة, بل من 4 لان إبراهيم الامين الذي شهد ذلك وسكت عليه شَريكٌ فيه”, داعياً لأن تتم محاكمة إبراهيم الأمين, وأن يُحاسب هو ومَن أدخلوا تلك التعديلات, وأضاف لـ(الصيحة) “فإن كانت الوثيقة الدستورية تزور بهذا المستوى ويُدار بها الوطن, فيجب ان تمزق ويضرب بها عرض الحائط”, مبيناً أن الدستور هو الذي تقوم عليه كل القوانين والنظم, معتبراً ان الحديث عن تزويرها في ظل صمت الجهات التي تدير الفترة الانتقالية يعني أنها أصبحت باطلةً.!

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى