الأسعار ومُستوى الأجور.. العجز عن توفير متطلبات المعيشة

 

الخرطوم: جمعة عبد الله

يوماً بعد آخر تتضاعف معاناة المواطنين من محدودي الدخل والشرائح الضعيفة بسبب عجزهم عن توفير متطلبات المعيشة، بسبب الزيادات المُستمرّة في الأسعار، مُقابل تناقص القيمة الاسمية للرواتب والأجور، فيما تقول مؤشرات غير رسمية إن مستوى الأجور في السودان لا يزيد عن كفاية 20% من الاحتياجات المعيشية الأساسية دون حساب الكماليات.

التزامات متعددة

ويقول مواطنون إن هذه المتطلبات باتت أثقل من أن يحملها كاهلهم المثقل أصلاً بالتزامات متعددة تشمل السكن والغذاء والمواصلات والتعليم والعلاج، كمتطلبات أساسية، فيما استغنى الكثيرون عن الكماليات لأن الحصول عليها أصبح “بعيد المنال”، وتضاعفت المسؤولية أمام المواطنين بعد تخلي الدولة عن كفالة حق التعليم والعلاج وقصور مُساهمتها فيهما، كما تأثر المواطنون سلباً بتحول بعض الخدمات لشركات تتحصل أموالاً نظير تقديم خدمات ورفع أسعارها مثل المياه والكهرباء.

ظروف ضاغطة

وأثّرت الظروف الاقتصادية المُتردية التي تمر بها البلاد منذ سنوات، على قُدرة المُواطنين على تلبية احتياجاتهم الحياتية وتوفير المتطلبات خاصة في مواسم الأعياد والمناسبات، وزاد الأمر سوءاً تراجع قيمة العُملة الوطنية وتصاعد التضخم واستمرار أزمة السيولة في بلد تصنف نسبة عالية من مواطنيه بأنهم تحت خط الفقر, حيث تعتبر معدلات الفقر في السودان عالية.

معاناة مستمرة

ويعاني آلاف العمال وصغار الموظفين من ذات هذه المشكلة, حيث لا يكفي راتبهم المتدني لمقابلة غلاء الأسعار المتصاعد يومياً مع ثبات الأجر الذي هو أصلاً لا يتناسب مع متطلبات المعيشة، كما تتقاصر الجهود الحكومية عن تخفيف أعباء المعيشة عن هذه الشرائح, على الرغم من إقرار الموازنة الحالية رفع الدعم الاجتماعي إلى ألف جنيه لمليون أسرة فقيرة، وهو لا يمكن تلمسه بوضوح حيث يشكك كثير من المختصين في تنفيذ الحكومة للدعم الاجتماعي بحسب ما جاء في موازنة 2019م، كما أن كثيراً من المواطنين يقولون إنهم يسمعون فقط بالدعم الاجتماعي ولم يصلهم.

واقع صعب

ويصف يوسف الماحي وهو موظف بإحدى الشركات الخاصة، الواقع بأنه بات “أصعب مما كان”، وقال إن ما يوفره الراتب لا يتجاوز 20% من الحاجة الفعلية، موضحاً أن سد هذا العجز يكون بالتنازل عن العديد من المتطلبات إجبارياً والاكتفاء بالمستلزمات الغذائية فقط، وتوفير بعض متطلبات المدارس على دفعات، موضحاً أن الغذاء يتصدر ترتيب الأولويات حيث لا مجال لمحدودي الدخل والموظفين للتفكير في اقتناء كماليات لا تسعفهم إمكاناتهم لشرائها.

وتباينت أسعار السلع الاستهلاكية، مع ارتفاع بعضها بسبب المخاوف من نفاد مخزونات السلع الأساسية وإغلاق الموانئ وتوقف تدفق الواردات، وهو ا انعكس سلباً, فعلى سبيل المثال ارتفع جوال السكر الكبير إلى “20” الف جنيه، كما ارتفعت أسعار الزيوت والنشويات والمواد الغذائية والحبوب بنسب متفاوتة، وشهدت أسعار الخضروات استقراراً على أسعار مرتفعة فيما زادت أسعار بعضها.

واجب الحكومة

وحذرت خبيرة الاقتصاد، د. إيناس إبراهيم من خطورة تجاهل الوضع الاقتصادي الحالي، وقالت لـ”الصيحة”، إن الحكومة مطالبة أكثر من أي وقت مضى بإجراء إصلاحات اقتصادية وسياسية حقيقية تشكل أرضية لإصلاح الوضع المعيشي للمواطن وتجنب انفلات الأوضاع في حال استمرار الأزمة هكذا دون حلول جذرية، وقالت إن البيئة الاقتصادية الحالية لا تساعد على تحقيق أدنى طموحات المواطنين، ودعت لأن تشمل الإصلاحات المقترحة، التركيز على المشروعات الإنتاجية خاصة الزراعة وما يتصل بها من الصناعات التحويلية ورفع حجم الصادرات وتذليل العقبات الحكومية أمام المنتجين، والتي قالت إنها تتمثل في تَعَدُّد الرسوم والجبايات لحد أخرج الكثيرين من دائرة الإنتاج لصعوبة العمل في ظل أوضاع غير مُحفِّزة على الإنتاج وكثيرًا ما يتكبدون الخسائر.

وتتمثل إحدى أهم مشكلات البلاد في التزايد السنوي لمعدل الاستهلاك مع تناقص الإنتاج أو بقائه على معدل ثابت لعدة سنوات، وهو ما يتجلى بالفعل في قطاع المشتقات النفطية، حيث أثر نقص الوقود المنتج في مصافي التكرير في مشكلات، أما مشكلة نقص الأوراق المالية فكانت عرضاً لمشكلات أخرى مثل ارتفاع الطلب على العملات الأجنبية وتراجع قيمة العملة الوطنية بسبب المضاربات فسعى البنك المركزي لمعالجتها عبر التحكم في ما تَوَفّرَ من “كاش” بالبنوك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى