د.يوسف الخضر أحمد يكتب : التغيير

فالنبدأ من هنا من هذا الشعب السوداني المتواضع المتدين المتمسك بغيرته على وطنه شعب الثورات والإنتفاضات التي لا يمكن حصرها بالرغم من كل هذا فإن الغيرة للوطن لدى هذا الشعب وحب الوطنية تنعدم في مسيرته منذ إستقلاله وحتى اليوم، السودان دولة تتمتع بثروة هائلة وإمكانيات غير محدودة إلا أن شعبه يجهل حقيقة ذلك وينساق وراء القبلية والطائفية والحزبية، شعب يبحث عن نقطة الإبتداء بلا هدى ولا دراية ولا علم تاه في ظل ساحة سياسية تتميز بعدم التوافق والإختلافات والإنشقاقات بين القوى السياسية السودانية التي تتميز بالفشل ولم تستطيع بناء وطن متقدم ينعم بالإستقرار والسلام خلاصة كل تلك التجارب السياسية للدولة السودانية نتاجها مراحل إنتقالية وحكومات كفاءات وطنية وحكومات عسكرية تعاقبت على حكم السودان شيمتها الكذب والنفاق السياسي والفشل والإدعاء بأنها ورثت واقعاً إقتصادياً سيئاً وأوضاع معيشية مرهقة وإرتفاع في معدلات البطالة والفقر والجوع هكذا البدايات لكل حكومة من هذه الحكومات التي تنطلق بلا دراسات ولا بحوث ولا حلول لمشاكل الإقتصاد السوداني بل جل عملها عقد منابر نقاشية دون رؤية وتبني سياسات إقتصادية مستعجلة وفاشلة مع إهمال إشراك أهل الخبرات والكفاءات من أهل الإقتصاد وعلمائها، بل تترك الأمر لذوي الكفاءات الإقتصادية الضعيفة فاقدي الخبرات للنظر والقرار في تبني خطط إقتصادية بلا منهج ولا علم في التخطيط الإستراتيجي من خلال تكامل كل المؤسسات الإقتصادية وتشخيص واقع الإقتصاد السوداني وأزماته لذا تأتي كل قراراتهم برهن أمر الإقتصاد السوداني للخارج معتمدين على الدعم الخارجي بديلاً من الإستفادة من الموارد السودانية التي تشكل (75%) من إقتصاد الدولة السودانية الذي يذخر بالموارد الزراعية والثروة الحيوانية والمعدنية بل أن كل شبر من أرضه ملئ بثروات كبيرة تمثل أساس البناء الإقتصادي. لو نظرنا إلى الوراء يصيبنا الحيرة والدهشة والإستغراب التي تظل دون إجابات مقنعة لماذا لم يتقدم الدولة السودانية؟ وإذا تجاوزنا كل ذلك فالإجابات المقنعة هي الحكم من أجل التمكين والحزب والمصالح الشخصية، حكومات تخلق الأزمات السياسية والإحتراب القبلي والعنصرية والطائفية والتمكين بإسم الدين ووضع الجهلاء وفاقدي التعليم في وظائف قيادية عليا كيف يتثنى لها أن تخلق دولة ذات إقتصاد معافى وشعب ينعم بالرفاهية والسلام والإستقرار وحب الوطن، مصيبتنا أننا شعب مسامح وكريم في حق وطننا نساند الدكتاتورية ونعمل على هدم الديمقراطية ثوراتنا وإنتفاضاتنا تسرق بعد أن يمهر بدم شبابنا وبعضنا يتعاون مع الأجانب من أجل الوصول إلى الحكم وهدم عزة السودان وشعبه ورغم ذلك نسامح ونستكين للطغاة نتآمر على بعضنا من أجل هدم وطننا وننسى أن الحياة الكريمة لأي شعب لا تقبل القيود ولا الإرهاب وسقوط العزة الذي يغلي في دم الأحرار وتخلف الوطن والصبر على الحاكم الفاشل، كل ذلك يحدث والشعب السوداني ساكن بلا حراك لذا فالسودان واقعياً يحتاج إلى تغيير شامل وجذري يحتاج أن يكون وطن بلا حركات متمردة ولا حكومات عسكرية ولا قبائل مسلحة تفرض نفسها على الحكم ولا مسارات تقسم من خلالها السلطة والثورة ولا حواكير للقبائل. هذا لا يحدث في دولة ذات سيادة وشعب ذات إرادة فالشعب السوداني مطالب بخلق وطن يتساوى فيه الجميع في الحقوق والواجبات وطن متحد غير متعدد الحكام والقرارات وطن يملك جيش وطني موحد يدافع عنه وطن يتمتع بالحرية والديمقراطية يعتمد على العقل والفكر والإقناع يسخر كل إمكانياته وموارده من أجل رفاهية شعبه محافظاً على أرضه وعرضه من التدخل الخارجي والأجندة الأجنبية التي تمزق وطنه، لابد أن يعترف الشعب السوداني بأن كل ما يحدث في السودان من دمار وخراب هو شريك أصلي فيه لأنه ظل صامتاً طيلة هذه الفترة رغم أنه قدم الآلاف من الشهداء منذ الإستقلال وحتى اليوم. الشعب هو صانع الديمقراطية وقاهر الحكومات الفاشلة وإذا أراد الشعب السوداني الحياة الكريمة والدولة القوية عسكرياً وإقتصادياً وسياسياً وإجتماعياً لابد من هدم كل أفكار الماضي من أحزاب وقبلية وطائفية ونخب وبناء قاعدة سودانية شرعية جديدة أساسها الشباب الثائر المستقل عن الأحزاب والطائفية والقبلية والعنصرية وهدم حلم الأسياد والقبليات والطائفية. ما يحدث الآن في السودان وخاصةً في الساحة السياسية يعني المزيد من الهدم السياسي والإقتصادي والأمني للسودان رغم التفاؤل في الثورة إلا أن الأوضاع السيئة أصبحت تسير نحو الأفضل ولكن لا يعني ذلك بقاء الحال هكذا في هذه الدائرة الحائرة التي لا تستقر محيطها إلا بالتغيير الشامل وخلق سودان جديد معافى مع أمراض الماضي معتمداً على الشباب المخلص لوطنه المتحرر من كل الأفكار السياسية والحزبية والدينية التي أعاقت تقدم السودان وهذا لا يحدث واقعياً إلا بهدم الماضي عبر صياغة جديدة ومنهج جديد يهدم كل الأفكار السياسية والإجتماعية والدينية التي ورثها الشعب السوداني منذ الإستقلال حتى اليوم سودان جديد بل شيوخ ولا أسياد ولا مليشيات ولا طوائف تتخذ من الدين مطية للحكم ولا أرض يتحكم فيه أحد ولا إنتماءاً سياسياً أعمى يدفع ثمنه هذا الشعب الفقير الضائع الذي أصبح حائراً في بلده ولسان حاله.
أهدي الحيــاة كريمة لا قيد
لا إرهاب لا إستخفاف بالإنسان
وإذا سقطــت أحمل عزتـي
يغلي دم الأحرار في شريانـي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى