محمد علي التوم يكتب : حينما تصير المدرسة (مدرشة)!!

اذا ما تحولت المدرسة الى (مدرشة)، فإن التلميذ يدخلها  لـ(يُدرش) – بضم الياء – أو يندرش.

الدرس الاول للتلميذ قد يكون في اللغة العربية وهي لغة الحروف والنقط والتي جاءت منها المقولة: (يضع النقط فوق الحروف) والذي به قد تتحول المدرسة (مثلاً) لـ(مدرشة) والأخيرة ذات معنى آخر قد يقصد به السخرية التي تتحول من مدرسة لمدرشة بثلاثة احروف!!

لكن هذه المدرسة قد تكون بالنسبة لولي الأمر مدرشة!!

الدرشة الأولى التي يتلقّاها ولي أمر التلميذ هي: رسوم التسجيل، رسوم المساهمة، الترحيل، الأدوات التعليمية، الزي المدرسي، حق الفطور وحق التحلية.

تلك هي الدرشة الأولى لولي الأمر في بداية العام الدراشي.

ثم من بعد ذلك تأتي لولي الأمر الدرشة تلو الدرشة، كما يقول المثل الدارجي.. فتكون هنالك أثناء العام الدراسي درشات ودرشات تثقل كاهل جيبه المازوم مثل: حصص التقوية والتركيز والدروس الخصوصية والمذكرات والشيتات والمعسكر… وكل ما يتحمّله ولي الأمر حتى يدخل ابنه غرفة الامتحان.

إذن فولي الأمر يكون بذلك قد أدخل ابنه المدرسة وأدخل نفسه المدرشة، ورأسماله ثلاث نقاط!!

ودرش بفتح الدال والراء كلمة دارجة أصلها الفصيح هو (جرش) اي طحن وكلمة الدريش دارجية نقول في المثل: (طار طيرة أبريش من الدريش).

تخيل كيف يكون الحال لو كان لولي الأمر المدروش عدة أبناء وبنات في المدارش!!! المسكين ستكثر درشاته، وقد يصاب جراء ذلك بخدوش في الركب والكيعان من كثرة الاندراش وراء المدارش.

شكراً للغة العربية فإنها تحكي عن الحال بوضع النقط على الحروف، فإذا ما رأت أن شيئاً قد غيّر حقيقته فإن اللغة قد تصحح ذلك.

ومن عجائب اللغة العربية أيضاً ولدقتها انها تحكي عن معان طريفة اذا ما تغيّرت نقاطها بين الحروف. فهل من لغة عبقرية تتمتع بمثل تلك النعمة؟ يكفيها فخراً أنها لغة القرآن الكريم.

من عجائب العربية أن كلمة درس – بفتح الدال والراء – تحمل أيضاً معنى (داس) يقال طريق مدروس اي الذي مشى عليه الناس كثيراً.

المدروس في اللغة تعني أيضاً (المجنون).

في معنى مدروس الذي تعني: مجنون، فإن شأن التعليم إذا ما تنامى بهذا الغلاء الخرافي سيقود كل دارس لا يقوى عليه فيصير: (مدروساً)!!

كلمة اندرس تعني أيضاً (انمحى).. عمال الدريسة هم القائمون بإصلاح الطرق الحديدية.

مهما يكن من معاني درس ودرش، فالواقع يفرض ان تتلطف المدارس بولاة الأمور حتى لا تنقلب لمدارش فيطير منها معظم التلاميذ طيرة أبريش من الدريش.

والتحية لكل المُدرِّسين… وكان الله في عون (المدروسين).

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى