دعوة سلفا للإمام.. الاستنصار بالمهدي

 

تقرير: عبد الله عبد الرحيم

تلقّى رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي، دعوة من رئيس جمهورية جنوب السودان سلفاكير ميارديت لزيارة الجنوب. وأوضح مكتب الإمام الصادق أن الإمام قَبِل الدعوة وشكر سلفا على ذلك، على أن تُحدّد الزيارة بالتنسيق بين الطرفين.

وتحمل الدعوة التي تم تقديمها للإمام الصادق المهدي لزيارة جوبا أكثر من وجه، لجهة مثلاً لعبور مطبات التفاوض والاستفادة من خبرات الإمام الصادق المهدي كزعيم سياسي ورئيس لأكبر طائفة تاريخية في السودان لإنجاح منبر جوبا. ويرى البعض أن “كرت العلمانية” الذي ظلّت الحركة الشعبية شمال تُمارس به الضغط على الحكومة ظل “محلك سر”، وتجد جوبا بالتالي أنها في حاجة لخبرات الإمام الصادق المهدي لتجاوز عقبته، بعد أن وافق الاتحادي الديمقراطي الغريم التاريخي لحزب الأمة، وهو أحد الأحزاب الطائفية، على التوقيع مع الحلو اتفاقاً لا يبتعد كثيراً عن اتفاق الميرغني قرنق المُجهَض إبان الديمقراطية. وبالتالي تفتح دعوة سلفاكير للمهدي لزيارة جوبا الباب أمام الكثير من التفاسير السياسية والتي ربما تتعلق بشكل قاطع في محورها الأعم بما يدور في منبر جوبا، وما يتعلق بمسارات السلام.. فهل تعتبر الدعوة استنصاراً بالمهدي لإنجاح جولات التفاوض؟.

دعوة طبيعية

ووصف نائب رئيس حزب الأمة اللواء (م) فضل الله برمة ناصر في تصريحات لـ(الصيحة)، بأن مثل هذه الدعوات بين الأشقاء بالأمر الطبيعي، وقال: بلادنا أساسها واحد، وشئنا أم أبينا نمثل شعباً له علاقات تاريخية وجذور عرقية ومصالح مشتركة. وأكد أن العملية من حيث المبدأ عملية عادية وظاهرة صحية، خاصة وأنها جاءت بعد انفصال الجنوب، والتي أعقبتها الوساطة الشمالية لحل مشاكل الجنوب، وفي هذا الظرف الذي يستضيف فيه منبر جوبا لحل مشاكل الشمال. وقال إن الإمام بدون شك له مكانته، وهو كبير العائلة للشمال والجنوب، وأن كلمته المعهودة تمس المصلحة العامة دوماً لكلا البلدين. وأكد أن الدعوة فيها نوع من التقدير للإمام ونوع من الفهم السليم للعلاقة بين البلدين وقبولها سيخدم أغراضاً كثيرة جداً. وأشار إلى أن الأمام دائماً يتكلم بضرورة شكر إخواننا الجنوبيين ودورهم في إحلال السلام بالبلاد، ووصف اهتمام سلفاكير بنفسه بدعوة المهدي لفتة بارعة واستمرار لأواصر العلاقات بين البلدين والشعبين، وتؤكد العلاقات الراسخة بين البلدين، وتطرق قضايا نحن في أمس الحاجة لنفصح عنها. وقدم شكره للجنوب حكومة وشعباً لدورهم الجم في وضع حد للمشاكل السياسية السودانية، وقال إن الزيارة تفتح أبواباً كثيرة وسيلعب الإمام دوراً مهماً في رتق النسيج الاجتماعي وتحقيق السلام بين الإخوة الجنوبيين.

تقريب للوجهات

وطالب برمة ناصر، بضرورة الاستفادة من هذه الأجواء الإيجابية التي يعيشها الشعبان الجنوبي والسوداني، حكومات وشعوباً وتسخيرها للسلام المستدام في كل الأقليم. وأكد أن لحزب الأمة دوراً مهماً في حل تعقيدات المرحلة، ولعب دوراً كبيراً في منبر جوبا في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء، وقال إن البلاد تعيش لحظات صعبة وقاسية تقتضي تضافر الجهود جمعيها، بما فيها الحركات المسلحة والحركة الشعبية شمال ووفد الحكومة، وقال إن الزيارات السابقة للقوى السياسية يجب أن تلعب كلها الدور الوطني المهم في الوقت الذي وصفا فيه بالتحركات الصحية والإيجابية، وطالب الحلو ومجموعته بعدم وضع الصعاب أمام طاولة الحلول المقدمة من القوى السياسية، وأكد ضرورة توحيد الصفوف والكلمة ولم الشمل، مشيراً إلى أن قضية العلمانية وتقرير المصير مسألتان يقرهما الشعب السوداني، ويقول فيهما كلمته، مؤكداً أنها يجب ألا تكون عقبة أمام فرص تحقيق السلام.

ولم يستبعد برمة أن يلقي الإمام برؤيته مطالباً بعدم خلط الأوراق، وقال إن الشعب السوداني عانى معاناة كبيرة، وإن مؤسساته تجمدت بفعل هذه التعقيدات التي ظلت القوى المسلحة تزيدها بدعواتها المتكررة وعقدها الأمر في تحديد مستقبل البلاد.

وقال إن حزب الأمة أكثر الفئات السياسية ارتباطاً بالجنوب، وإن جل قواعده من ذك البلد، خاصة في الشريط الحدودي الذي يربط البلدين. وقال: العلاقة الطيبة بين الشمال والجنوب ترتبط بتلك الصورة الجميلة التي خلقها الحزب في تاريخه الطويل مع الإخوة في دولة الجنوب من قبل، مطالباً بعدم تعكير الأجواء بأشياء تجاوزها الزمن، وقال إن الشعب السوداني الآن يعاني، ويجب ان يُزال الظلم بمساواة الناس في الحقوق والواجبات على أساس المواطنة وعدم خلق المشاكل بأجندات لا تفيد الأمة بشيء. وقال إن أي حديث يشير لغير هذه الحقائق إنما هو مزايدات.

مقبول سياسياً

فيما يشير الأكاديمي والمحلل السياسي د. مصعب مصطفى عمر، لأهمية الدعوة، وقال: يجب أن تسمع الأطراف لكل الأطروحات الوطنية، ولكل السياسيين السودانيين، مشيراً إلى أن الصادق المهدي رجل صقلته التجربة ومكّنته من امتلاك ذخيرة من المعرفة والوعي السياسي والاجتماعي، وهذا بدوره يجعله رجلاً مقبولاً ووسطياً في تقديم الحلول لكل المعوقات التي تعترض البلدين.

ونوه مصعب إلى أن حزب الأمة من الأحزاب الكبيرة، وأنه جاء الوقت الذي يمكن للحزب أن يضع بصمته حلاً وتجسيراً للفوارق السياسية داخل وخارج البلاد فيما يتعلق بالسودان. وقال: لا أعتقد أن أمر الدعوة التي قُدمت للمهدي تتجاوز الشأن السوداني للشأن الجنوبي المحض، وذلك لأن الجنوب وحكومته الآن رهن المنبر الذي يعمل لحل المشكلة السودانية، والذي أعلنت جوبا استضافته ضمن دول عدة تقدمت بطلباتها لاستضافته مثل يوغندا وكينيا وغيرهما.

ولم يستبعد مصطفى أن يكون للحركات المسلحة أو الحركة الشعبية شمال، مجموعة الحلو التي تحاور بأمر واسم المنطقيتن أن ترفض المقترحات التي يمكن أن يتقدم بها الإمام لجهة أن أمر الدعوة لا يمكن أن يكون قد تم دون استصحاب جوبا لرأي الحلو في هذا الشأن، مشيراً بذلك للدور الذي قامت به بعض الأحزاب ووصولها لمنبر جوبا دون سابق دعوة كالاتحادي الديمقراطي الأصل، ورغم ذلك قال عمر إن الحلول التي وضعتها على المنضدة كانت محل ثقة وتقدير لدى أطراف التفاوض.

تحالفات خفية

ويقول المحلل السياسي د. معتصم أحمد الحاج لـ(الصيحة) إن الصادق ليس بمقدوره أن يفعل شيئاً حيال التعقيدات التي تعترض منبر جوبا، ولا يستطيع النجاح إطلاقاً، وقال: ما يحدث في جوبا نوع من التحالفات الخفية لمرحلة قادمة والتي تشارك فيها أطراف دولية كثيرة لقطع الطريق أمام ثورة ديسمبر.

وقال إن ما يجري بجوبا غير مبشر، وفيه مزايدات كثيرة، وإن كثيراً من القضايا تحسم في مؤتمر دستوري، وأرجع نجاح الحلول بالسعي لحل الأزمات من الداخل. وتساءل الحاج عن عدم القول بمثل هذا المقترح (مؤتمر دستوري) في الوقت الذي لا يجد ما يهدد قيامه بالداخل، مؤكداً أن الذي يجري نوع من المزايدات لعدم الوصول لآي اتفاق، مشيراً إلى قضايا الهوية والدين وغيرهما وقال إن الثوابت لا يمكن أن توضع في فترة انتقالية محضة، مؤكداً أن القضايا الرئيسة الدين والدولة إنما تُحسم في مؤتمر دستوري، وأكد أن الالتفاف حول بعض الكلمات والعبارات ليس لها أي اتفاق ومدلولات، مشيراً بذلك لما يدور حول كلمة علمانية التي لا يوجد لها معنى قطعي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى