ا.إبراهيم محمد إبراهيم يكتب.. دولة البحر والنهر (لا لتقسيم السوان)

انتشرت هذه الايام بعض الاقلام الصحفية وبعض نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي تنادي وتدعو لفصل جزء كبير من بلادنا الحبيبة ما تسمى بدولة  النهر والبحر هذه الدعوة قد ذاع صيتها وشاع أمرها، والناس في هذه القضية تتعددت دوافعهم وتختلف مشاربهم فمنهم من يدعوه الى ذلك شفقة على اهله من الظلم والاطهاد وغياب الامن خصوصا بعد احداث سوبا مؤخرا. ومنهم من  يحمله على ذلك مما يرى من تنمُّر البعض وشدة حملته على أهل الشمال والوسط، وتحميلهم أوزار ما كان من مآساة وأهوال، وتخلف عانت منه البلاد كلها بغير استثناء.

  • ومنهم من يواجه السيئة بمثلها، هديُه في ذلك شعار الجاهلية: كما قال الناظم* ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا *
  • ومنهم شعوبيون عنصريون توجههم نظرة استعلائية حين يحسبون أنفسهم من طينة غير طينة البشر، وهم غافلون عن قوله تعالى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
  • ومنهم من تحركه جهات أجنبية لا تريد بالبلاد وأهلها خيراً، بل هم أحجار على رقعة الشطرنج، ومنفِّذون لخطط لا يعلمون في الغالب مآلاتها. ومنهم ارباب فتن ابتلاهم الله سبحانه وتعالى بحب السلطة والاستبداد السياسي من بعض منسوبي النظام البائد لا يعجبهم استقرار السودان جل همهم كرسي السلطة ولو على حساب دماء اوارواح هذا الشعب المغلوب على امره .

والذي أود بيانه في هذه المساحة.. تجولت في كثير من ولايات السودان بحكم العمل الدعوى زرت كثيير المدن الشمالية.. من وادي حلفا وابري ودلقو وكل مناطق المحس.. ودنقلا.. وكريمة… ومروي  وابو حمد.. بلاد الرباطاب وزرت كثير من مدن ولاية نهر النيل عطبره.. والدامر.. وشندي لن اجد الا الاحترام والكرم وطيب المعشر وسماحة الأخلاق.. زرت شرق السودان.. كسلا.. بورتسوان.. القضارف.. وجدت الاحترام والتقدير ونفس صفات اهل الشمال. وهكذا اهلنا في الجزيرة والنيل الابيض وسنار والنيل الازرق وكردفان ودارفور منذ اكثر من قرن.

عدد كبير من التجار الشمالين في ولايات دارفور تزوجو من مل القبائل الدرافورية وجنوب كردفان وبقية مدن غرب السودان. ونسبة كبيرة من قبائل دارفور مستطونين في المدن الشمالية تزوجوا وتصاهرو.. مع الشمالين. سيما مناطق تعدين الذهب العشوائي  يجدون كل الاحترام والتقدير.

اذ  اواصر الصلة والاخاء ثمة كل اهل السوادن. اذا السياسين كفو ايديهم والسنتهم عنا. هذه الدعوة الانفصاليه آثمة بغير شك، وذلك لما يترتب عليها من تفريق الكلمة وتشتيت الصف، وإذكاء نار العنصرية والقبلية، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليس منا من دعا إلى عصبية، أو قاتل على عصبية) وقال (الناس كلهم لآدم وآدم من تراب) وقال (ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لأحمر على أسود إلا بتقوى الله) ثم أن الأدلة القطعية جاءت آمرة بالوحدة والاتفاق والتعاون على البر والتقوى بين سائر المسلمين، وابناء الوطن الواحد والنبي عليه الصلاة والسلام يقول (المسلم أخو المسلم، و المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، وهذه الدعوات التي تريد تجزئة البلاد وتشطيرها. قد تجهل هذه النصوص ولا عزاء لفقدنا جنوب السودان وخيراته

التفرُّق عنوان الفشل، والتجزئة بداية الوهن؛ وقد خاطبنا ربنا سبحانه بقوله (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم). فكل من يدعو بهذه الدعوة ويروج لتلك الفرقة فهو معين لأولئك الأعداء شاءأم أبى علم أم جهل ثم

النظر إلى المآلات يؤدي بنا إلى القول بحرمة مثل هذه الدعوات، وذلك من وجوه:

أ‌. هذا التقسيم مؤذي بضعف الإسلام وأهله لا قوتهم، وتفريقهم لا جمعهم لرأيهم، ويكون كل همهم الحفاظ على ما نالوا من لعاعة الدنيا من ثرواة او مناصب أو جاه أو مال.

أن الواجب على الموطنين المسلمين في السودان أن يتنادوا إلى كلمة سواء، وأن يعملوا على وحدة تجمع شتاتهم وتوحد صفوفهم؛ لأن ذلك أمر الدين ومقتضى المصلحة، ونحن في عالم يتعاون عقلاء أهله – على ما بينهم من تباين واختلاف من أجل بلوغ ما يريدون من مصالح العباد.

هذا وإني ناصحا لإخواني هؤلاء ممن يروجون لتلك الدعوة، أقول لهم: لا يحملنكم ما سمعتم من نعرات عنصرية تصدر عن بعض الناس على مواجهتها بمثلها؛ فإن الله تعالى لا يمحو الخبيث بالخبيث، ولكن يمحو الخبيث بالطيب، والخطأ لا يعالج بالخطأ، والدم لا يطهره البول، ورحم الله امرأ لم يجعل من نفسه عوناً للشيطان في بلوغ مآربه؛ وإن علينا تذكير الناس بأن ما يحدث من خلافات أحياناً قد تحدث بين أهل البيت الواحد والعائلة الواحدة والقبيلة الواحدة، ولو كان الناس كلما نشب خلاف دعا داعيهم إلى الانفصال لما بقيت لهم باقية، ونصيحتي للحكومة الاسراع في تنفيذ ملفات  الترتيبات الامنية مع الحركات المسلحة.لان ذلك يحسم لها كثير من المعضلات والفتن. وعلى اخواننا في الحركات المسلحة مراعاة وضع البلد ومعاناة المواطن السوداني ولا بد من احترام القانون. والوطن للجميع ليس لجهة أو قبيلة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى