عبقرية غنائية قل أن يجود بها الزمان: أحمد ربشة.. الصومالي الذي غير معالم الغناء في السودان!!

 

 

ذكريات يستدعيها: سراج الدين مصطفى

مدخل مهم:

(أحمد ربشة أذا كان مصرياً او من أي دولة عربية لتفوق عليهم. كل العرب، (أبدا من محمد عبده وانت ماشي) هكذا لخص الموسيقار يوسف الموصلي كل التواصيف عن الفنان الراحل أحمد ربشة.. هذا الرجل الذي جأ كالطيف ليدرس الموسيقي في السودان ولكنه أصبح سودانياً محضاً وكأنه ولد على ضفاف هذا النيل أو في سهوب وسهول البطانة.. وضع ربشة بصمته في الغناء السوداني، بل يمكن أن نعتبره هو قائد كل الأجيال الغنائية والمدارس الجديدة التي أعقبت محمد وردي ومحمد الأمين.. ولكن رغم الإضافات التي أسداها الرجل للغناء والموسيقي والطرائق الأدائية التي أبتدعها ظلت سيرته الذاتية مجهولة التفاصيل.. في هذه الحلقة نحاول مجردة المحاولة للتوثيق لهذا العلامة..

(1)

تقول بطاقته الشخصية أنه أحمد عوض سالم، الشهير بأحمد ربشة، يمني المنبت، صومالي النشأة والثقافة. وتقول بطاقته الإبداعية أنه عبقرية غنائية قل أن يجود بها الزمان. وما بين بطاقته الشخصية ومحتوياتها الثقافية المتنوعة وبطاقته الإبداعية، توطنت تجربة فنية غنية في أرض السودان فكانت أحمد ربشة السوداني الابداع والملمح. . وربشة أحد ضحايا الانقطاعات التاريخية التي يعاني منها – وما زال- الإبداع السوداني من جهل بالتوثيق وبأهمية النقد الفني المرسخ للتجارب والمموضع لها في الذاكرة الجمعية. يشهد له كل من عاصره بعبقريته وبصمته الواضحة في ملامح الأغنية المعاصرة، ولا يتحرج البعض من وصفه بأبو الأغنية المعاصرة، ومع ذلك، ومن عجب، لا تعرفه الغالبية العظمى من أهل السودان رغم اسهامه الغني في صياغة وجدانها!!. كيف ولماذا كان كل ذلك؟ هذا هو السؤال المحرق الذي طالما سيطر وهجس بكاتب هذه السطور، حتى كانت هذه المحاولة لطرق باب الصمت من جهة، ولمحاولة رصف الذاكرة من جديد في محاولة متواضعة لرد الاعتبار لقامة فنية شامخة اثرت الوجدان السوداني بتجربة مضيئة ما زال تأثيرها ماثلا في لونية الغناء المعاصر منذ مطلع السبعينات وحتى راهن اللحظة وان كان بدرجات متفاوتة.

(2)

كثر هم الذين ثمنوا تجربته ووصوفوها بالتميز والخصوصية. وأثمن الشهادات بالطبع هي التي تأتي من رفقاء الدرب. يصف الموسيقار يوسف الموصلي سيرته الذاتية وتجربته الإبداعية بالآتي: أحمد ربشة من الدفعة الخامسة قسم الموسيقى بالمعهد العالي للموسيقى والمسرح والتي ضمت ان لم تخني الذاكرة هاديه طلسم بيانو عمر الشاعر بيانو الفاتح كسلاوي عود مفاتن حسن بيانو عواطف حسن بيانو ليلى بسطاوي  غدادي بيانو فيصل سيد امام كنتراباص عبد الواحد عبد الله كمان عز الدين فضل الله كمان يوسف القديل تشيلو عبد الحفيظ عثمان كلارنيت السمؤل فضل ترامبيت محمد حميدة غناء شادية جنيدابي تشيلو السر المقدم كلارنيت ثم عازف ساكس اسف لنسيان الاسم الفاتح يس كنراباص عبد العزيز المبارك غناء اسماعيل عبد الرحيم كمان اسماعيل ابوبكر كمان احمد ربشه تأليف درديري محمد الشيخ تاليف يوسف الموصلي تأليف.

(3)

ويواصل يوسف الموصلي مسترسلا في ذكر اسهامه الابداعي: “لمن لا يعرف احمد ربشه عن قرب أقول لوكان ربشة سودانيا لما كان له مثيل الا القليل.. ولو كان مصرياً أو من أي دولة عربية لتفوق عليهم.. كل العرب، (أبدا من محمد عبده وأنت ماشي)!!! صدقوني هذا حديث القلب بلا عاطفة أو أحزان سوى حزننا الكبير على التقصير في حق هذا العبقري الذي تركناه يرحل في صمت غريب.

(4)

أكاديميا كان من المتفوقين، وحتى الآن لم يظهر لدينا من يعزف التوافق الصوتي على العود كما فعل ربشة. عزفاً، كان من أروعهم، كمؤلف لم تأسرني أغنية في العشرين سنة الأخيرة كما أسرتني أغنية (وتسألين). من من لم يحبه من الفنانين كفنان؟ كلنا احبيناه وقد كان ثلاثتنا ابوعركي ومصطفى وشخصي نستمتع بغنائه وتأليفه وقد تأثر بأسلوبه الكثير من المؤثرين في ساحتنا الفنية. علمنا الاستماع إلى “بول موريه”، ولمن لا يعرفون، فإن بول موريه فنان فرنسي تفوق على جميس لاست في التوزيع الأوركسترالي. ويقول عنه الفنان الكبير حمزة سليمان: “فى زمن باكر فتنت بهذا الأداء كنت أغنى مثله وأعزف عود بنفس الأسلوب. كان مثلاً رائعاً لى.. ذهبت الى الإذاعة لأغتنى له شريط ولا أنكر أنني كنت أغني مثله من فرط تأثري به.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى