قضية.. تجمع قرى السلام  بمحلية جنوب القضارف.. إنهم يعيشون  في  عصور القرون الوسطى!

أكثر من (20) قرية  تفتقر للخدمات الأساسية من ماء وكهرباء ومستشفيات وطرق مسفلتة وكبارٍ وتنقطع عن العالم في الخريف!

القرى تقدم للبلاد إنتاجية عالية جداً من الحبوب الغذائية   كالسمسم والذرة والقمح، بيد أن حظها من التنمية صفر كبير!

القرى  تدعم الخزينة العامة بالعملة الصعبة وجعلت   القضارف تتبوأ المرتبة الأولى والأعلى إنتاجاً للسمسم  في السودان ولكن!

قرية  قلبي لا توجد بها مستشفى أو مركز صحي   وبها (نقطة غيار) تم إنشاؤها في  عهد  الاستعمار الإنجليزي!

المواطنون: مافيا المؤتمر الوطني وفلول النظام البائد  تتحكم وتحكم ولاية القضارف وتتاجر في معاناتنا!

لو رصف القمح الذي تنتجه قرى السلام  على الأرض من هنا إلى الخرطوم لأصبح شارع زلط وحده!

الحوامل يتوفين قبل الوصول للمستشفيات البعيدة ونطالب  بالتنمية والخدمات وإبعاد فلول النظام البائد من هرم السلطة!

القضارف: بهاء الدين قمرالدين

القرون الوسطى!

يعيش مواطنو  تجمع قرى  السلام التي تضم أكثر من (20) قرية، بمحلية جنوب القضارف التابعة  لمدينة الفاو، يعيشون أوضاعاً إنسانية وحياتية قاهرة، تنعدم فيها أبسط مقومات الحياة والعيش الكريم، حيث تفتقر هذه القرى للخدمات الأساسية من ماء وكهرباء ومستشفيات وطرق مسفلتة وكبارٍ، وغيرها من المقومات الأساسية للحياة, والزائر   لهذه القرى يحس أنه يعيش حياة الكهوف والعصر الحجري والقرون الوسطى، وتنقطع هذه القرى عن العالم والحياة  تماماً حينما تهطل الأمطار في فصل الخريف ويصبح الدخول والخروج منها مستحيلاً!

إنتاج وفير!

على الرغم من أن هذه القرى تقدم للبلاد إنتاجية عالية جدًا من الحبوب الغذائية مثل  السمسم والذرة والقمح وغيرها ، جعلت ولاية القضارف تتبوأ المرتبة الأولى والأعلى إنتاجاً في السودان, ولكن رغم ذلك فإنها تفتقر لأبسط مقومات الحياة. الصيحة زارت تلك القرى ونقلت معاناة مواطنيها على ألسنتهم وبالصورة والقلم.

لا طرق ولا كهرباء ولا ماء!

كانت أولى محطاتنا عند زيارتنا لقرى محلية جنوب القضارف قرية (قلبي) وهي قرية كبيرة تمثل مشروعاً زراعياً كبيرًا يمتد مئات الأميال، يزرع فيها السمسم بكميات كبيرة، بجانب المحصولات الاخرى مثل الدخن والقمح, ولكن رغم ذلك فإنها تفتقر لأبسط مقومات وأساسيات الحياة، ولا توجد بها خطوط للإمداد الكهربائي وخطوط مياه, وتفتقر للطرق المسفلتة, وفي فصل الخريف الذي زرناها فيه تنقطع عن العالم تماماً  ويصبح الدخول إليها أو الخروج منها ضرباً من المستحيل وقطعة من الجحيم والعذاب!

سودان مصغر!

وقرية قلبي تمثل نموذجاً مصغراً  لسودان السلام والانصهار والتمازج؛  حيث تقطنها كل قبائل السودان من الغرب والشرق والشمال والجنوب وأهلها أصبحوا جراء التصاهر والتزاوج جسدًا وقلباً وكياناً واحداً، وتدخل القرية ضمن منظومة ما يعرف بتجمع قرى السلام الذي يضم أكثر من عشرين قرية في جنوب القضارف، تتشابه كلها في المعاناة والعذاب والافتقار للخدمات الأساسية!

ظلم وتهميش!

الأستاذ محمد الشريف الدسيس أحد أعيان قرية قلبي والمعلم والنقابي المعروف في ولاية القضارف، قال للصيحة إن قرية قلبي وبقية قرى السلام ظلت تعاني من ثالوث الافتقار للخدمات والتهميش والظلم  طوال ثلاثين عاماً  من عمر النظام البائد، ولا توجد بها خطوط الإمداد المائي والكهربائي  والشوارع المسفلتة، على الرغم من الإنتاجية الضخمة والكبيرة من المحصولات الزراعية والغلال والمنتجات الغذائية التي ظلت تقدمها للولاية وترفد وتنعش بها خزينة الدولة بالعملات الصعبة, بيد أن حظها من التنمية صفر  كبير  حسب وصفه!

مدرسة ومستشفى!

وناشد الأستاذ مرعي الشريف  الدسيس رئيس لجان المقاومة والخدمات بقلبي في حديثه للصحيفة حكومة الولاية والحكومة المركزية بتوفير الخدمات الأساسية للقرية وإنشاء الطرق المعبدة والمدارس والمستشفيات والمراكز الصحية لتلقي العلاج، كاشفاً أن القرية لا توجد بها مستشفى أو مركز صحي متكامل وتوجد بها (نقطة غيار) واحدة تم إنشاؤها من زمن الاستعمار الانجليزي، لافتاً إلى معاناة الأهالي في سبيل الحصول على العلاج وأن الحوامل يتوفين قبل الوصول إلى المستشفيات البعيدة بالفاو والقضارف بسبب وعورة الطريق!

شدي حيلك يا قطاطي!

بعد ذلك قمنا بالطواف على منظومة قرى تجمع السلام بمحلية جنوب القضارف, والتي تشمل (بيلا  ومكرندو، وقرين وبيلا وحلة مالك والمفازة وأم رخم وأخريات), ووجدناها صورة طبق الأصل ونسخة (كوبي آندبيست) من قرية قلبي، ذات الملامح من الفقر والافقار والبؤس وانعدام الخدمات الضرورية من طرق مسفلتة ومستشفيات ومدارس وكهرباء وماء, وتختلف الأسماء لكن المعاناة واحدة, وهي قرى رسم واختط الفقر ملامحها، مبانيها جميلة وبسيطة وأنيقة تتكون من (القطاطي) التي تبنى قواعدها السفلى من الطين وأعاليها من القش في شكل مثلث دائري  تتواءم مع الطبيعة وتقاوم الأمطار، بيد أن قلوب أهلها نقية بيضاء اكثر اتساعًا  أنقى  حباً ومودة، وهي تجسد قول الشاعر: يا بيوت الطين أقيفي .. وشدي حيلك يا قطاطي!

مافيا فلول الإنقاذ!

المهندس عمر علي أبكر من قرية (مكرندو) قال للصيحفة إن هنالك مافيا من فلول وبقايا النظام البائد تحكم وتتحكم في ولاية القضارف وتتاجر بمعاناة الأهالي, وتقف في طريق إنشاء أي مشروع تنمية وخدمات فى قرى جنوب القضارف، لأنه  إذا حدثت فيها تنمية وتطوير فإنها تقفز الى مصاف المدن الكبرى في السودان وتنتهي معاناة أهلها للأبد, وهذه المافيا تعطل مشروعات التنمية فيها لأنها تستفيد من ورائها  وتحقق مكاسب كبيرة، حيث يدخلون البضائع في فترة الخريف لتلك القرى ويقومون ببيعها للأهالي بأسعار باهظة جداً، كما أنهم يضاعفون أسعار التذاكر للعربات من وإلى قرى السلام خلال فترة الخريف, ويحققون بكل ذلك مكاسب كبيرة؛ وقال: للأسف إن هذا اللوبي من بقايا فلول النظام البائد هو الذي يحكم ولاية القضارف ويتحكم في مصائر أهلها  في عهد حكومة الثورة اليوم حسب وجهة نظره!

السمسم شارع زلط!

الطبيبة فتحية نورين من قرية حلة مالك، قالت إن قرى محلية جنوب القضارف ترفد خزينة الدولة بالعملة الصعبة وتدفع عجلة التنمية والخدمات فيها, بيد أنها رغم ذلك تحرم من أبسط مقومات ومشروعات التنمية، وأضافت: على رغم أن العالم اليوم اتجه إلى سياسة التنمية مقابل الخدمات، أي تهتم الدولة بمناطق الإنتاج وتوفر لها الخدمات الأساسية من طرق مسفلتة وكباري وخطوط سكة حديد بل وطائرات ومستشفيات ومراكز صحية وغيرها، مقابل ما تقدمه للوطن من إنتاجية ومحصولات تساهم في دفع عجلة التنمية وتقدم وتطور البلاد، بيد أننا في السودان هنا نهتم فقط بالمدن الكبرى والعواصم مثل الخرطوم وهي لا تقدم أي انتاجية ولا حتى حبة سمسم أو قمح واحدة للبلاد, ولكن رغم ذلك تفوز بحظ الأسد من التنمية، وأضافت الطبيبة نورين: لو رصف القمح الذي تنتجه قرى جنوب القضارف على الأرض من هنا إلى العاصمة القومية لأصبح شارع زلط وحده، لذلك نحن نطالب بإقامة مشروعات تنمية وخدمات فيها إنصافاً لأهلها ورفعاً للظلم والتهميش, ودفعًا لعلاجات التنمية فيها لأنك كلما نميت مناطق الإنتاج تقفز بالإنتاجية حسب وجهة نظرها!

التنمية وإبعاد الفلول!

الأستاذ المحامي عب دالحليم طه، والدكتور عمر آدم، والأستاذة وسيلة عبد الرحمن والأستاذ عبد الله الصافي, والأستاذة بخيتة عبد الرحمن يوسف الزاكي، من قرى السلام بجنوب القضارف، لخصوا حل مشاكل قرى محلية جنوب القضارف في إقامة مشروعات التنمية والخدمات بكل هذه القرى المنتجة والمظلومة والمهمشة من قبل النظام البائد، فضلاً عن إبعاد من أسموهم بفلول وأذيال النظام المباد الذين لا يزالون يتحكمون فيها ويتاجرون بمعاناة أهلها ويشربون دماءهم وعرقهم حسب وجهة نظرهم!

المحلية مغلقة!

بعد ذلك حملنا أوراقنا وتوجهنا صوب رئاسة محلية الفاو التي تتبع لها قرى السلام، لمقابلة المسؤولين هناك وطرح مشاكل الأهالي، وعندما وصلنا وجدنا أبواب المحلية مغلقة بالضبة والمفتاح وعندما سألنا الخفير الذي كان يجلس تحت ظل شجرة داخل المحلية، قال لنا إنه لا يوجد مسؤولون والمحلية مغلقة منذ فترة طويلة، لأنه لم يتم تعيين معتمد أو مسؤول من قبل حكومة الثورة حتى اللحظة!

من المحرر:

كانت تلك عزيزي القارئ معاناة أهالي ومواطني قرى محلية جنوب القضارف التي تقدم للبلاد الخيرات الوفيرة والإنتاجية العالية من المحاصيل الزراعية وترفد خزينة الدولة بالعملة الصعبة، لكن رغم ذلك  فإن حظها من التنمية صفر كبير, ونحن نضم صوتنا إلى صوت  الأهالي ونطالب بإقامة مشروعات التنمية والخدمات فيها، ورفع الظلم عنها، وقبل ذلك كله إبعاد فلول النظام السابق الذين يتحكمون فيها وفي مصائر أهلها, وأيضا نطالب  بتعيين مسؤولين في المحلية يديرون شؤونها، فهي قدمت للبلاد  الكثير وآن الأوان لرفع الظلم  عنها!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى