عبدالله مسار يكتب : مستشفى الحوادث أو الطوارئ (مدني)

مدني هي عاصمة ولاية الجزيرة، وهي المدينة الثانية من بعد الخرطوم, وهي قلب مشروع الجزيرة، وهي منطقة الوعي الثانية ولاية الجزيرة هي الولاية الثانية او الثالثة، حيث يتنافسان مع ولاية جنوب دارفور في تعداد السودان،  وهي بلد دخلها العلم مبكراً وظهر منها فحول الشعراء والمبدعون والقادة  أحمد خير المحامي ومنها الشريف حسين الهندي ومنها  بروف عبد الرحمن علي طه،  ومنها.   القائمة تطول،  ومنها لفيف من شهداء المهدية  والثوار، وهي ولاية صرة السودان ومصدر إشعاع حضاري وثقافي واجتماعي كبير، بل هي بيت مال ضخم.

بعد كل هذه المقدمة،  شاهدت فيديو صوّره أحد الإخوان من ولاية الجزيرة  لمستشفى الطوارئ او الحوادث في مدني عاصمة ولاية الجزيرة، وهو فيديو اقل ما يقال عنه انه صادم ومأساوي، حيث عرض المستشفى وخاصة النفايات الطبية ومكباتها والصرف الصحي الذي دخل حجرة مدير المستشفى عبر  تكييفه.

وهذه الحالة تدل على إهمال كبير في هذا المستشفى، بل عدم مبالاة, وتدل على عدم وجود مسؤولين قائمين على امره وعلى امر الصحة بولاية الجزيرة, بل تدل على عدم وجود والٍ وحكومة في ولاية الجزيرة وهي نموذج للإهمال الذي ضرب الخدمات في السودان وخاصة في الصحة والتعليم   والمياه والطرق والبنى التحتية، واعتقد، مرفقا الصحة والتعليم في السودان  هما الدليلان على ضعف الخدمات العامة في السودان، بل هما دليلان على عدم وجود حكومة قومية أو ولائية وهما دليلان على ضعف المتابعة والمراقبة للحياة العامة ومرافق الدولة في السودان، بل هما دليلان على ضعف العمل التنفيذي لهذه الأجهزة، وهذا ما ظل يتحدث عنه كل ذي بال أن حكامنا موظفون صغار في مكاتب الدولة  كلهم، البيت المكتب وبالعكس، لا يتفقدون أماكن خدمات عامة، ولا يذهبون الى الأسواق،  ولا ينظرون رغيفاً في فرن، ولا يقفون في محل جزارة، ولا يمرون على مدرسة، ولا يرتادون مستشفىً حكومياً او مصحة، ولا يقفون على مورد مياه،  ويمرون حتى في الشوارع مرور الكرام  وإن رأوا لا يتدخلون بالعلاج.

ان منظر مستشفى مدني للطوارئ،  امرٌ غاية من الغرابة ليس لمسؤول يعمل في دولة صقر الجديان هذه ولا ينظر الى هذا العفن والمرض الذي يزيد له المرض وليس للمواطن وحده.

إن منظر المستشفى أمر  مقزز  ودليل  ضعف تراكمي لهذه الحكومة الفاشلة  في المركز او الولايات.

الخدمات في السودان تردّت لأبعد الحدود ووصلت درجة الحضيض  في فترة حكام الغفلة هؤلاء. هل يستقيم  الوضع هكذا واذا كانت هذه مدني كيف بالضغين والفولة  والدمازين؟  اعتقد ان الخدمات تردّت لدرجة لا يتصوّرها بشر وبل انعدمت في أماكن كثيرة في التعليم والصحة والبنى التحتية  حتى المظهر العام.

أعتقد ان كثيرا من الخدمات صارت في خبر كان،  بل انعدم الدواء في أغلب الصيدليات  والمدارس، العام  الدراسي خرج ولم يعد وكل موظف وعامل يجأر بالشكوى من سوء الحال والمال،  فلا مرتبات تسد رَمقاً، ولا بيئة عمل تساعد العامل والموظف على أداء العمل،  ولا المواطن يشعر أنه  مواطن في دولته،   واختلط الحابل بالنابل  حتى حن الناس للقديم الذي ثاروا عليه.

المسؤول الآن  وزيراً او مسؤولاً حكومياً كبيراً لا تجده في بيت عزاء أو في دافنة أو زائر لمريض أو مشارك في فرح وعقد قِران. لا يعرف أحد في السودان بيوت الوزراء،  واعتقد أنهم يسكنون في فنادق.

على العموم، إنها كارثة وفجيعة ألمت بهذا الشعب السوداني الفضل.

إن منظر مستشفى الحوادث او الطوارئ في مدني  دليلٌ  يؤكد اننا في دولة السودان فقدنا الإحساس بالمسؤولية  والقادم أسوأ،  ونحن نعيش زمن المجهول،  زمن شماعات الدولة العميقة والكيزان والفلول.

يا والي الجزيرة،  هل معقول تستطيع النوم وهذا حال خدمات المواطنين الذين أنت والٍ عليهم وجاءت  بك ثورة؟!  يا وزير الصحة هل معقول أنت مسؤول وتأخذ مرتباً من دولة  السودان؟!  يا رئيس الوزراء د. حمدوك أنت حاكم كل السودان وليس مثلث (أوزون) هذه  الحلال الثلاثة  وحتى الحلال الثلاثة حدث ولا حرج،  انها المأساة  (جينا مكة تكسينا شالت طواقينا).

شُكراً للأخ الذي صوّر الفيديو على الأقل أرضى ضميره،  وكم من مؤسسة في السودان كمستشفى الحوادث في مدني ولم تجد من يُصوِّرها،  وحتى بعد نشر هذا الفيديو هل سيجد مسؤولاً يهتم  ويعالج ويكون موعظة وسبباً لحراك مسؤولي الدولة.؟

نَنتظر لنرى ولنا عودة

تحياتي،،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى