اطّلعت عليه الـ”إف بي آي”.. “أرشيف الأمن”.. أسرار السودان في العراء!

الخرطوم ــ الطيب محمد خير

أشعلت المفاجأة التي فجرها موقع “آفريكا إنتليجنس” المختص بشؤون الاستخبارات في أفريقيا، الرأي العام السوداني بكشفه عن حصول ثلاثة من كبار الضباط  يتبعون لمكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكية (إ ف بي آي) على إذن خاص من السلطات السودانية، أثناء زيارتهم للخرطوم في 26 يوليو الماضي بالاطلاع بشكل إنتقائي على أرشيف جهاز الأمن الخاص بفترة الرئيس المخلوع عمر البشير، غير أن الموقع الذي أورد الخبر الذي تناقلته الصحف السودانية في عناونيها الافتتاحية “أمس” الخميس لم يعط معلومات تفصيلية عن الملامح العامة والخطوط العريضة للإطار التعاوني وحجمه الذي حصل بموجبه هؤلاء الضباط على إذن الاطلاع على الأرشيف الخاص بجهاز الأمن في الفترة السابقة الذي تحاول العديد من أجهزة الاستخبارات الإقليمية والعالمية الوصول إليه منذ فترة.

لا معلومات

واكتفى الموقع بالإشار إلى أن مبعوثي التحقيقات الفيدرالية الأمريكية التقوا وزير الداخلية، الفريق أول عز الدين الشيخ ومدير الشرطة السودانية الفريق أول خالد مهدي، وعرضوا المساعدة على الحكومة السودانية والتعاون معها خلال المرحلة الانتقالية، وأشار إلى أن جهاز الأمن والمخابرات الوطني، أبدى رغبة في مساعدة مكتب التحقيقات الفيدرالي في عدد من تحقيقات مكافحة الإرهاب.

بداية التعاون

لكن من المعتاد في الأعراف الدولية أن تتعاون أجهزة المخابرات مع بعضها البعض بشكل شرعي وقانوني لتعزيز أمن بلادها، والمعروف تاريخًيا أن علاقة التعاون الاستخباراتي بين السودان والولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب بدأت خلال إدارة الرئيس الأميركي السابق بيل كلنتون وتعززت في عهد الرئيس جورج بوش الإبن بعد هجوم 11 سبتمبر سنة (2001) وظلت الخرطوم تسعى بقوة لكي تصبح لاعبًا إقليميًا هامًا في الحرب على الإرهاب ودورًا كبيراً في مكافحة الإرهاب بتقديمه معلومات حيوية للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في وكالات الاستخبارات عن أنشطة الجماعات الإسلامية وكوادرها خاصة في عهد الفريق أول أمن صلاح عبد الله “قوش” الذي عين في عام 2004 مديراً لجهاز الأمن والمخابرات الوطني والذي شهد عهده انفتاحاً كبيرًا في العلاقات المخابراتية بين السودان وأمريكا ما أدى لفتح “نفاجات” في العلاقات التي كانت موصدة بين البلدين.

سؤال!

وفي مقابل ما كشف عنه موقع أفريكا إنتليجنس المختص بشؤون الاستخبارات في أفريقيا، يقف السؤال الأهم ما الذي تحصل عليه السودان في مقابل فتح مخازن أسراره لوكالة الأمن القومي الأمريكية وما هو الأثر الذي تتركه الهبة المقدمة من قبل الحكومة وسط الرأي العام الوطني وشكل صورة السودان أمام العالم، هذه المسألة في حاجة إلى مزيد من التوضيح والتوسّع.

تعاون

وقال الخبير في العلاقات الدولية السفير د. الرشيد أبوشامة لـ(الصيحة) إنه من المعروف أن كل أجهزة المخابرات في العالم تتعامل مع  بعضها في تبادل المعلومات، وبالتالي مبدأ التعاون بين المؤسسات الإقليمية في الجانب الاستخباري وارد هذا من جهة ومن جانب آخر الآن الحكومة الانتقالية السودانية في حاجة للولايات المتحدة الأمريكية لمساعدتها في الحصول على تسهيلات لإعادة دمجها في المجتمع الدولي في جانب حصولها على مساعدات وقروض من البنك الدولي وصندوق النقد لذلك ليس بمستغرب أن يحدث تعاون في حدود المعقول.

وأشار أبو أبوشامة إلى أن إمكانية إخفاء الأجهزة الأمنية بعض المعلومات ذات الخصوصية ولا أتصور أن يتم السماح بالاطلاع على كل الملعلومات، وفي نفس الوقت يمكن إطلاعهم على بعض المعلومات الخاصة بالنظام السابق في جانب علاقاته التي تلي جانب الجماعات الإرهابية، ولا أعتقد أن الحكومة الانتقالية تتعاطف مع النظام السابق وتخفي معلومات تدينه في جانب الإرهاب حتى تبرئ ساحة السودان من أنه يخفي معلومات عن الجماعات الإرهابية والأمريكان يريدون معرفة كل معلومة متعلقة بالإرهاب.

اختراق للأمن

من جانبه استنكر رئيس حزب الأمة القومي الفريق فضل الله برمة ناصر السماح لوكالة الأمن القومي الأمريكية بالاطلاع على أرشيف جهاز الأمن والمخابرات السوداني، وقال برمة في حديث لـ(الصيحة): هذا يعتبر اختراقاً صريحاً للأمن القومي السوداني ولا يصح السكوت عليه ويستوجب فتح تحقيق مباشر وشفاف ومساءلة قانونية إن صح ما أورده الموقع من معلومات.

استنكار

فيما اكتفي الخبير المختص في دراسات الشرق الأوسط وأفريقيا السفير محمد الحسن الركابي بوصف الخبر بأن ما تضمنه من معلومات أمر لا يقبله العقل، مستنكراً أن يسمح جهاز مخابرات بفتح أرشيفه وخزائن أسراره لجهات استخبارية لتطلع على ما تحويه من معلومات لجهة أن هذا عمل يجافي كل الأعراف المعمول بها في العمل الاستخباري، وزاد: بل غير مسموح به.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى